نظام التعليم.. أكبر كذبة!
قالوا ما إن تدخلين المدرسة تتغير حياتك وتبنين مستقبلك تدريجيا، عليك أن تكوني فتاة نجيبة مجتهدة متفوقة.. كذلك كنت، ست سنوات في الابتدائية، أربع في الإكمالية وثلاث في الثانوية لأتوج هذه المسيرة المتعبة من الشقاء والاجتهاد والعناء بشهادة.
قالوا ما إن تحصلين على الباكالوريا، ستدخلين عالم الجامعة، عالما جديدا يُمهّد لك الخطوات لفضاء الشغل والعمل …
دخلت وكلي عزم أن أدرس بحماس ورغبة، كلي أمل أن أبحث وأكتشف، أن أجد ما كنت أحلم به، ما كنت أراه على التلفاز من مخابر ذات مقاييس عالمية وطريقة تدريس مفهومة ومحيط يوحي بجامعة مرموقة..
طرت فرحا لأنني سأودع ذلك النظام المُؤيد للحفظ الببغائي والجري وراء النقطة والمعدل كنت سعيدة لأن عصر الدروس النظرية قد انقضى إلى أن اصطدمت بجدار الواقع القاسي، وجدت نفسي أجَرّد وأكتب بسرعة البرق والغموض يجتاحني، ألبس المئزر وأشرع في الأعمال التطبيقية بوسائل تقليدية واِن وُجدَت فهي غير صالحة..
محيط شبه منحط أخلاقيا يوجع أعماقك في صمت، أرى الجميع لا يزالون يركضون وراء النقطة ونصفها والمعدل العام، همهم التفوق واجتياز السنوات من دون رسوب لا يعيرون اهتماما للمستوى وجودة الفكر، إدارة غير مبالية لما ندرسه، كل سنة مواد أو اختصاصات جديدة، أنظمة تُغيّر من دون استشارة الطلاب أو أخذ آرائهم..
أصبحنا كفئران تجارب ذليلة لا تقوى المواجهة وبعد خمس سنوات من المعاناة النفسية والجسدية لن يعترف النظام بشهادتك العلمية كطالب أحياء، فهي عبارة عن ورقة عادية لا قيمة لها، اِن أضربت محاولا إيصال ندائك الذي يلخص سنوات عمرك لن تجد استجابة، وعد الذئاب الماكرة..
وجدت النخبة من تخصصات البحوث العلمية لا قيمة لها في بلدي مهمشة منسية، السبب الذي أصبح موضة على لسان أي مسؤول “التقشف”، أما من الجهة المقابلة الملايير تُنفق من أجل راقصة ومغنية أو من أجل من يركضون وراء كرة منفوخة..
ربما من فرط حزني استنتجت أن نظام التعليم كذبة، نظام يعلمك واجباتك بكل دقة أما حقوقك فيتجاهلها، تكبر ولا تعرفها، نظام موجه من فئة غامضة هدفها الظاهر التعليم، الرقي والقضاء على الأمية والجهل، لكــن الهدف الخفي صقل العقول بطابع واحد، لا يؤمنون بالاختلاف والإبداع فاِن تُركت الحرية وتوسع فكر الطالب أصبح تهديدا لهم، خطرا عليهم، يريدوننا متشابهين، عبيدا لهم، عرائس ماريونيت بين أيديهم، يريدوننا نواجه رياح المشاكل لنبقى في مكاننا، نرى عند أنوفنا ولا نتطلع للمستقبل البعيد..
أنا الآن أؤيد العصامية التي هي أولى خطوات التحرر وتبـــا لنظام التعليم المُشل للعقول والفكر.