-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
البروفيسور محمودي حسان من جامعة الشلف في حوار لـ"الشروق":

“نظام الألمدي أنجلوسكسوني ناجح.. والتفعيل يكون عبر برامج الابتعاث”

إبراهيم جزار
  • 1988
  • 9
“نظام الألمدي أنجلوسكسوني ناجح.. والتفعيل يكون عبر برامج الابتعاث”
ح.م

يقدم البروفيسور محمودي حسان عن جامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف في هذا الحوار المستفيض، جملة أراء وتصويبات حول فلسفة نظام الألمدي، تزامنا والحديث الكثير عن مدى ملاءمته للجامعة الجزائرية، كما يقدم ذات الأكاديمي جملة ملاحظات ونقائص شابت تطبيق النظام في الجزائر، انتهاء بالتقييم والحلول المقترحة.

يُطرح ملف نظام الألمدي ومدى نجاعته في َالرقي بالتعليم العالي في الجزائر، ماهي نظرتكم لهذا النظام بصفتك إطار في الجامعة الجزائرية وأحد الركائز المدافعة عنه؟

قرأت كما فعل الكثير من الجزائريين بعض المقالات الصحفية في عديد من الجرائد، والتي تدعوا صراحة لإيقاف نظام الألمدي واستبداله بالنظام القديم، بحجة أن نظام الألمدي غير قابل للتطبيق، وأنه مستورد من فرنسا، وفي هذا كثير من المغالطات.
أما نشأة نظام الألمدي ومساره الحقيقي، فهو نظام أنجلوسكسوني مطبق في إنجلترا وأمريكا قبل اعتماد الدول الأوربية له، كما هو الأمر بالنسبة لدول إفريقية عديدة (المستعمرات القديمة)، حيث وبعد أن قررت الدول الأوربية بالاجتماع تحت مظلة الاتحاد الأوربي والتعاون في مجالات الاقتصاد، السياسة، وغيرها، جاء دور التعليم العالي والبحث العلمي، أين تم خلال اجتماع بولونيا بإيطاليا سنة 1998 إنشاء فضاء جامعي أوربي في غضون سنة 2010، لضمان توحيد المعايير النوعية في الدرجات الأكاديمية.
ويعد الهدف من مشروع بولونيا هذا، جعل أوربا مقصدا للكفاءات العلمية ومساحة للتنافس العالمي في ميدان المعرفة والاقتصاد.
ما هو الفرق بين النظام الكلاسيكي ونظام الألمدي.
سأجيب عن سؤالك بطريقة تقنية:
نظام الألمدي جاء للقضاء على الطريقة التقليدية في التعليم المبنية على الإلقاء الخطابي (التلقين)، وتعويضها بطرق جديدة تعتمد على لغة مبسطة، موجزة وممنهجة تقرب المادة المعرفية وتشحن الهمة البحثية لدى الطالب في نفس الوقت، من خلال إثارة المهارات والكفاءات الفردية للطلبة أثناء العملية التَعَلُّمِية، ومن أوجه المقارنة على سبيل المثال لا الحصر، نجد النظام القديم يعتمد أساسا على هندسة سنوية للدروس، وهذا ما خالفه نظام الألمدي، حينما اعتمد أساسا على فكرة السداسيات المستقلة وغير القابلة للتعويض، أي أن النظام الجديد (الألمدي) حوَّل المدة الأساسية للتعليم من سنة إلى سداسي، وكل سداسي محدد بعدد معين من الأسابيع (تتراوح من 12 إلى 16 أسبوع)، بما في ذلك مدة الامتحان.

في نظرك أستاذ هل تطبيق نظام الألمدي تم بطريقة صحيحة؟

تطبيق الألمدي لم يكن بتلك الطريقة السليمة التي كانت ستضمن نجاحه بالوجه المطلوب، وحسب رأيي يمكن أن يكون السبب في ذلك ناتج عن جهل أو تقصير وقلة فهم بفلسفة النظام الجديد.
أعتقد جازما أنه من غير المعقول انتقاد النظام الذي نجح في دول العالم المتقدم ولم يؤت ثماره المطلوبة في الجزائر، ونتغافل في الوقت نفسه عن انتقاد الطريقة التي طبقنا بها هذا النظام في جامعاتنا.

