-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
طلبة يتفوقون في الجامعات وآخرون يخفقون

نوابغ البكالوريا.. أيّ مصير؟

إلهام بوثلجي
  • 16489
  • 0
نوابغ البكالوريا.. أيّ مصير؟

ارتفع خلال السنوات الأخيرة عدد الحائزين على البكالوريا بتقدير ممتاز وجيد جدا، وهو ما يطرح تساؤلات حول حقيقة المعدلات المرتفعة وانعكاسها على مستوى الطلبة في الجامعات، فيما تباينت آراء المختصين حول ذلك، بين من يؤكد تدني مستوى التحصيل العلمي لدى الطلبة، خاصة في التخصصات الدقيقة والتكنولوجية، بينما يرى آخرون أن المعدلات ليست معيارا للحكم على فشل أو امتياز الطلبة.

جمال ضو: ناجحون بمعدلات امتياز فشلوا بالمدارس العليا

وفي السياق، قال البروفيسور المتخصص في الفيزياء النظرية بجامعة الوادي، جمال ضو، أن ما حدث في المدرسة العليا للرياضيات جعل كثيرين يتساءلون عن العلاقة بين المعدلات المتحصل عليها في البكالوريا والمستوى الحقيقي للجامعة، ولكن الالتفاتة جاءت متأخرا.

وأضاف ضو “نستطيع أن نقول من دون تحفظ أن هناك مخرجات رديئة من الجامعة يتم ضخها في التربية والتعليم بكل مستوياتها، ليعيد هؤلاء ضخ رداءة أخرى في المدرسة والتعليم العالي، والاستثناءات لا تصنع القاعدة”، ما أدى إلى انخفاض حاد في مستوى التلاميذ والطلبة.

ولفت المتحدث إلى أن المناهج الكارثية والبرامج سواء في المدرسة أو في الجامعة والارتجال ساهم في انهيار التحصيل العلمي حتى أصبحت الغاية الرئيسة هي العلامات، بينما لم تعد تعكس الشيء الكثير عن المستوى الحقيقي للتلاميذ، ولهذا من الطبيعي -يقول- أن تجد تلميذا متحصلا على بكالوريا بمعدل 17 يتعثر في مدرسة عليا وآخر متحصل على 16 لا يتعثر وربما يتفوق على أقرانه.

وأوضح ضو بأن أغلب التلاميذ الممتازين والحاصلين على معدلات عالية لا يختارون دراسة العلوم الدقيقة والعلوم (رياضيات، فيزياء، كيمياء، بيولوجيا) ولا حتى الهندسة (باستثناء المدرسة المتعددة التقنيات)، وهذه هي أصعب التخصصات والتي من المفترض أن يتوجه إليها خيرة التلاميذ في ظل وضع طبيعي، بينما نجد أن أقل معدلات القبول في تخصصات علوم المادة والبيولوجيا والرياضيات والإعلام الآلي في الجامعات.

عبد الرحمان بوثلجة: ارتفاع معدلات الامتياز ليس علامة على التفوق

وإلى ذلك، قال عبد الرحمان بوثلجة، الأستاذ بجامعة البليدة1، في حديثه لـ”الشروق” إن ربط مستوى الطالب بالمعدل المحصل عليه في البكالوريا غير عادل وغير علمي أيضا، وهذا الأمر كما ينطبق على شهادات البكالوريا ينطبق على أعلى الشهادات الجامعية، فالمعدل المحصل عليه في البكالوريا -يضيف- يكون في امتحانات معينة وفي ظروف معينة، وقد يتغير لو تغيرت مواضيع الامتحانات والظروف التي تجرى فيها.

 وتابع بوثلجة “التجربة أثبتت أن الرسوب في سنوات الدراسة في الجامعة ليس مرتبطا بالمعدل فقط، ففي كل سنة يرسب عدد من طلبة الطب مثلا، رغم أنهم تحصلوا في البكالوريا على معدلات مرتفعة، ونفس الشيء بالنسبة للمدرسة العليا للرياضيات، وهو ما ينطبق على باقي التخصصات، بالإضافة إلى نجاح الكثير من الطلبة في دراساتهم الجامعية رغم أنهم تحصلوا على معدلات متواضعة في البكالوريا”.

