الرأي

نقبل رؤوس علمائنا.. ويبوسون أفواه كلابهم

محمد سليم قلالة
  • 2986
  • 5

آلاف الأفراد يستقبلون المسؤول السياسي ويصفقون له، وعند الانفراد بأنفسهم أو بغيرهم ينتقدونه أشد انتقاد: فهو لا يحسن الكلام، ولا يحفظ حتى أهم التواريخ الوطنية، وهو غير قادر على الإقناع، ولا يستحق أن يكون في المكان أو المقام الذي هو فيه… الخ.

آلاف الأفراد يقومون مبجلين له، مصفقين وكأنه سينطق وحيا، وبعدها بساعات يتحولون إلى السخرية من كلامه وإلى التنكيت على ما يقول، كلُ يدعي أنه الأكثر حيلة ومكرا، لأنه حضر عن غير قناعة، وسجل الهدف من الحضور، مُمنيا نفسه بالمنصب أو المال الوفير..

والمئات يزيدون التحية تحية أخرى، ويجرون مهرولين يمنة ويسرة ومن الأمام والخلف، مشيرين لهذا بإفساح الطريق، ولذاك بعدم الاقتراب حتى يعتقد هذا المسؤول (س) انه بحق ذا شأن.. وحين يعتقد ذلك يبدأون في جني ما حصلوه بتحقيق المطالب أو تلبية الرغبات.. شعارهم جميعا في ذلك: بوس الكلب من فمه حتى تقضي حاجتك منه.

هذا السلوك الذي ينم عن مرض خطير تفشى بين ما يُعرف بالقواعد والقيادات  النضالية لبعض الأحزاب، وفي بعض الأوساط الأخرى والذي يسعى البعض لتبريره بكل الحجج وتقديمه بديلا للمجتمع ينبغي مقاومته بكل السبل، لأننا أمة تُسلم على رؤوس علمائها ووالديها ولسنا أمة تعتنق مذهب “بوس الكلاب”.

أمة لا تُطلق صفة السيد إلا على العلماء حتى وهي في أكثر الحقب أمية لا يمكنها أن تتحول إلى هذه المدرسة الكلبية أبدا. إنك لا تجد في ثقافتنا أي تمجيد للكلاب، والقرآن الكريم يشبه من اتبع هواه بالكلب “إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث”…

أما هؤلاء ممن يروجون إلى ثقافة “بوس الكلاب” فلا يذكروننا سوى بثقافة المدرسة الكلبية Cynisme  اليونانية التي لم يوص  صاحبها Diogène de Sinope  في نهاية حياته إلا أن يدفن كالكلب.. فليت أصحابها يتوقفون عن تمجيد كلبيتهم، ويتركوا مجتمعنا يعود مرة أخرى لتمجيد علمائه وتوقير آبائه باعتبار تلك من علامات الأمل.

ليتنا نرى مناضلين يتهافتون على التسليم على رأس زعيمهم توقيرا واحتراما لا تدجيلا وخيانة وغدرا، ليتنا نرى مواطنينا لا يقفون تمجيدا إلا للعلم والأدب والأخلاق، وإذا لم يجدوا من يقفوا له يلزموا بيوتهم في انتظار فجر جديد.

مقالات ذات صلة