حسب تقديراتكم كيف ترون الحل، وما هي النقاط المفصلية التي يمكن أن تكون نقطة انعطاف نحو الأحسن؟

الحل في نظري يكمن في تثمين وتعزيز المكتسبات المحققة، والعمل على تصحيح الأخطاء عن طريق الاقتداء بالتجارب الناجحة في الدول الأخرى عبر مشاركة الجامعة الجزائرية في برامج التعاون الأوروبي المختلفة، خاصة برنامج الإيراسميس، هاته البرامج تسمح ببعث طلبة، أساتذة وإداريين إلى الجامعات التي تنتمي إلى الدول الممولة للبرنامج، كما تسمح أيضا باستضافة طلبة، أساتذة وإداريين من تلك الجامعات. تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي هو من يتكفل بجميع التكاليف.

ما علاقة هاته البرامج بفلسفة نظام الألمدي؟

إن نظام الألمدي هو وليد الفكر الأنجلوسكسوني، ولا يتأتى نجاح نظام معين ما لم تُفهم فلسفته من أهله، وعلى هذا الأساس فإن الابتعاثات ستمكن الجميع من تطوير المعارف والمناهج بالنسبة للفئة الباحثة (طلبة-أساتذة)، واحترافية أكثر وقدرة عالية على التحكم في النظام إداريا بالنسبة لفئة الإدارة والتسيير.
يشبِّه أحد الكيميائيين نظام الألمدي مقارنا له بالكلاسيكي في الجزائر، بعملية تمييع كوب القهوة بالمياه، ولاستعادة قيمة كوب القهوة يجب استحداث عملية تبخير للمياه وإعادة السائل المميع لمادته الأصلية، قاصدو المعنى هنا ما عرفته الجامعة من تعدد كبير في التخصصات بعدما كانت أكثر قلة في النظام القديم، ثم عدول الوزارة إلى التقليص، فكيف تكون هاته السيرورة على أرض الواقع حسب رأيك أستاذ؟
أظن أن هذا الأمر من بين العوامل التي ساهمت بقدر كبير في تحييد نظام الألمدي عن طريقه الصحيح، فمباشرة بعد تعميم تطبيق نظام الألمدي تهافت عدد كبير من الأساتذة لتقديم مشاريع ليسانس وماستر وحتى دكتوراه قوبلت في معظمها بالقبول والموافقة، بعدها وبسنوات وجدت الوزارة نفسها أمام الآلاف من التخصصات المفتوحة، كثير منها متشابه في المضمون ومختلف في التسمية فقط. ممّا أثر هذا حتى على عملية التشغيل، خاصة على مستوى الوظيف العمومي، وفي السنوات الماضية باشرت الوزارة وبعد عدة مشاورات واجتماعات إلى توحيد البرامج بين مختلف الجامعات، أين تستثنى من هذا طبعا التخصصات المهنية المفتوحة لغرض تكوين معين يستجيب لطلب معين.
وهنا تظهر عملية التبخر مجازا وقياسا على سؤالك الكريم فيما تقوم به الوزارة حاليا من إعادة توحيد ودمج للمتشابه من التخصصات، بالإضافة إلى تطوير ما يمكن تطويره.

