الرأي

نساء الأفلان ونساء الأرسيدي!

قادة بن عمار
  • 3264
  • 18
ح.م

 منح حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية “الأرسيدي” وزعيمه محسن بلعباس فرصة جديدة للنظام من أجل “العيش بسلام” فترة أخرى قد تمتد إلى الرئاسيات وذلك بعد ما رمى بقنبلة “المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى” إلى المجتمع فسارعت بعض القوى المنتمية للتيار الإسلامي لتلقي تلك التصريحات بفرح وسرور، ولتطلق هذا النقاش العقيم وبمشاركة الجميع دون حسيب ولا رقيب وبلا ضوابط.

الغريب أن حزب سعيد سعدي سابقاً استقبل عددا من النساء التونسيات اللواتي فشلن في إقناع التوانسة بفكرة المساواة فقررن تصديرها إلى الجزائر، في وقتٍ كان فيه حزب جبهة التحرير الوطني وزعيمه جمال ولد عباس يستقبل نساءً أخريات، هذه المرة من الاتحاد الذي ترأسه نورية حفصي “الأرنداوية” للإعلان عن مساندتهم المطلقة للعهدة الخامسة وبذلك يظهر الفرق بين الاجتماعين؛ فالأول يطالب بأمور لا تهمّ الجزائريين، على الأقل في الوقت الراهن، والثاني يُرتب بيته الداخلي من أجل المرور إلى مرحلة جديدة من الحكم المستمر!

الأمر المشترك الوحيد بين اجتماع نساء الأرسيدي ونساء الأفلان، أنهما لا يهتمان بالشعب، وفي مقدمته المرأة التي تعاني مثل الرجل هضمَ الحقوق وغياب التنمية ومرض الصحة وفساد التعليم، ضمن مساواة لا غبار عليها بين الجنسين، لكنها مساواة في الظلم والتهميش و”الحقرة” عبر الكثير من المناطق والولايات.

وإذا كان مفهوما أن الأفلان لم يعد يهتم بمشاكل الجزائريين منذ سنوات، فلا أمينه العام ولا قياداته تحركت عندما أُصيب الجزائريون بالكوليرا أو بالفيضانات، أو حتى عندما طالبوا بحقهم في التعليم والصحة والتنمية عموما، فإنه من غير المفهوم كيف أن حزبا “معارضا” مثل الأرسيدي يسعى إلى خلق معركة وهمية، كتلك التي أطلقها زعيمه السابق سعيد سعدي حول التعريب، وأيضا حول كتابة التاريخ قبل فترة، أو تلك التي يُنظّر لها محسن بلعباس حاليا بالكلام عن المساواة في الإرث رغم أن الردّ المناسب الذي كان يمكن للأرسيدي قوله للصحفيين أن المعركة الحالية هي معركة التغيير من أجل الحصول على حقوق الجزائريين جميعا وليس حقوق فئة على حساب أخرى.

إثارة مثل هذه المواضيع الشكلية والمعارك الوهمية في الساحة، وفي مثل هذا التوقيت، ومسارعة بعض القوى المضادة لتوجيه ردود فعل قوية نحوها، يؤكد مرة أخرى أن الساحة السياسية لم تنضج بعد، وبأننا وعلى الرغم من كل سنوات التعددية، لم نرتق بما فيه الكفاية بالفعل السياسي لما يتلاءم مع مطالب المواطنين، لا بل إن الشعب غالبا ما بات يتجاوز بوعيه هذه الطبقة السياسية ويفضح إفلاسها وآخر تلك المؤشرات ما قام به المحتجون في ورقلة حين خرجوا في مظاهرات سلمية دون حاجة إلى حزب أو برلمان، بل كان يكفيهم تأطيرٌ محلي للتحرر من الصمت ورفع صوتهم عاليا وبكل حرية وديمقراطية.

مقالات ذات صلة