وأشار بوثلجة أن النجاح في الجامعة لا يتوقف على معدل البكالوريا فقط، بل إن التوجيه المناسب والتكوين الجديد، واقتناع الطالب بالتخصص واطمئنانه على مستقبله المهني.

وأكد بوثلجة أن ارتفاع عدد الطلبة الذين يتحصلون على معدلات كبيرة في البكالوريا ليس بالضرورة علامة على التفوق، بل العبرة فيما يأتي بعد ذلك، ولفت إلى كون التفوق ليس فقط المرور إلى السنة الموالية أو الحصول على شهادة جامعية معينة، بل هو التميز والبروز من خلال الإسهامات في مختلف الميادين.

وحيون وهيبة: “نسبة الانتقال في سنوات الطب أكثر من 60 بالمائة”

وبالمقابل ترى البروفيسور وحيون وهيبة، من كلية الطب بجامعة الجزائر1، أن المعدلات التي يتحصل عليها المتفوقون في البكالوريا تعبر عن تميز الطلبة، ورغم كل ما يقال عن صعوبة تخصص الطب بالنسبة للبعض في سنتها الأولى، لكن هناك طلبة مميزون موجودون في الميدان.

 وتحفظت المتحدثة عن وصف المعدلات الكبيرة للناجحين في البكالوريا خلال السنوات الأخيرة بالمضخمة، قائلة “لا أعتبر تلك المعدلات مضخمة، لأنه يوجد على الأقل من بين هؤلاء طلبة مميزون في كلية الطب”.

وتقول البروفيسور وحيون أن مستوى الغالبية من طلبة الطب الجزائريين مميز وهو ما يؤكده تفوقهم ونجاحهم في الخارج، وحتى في مسارهم المهني هنا، واجتيازهم بنجاح لامتحان التخصص في العلوم الطبية.

 أما عن مشكل تعثر بعض الطلبة في السنوات الأولى للدراسة بكليات الطب رغم حصولهم على البكالوريا بمعدل ممتاز، تؤكد المتحدثة بأن هناك ظروفا تتحكم في ذلك، قد ترجع لعدم التحكم في اللغة وغيرها من العوامل، كاشفة أن نسبة الانتقال من سنة إلى أخرى تتجاوز 60 بالمائة في تخصص الطب.

ميلاط عبد الحفيظ: معدل البكالوريا لا يمنح صورة دقيقة عن الطالب

 ومن جهته، قال المنسق الوطني لأساتذة التعليم العالي عبد الحفيظ ميلاط لـ”الشروق” إن السنوات الماضية عرفت مشكلة في السنة أولى بجميع التخصصات ومردها عدم توجيه الطالب وفق قدرته وإمكانياته، وهو ما انتبهت له وزارة التعليم العالي وانطلقت في معالجته.

ولفت ميلاط إلى “أن معدل البكالوريا يمنح صورة على الطالب، لكنها ليست دقيقة، فبإمكانه أن يكون حاصلا على بكالوريا بمعدل ممتاز، لكن إذا تم توجيهه توجيها خاطئا فلن يكون كذلك”، ليشدد على ضرورة  التوجيه الصحيح لاستمرار المتفوقين في مسار النجاح.

 وأكد أن السنة الأولى في الجامعة هي سنة معيارية ويمكن بناء عليها معرفة التوجه الحقيقي للطالب، ومن أجل ذلك تبنت الوزارة خلال السنوات الأخيرة ما يسمى بالجذع المشترك الذي يمكن الطالب من التكيف مع نمط التعليم في الجامعة بعد انتقاله من الثانوية.

وفيما يخص معدلات الامتياز في البكالوريا، قال ميلاط إن أسلوب التعليم في الثانوية يختلف عن الأسلوب المتبع في الجامعة، فالأول مباشر يعتمد على التلقين، أما الثاني فيركز 50 بالمائة على الجانب الشخصي والذاتي للتعلم لدى الطالب و50 بالمائة ما يقدمه الأستاذ، وهذا هو سبب اختلاف المستوى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!