ما رأيك في قرار استبدال الفرنسية بالانجليزية؟

من خلال تجربتي كأستاذ جامعي وكنائب مدير سابق مكلف بالعلاقات الخارجية، حظيت بأن زرت مجموعة معتبرة من الجامعات الأوروبية التي تربطنا معها علاقات تعاون في إطار برنامج الإيراسميس وغيره، وما شد انتباهي هو اعتزاز الدول الأوروبية بلغتها الوطنية، بالرغم من إتحادها جميعا، وهنا يجدر بنا الذكر أيضا إلى أن العربية تحتل المرتبة الرابعة عالميا بعد الإنجليزية بينما تحتل الفرنسية الرتبة التاسعة.
كذلك مما يقوي طرحي هذا (تعريب التدريس وجعل الإنجليزية لغة تطوير وتنمية مهارات) هو إتقان كل الأساتذة الحاليين بالجامعة للغة العربية، كوننا والحمد لله تجاوزنا مرحلة استيراد الأساتذة من الخارج مثلما كان الأمر في ستينات وسبعينات القرن الماضي، فيما تبقى فئة من الأساتذة المفرنسين وهي فئة يمكن اعتبارها لا حدث كون نظراءها من المعربين أضعاف مضاعفة.
هذا الذي قلناه سابقا يخص طوري الليسانس والماستر، أما فيما يخص الدكتوراه فالطالب مجبر على التعامل بالإنجليزية في معظم التخصصات على أساس أنها لغة البحث العلمي في عصرنا هذا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • فتح الله

    هو نظام انجلوسكسوني نجح في البلدان النجلوسكسونية او التي نظامها الااجتماعي_الاقتصادي يقارب ذالك.
    اما في الجزائر، فالعقلية العشائرية هي المسيطرة جعلت في الجامعات تكتلات و عشائر بمسميات تخصصات.
    و وصل الامر الى تزوير النتائج بتضخيم النقاط كي ينجح التخصص المنسوب الى بني فلان.
    ان اخطر ما في ل.م.د الجزائر هو 'التقييم'، فالوزارة فتحت ابواب جهنم، بما ان العلامات الممنوحة للطالب اصبحت غير موضوعية(اعتبار الحضور و النشاط في الاعمال الموجهة..) و هو تزوير مقنن للنتائج ، فالتدخلات و التلفونات في نهاية السنة تسمح حتى للغايبين بالنجاح.
    كل ذلك بعلم الجميع في مقدمتهم الوصاية.

  • الوهراني الجزائري

    أن يأتي القول بأنّ نظام ألمد ناجح من طرف شخص يدعى بروفيسور فهذا من باب الخزعبلات، هذا النظام كارثة بمعنى الكارثة، لعلمكم الدّولة لتخفيف النفقات الجامعية رأوا أنّه من الأسلم تطبيق هذا النظام، 3سنوات و عام ماستر1 و 2ماستر 2 و انت ديت دكتوراه لا تساوي شيئا هذه هي كل القصة.

  • أحمد

    شكرا أستاذ على كلمة تعريب التدريس...هنا مكمن الخلل..كيف لطالب لا يعرف لغة ثم تطلب منه البحث يجب تطوير لغتنا وهذا لا يتم الا بالتدريس بها والرجوع الى الماضي كنا سابقا حتى مستوى الباكالوريا ندرس باللغة العربية وكنت أدرس هندسة ميكانيكية وكل المسطلحات بالعربية...و و الله كنا نتحدا كل العالم في ال تكنولوجيا والرياضيات والفيزياء...لما ذهبنا الى الجامعة وجدنا لغة الحركة وقالوا لنا ان العربية ليست لغة العلم والمسطلحات لا توجد...وكيف كنا ندرسها في المتاقن...وكان الذي يتحصل على معدل 16 يذهب الى أرقى جامعات العالم....أف لكم أفسدتم البلاد والعباد لا يوجد شعب تطور في العالم الا بلغته ونحن من أخترعنا العلم

  • أ.د/ غضبان مبروك

    النتائج نراها في الميدان. تشتيت التخصصات تحت ذريعة توسيع الخيارات والتركيز على التعليم المعمق. الضعف الكبير للطالب لدرجة أنه لايعرف من تخصصه سوى بعض القشور مع تركيزه على نقطة واحدة. يجب اعادة النظر في أل ل مدي قبل فوات الأوان مع ربط لك بالتحكم في الزمن وانهاء الاضرابات بانهاء التنظيمات الطلابية أولا ُم توفير المكتبة واستغلال يوم السبت للتدريس واعادة النظر في لجان المناقشات التي تمنح شهادات مشرف جدا لأعمال لاتليق بالعلم الا من رحم ربي. السيد الوزير يعرف ذلك جيدا وماعليه سوى احداث ثورة.

  • أ.د/ غضبان مبروك

    تحياتي الى البروفسور محمودي حسان وشكرا على القائه نظرة على نظام ال أم دي.
    يا أستاذ يامحترم نعم هذا النظام هو انجلوسكسوني . أنا أعلرف ذلك والسيد الوزير يعرف ذلك باعتبارنا خريجي الجامعات الأمريكية. بل حصل لي الشرف أن درست في عامي الأخير بالجامعة(1984-1985) . عندما طرح هذا النظام في 2002 كنت وقتها عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة باتنة وأبديت تحفظات خاصة فيما يتعلق بالانطلاقة المتأخرة للدراسة وكثرة المناسبات وقلة الجدية لدى الطالب والأستاذ ثم كثرة الاضرابات. لم يعجب المجلس العلمي للجامعة رأيي. قرر مدير الجامعة غلق النقاش ورفع الوزير الحالي تقرير الى الوزارة بالايجاب. الفاهم يفهم.

  • قدور0031

    قيل في الحوار:
    اجتمعوا في 1998 لتوحيد الفضاء الجامعي في 2010، يعني نجاح التعليم الجامعي يكون بعد 12 سنة من توحيد وتنظيم التعليم في الاطوار الثلاث، وهذا ما قلناه بخصوص الانجليزية، من يريد تطبيقها في الجامعة مباشرة يا إما بخبث يريد بحق فشلها أو ارتجالي لا يفهم شيئا، لأن الانجليزية تبدأ في السنة الثالثة ابتدائي وتدوم العملية 10 سنوات حتى تقطف فمارها في الجامعة، وهذا ما قاله المختصون عندنا.
    أما من يركب موجة النظام الجديد في الجزائر الذي يقول لفرنسا: سنؤنجلز الجامعة في حين قنواتنا تتسابق على عرض الأفلام والحصص بالفرنسية عندها نقول لهم: يكفي استحمارا للعقول: أنتم لا تحيدون عن فرنسا سنتيما.

  • مرواني هلال-ميلة

    هذا البروفيسور بلعوط وبلعاط كبير ما زال يخاطبنا بلغة الخشب: نظام ال ام دي يمكن القول نسبيا عنه انه ناجح في تخصصات العلوم الدقيقة اما في مجال العلوم الانسانية فهو كارثة بيئية لا يحمد عقباها. وصدقوني ان هذا النظام افرز كثيرا من النتائج السلبية لدرجة ان كثيرا من اساتذة العلوم الانسانية يرفضون تدريس مقاييس بحيث اصبحنا نجد عدد الاساتذة الدكاترة اكبر من عدد المقاييس وهناك من لا يدرس اطلاقا.ما تعلق باللغة الانجليزية:نعم هي لغة عالمية واللغة الفرنسية لغة عالمية واللغة العربية لغة عالمية واللغة الصينية لغة عالمية،هل فكر صناع القرار التعليمي بالارتجالية في اعتماد اللغة الانجليزية في التعليم العاالي؟

  • امين

    أنا درست أل أم دي انجليزية من شرق العاصمة
    ولكن كنت افضل الدراسة بولاية بومرداس لانها اقرب (نرجو ايجاد حلول للاجيال القادمة)
    لكن اريد ادخال برنامج الجامعة الى الثانوية ويكون تعليم حقيقي
    اي شرح طريقة الكتابة بالتفصيل وليس سطحية كما يفعل معضم الاساتذة

  • جبران حبران

    ونظام ufc الجامعات الليلية مايسمى بجامعات الخفافيش يدخلون بدون بكالوريا و بقدرة قادر يصبحون دكاترو و بروفيسور في ظرف وجيز لماذا لا تحول هذه الجامعات لمستحقيها الحقيقيين "و فتح بكالوريا مهنية " كما هو الشأن في المغرب الشقيق قيزدهر التعليم المهني في الجزائر. ماذا قدمت ترسانة الدكاترة الجامعيين المزيفين للجزائر مقارنة بما قدمه متخرجو التكوين المهني