-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بورصة إكراميات الناجحين تلهب الجيوب

هدايا البكالوريا.. من العطور والصابون إلى الذهب والـ”آيفون”!

راضية مرباح
  • 2929
  • 0
هدايا البكالوريا.. من العطور والصابون إلى الذهب والـ”آيفون”!

تحضّر عديد العائلات التي حاز أبناؤها على شهادة البكالوريا، لتنظيم الاحتفالات كل حسب مقدوره، بينما تجتمع أغلب التحضيرات لإعداد المناسبة بشكل مغاير بعيدا عن الاحتفال التقليدي الذي تعتمد سمته الأولى على “لمة” الجدة والمقربين من العائلة بالبيت، لكن اختلفت الموازين هذه السنوات لتشمل المئات من المدعوين الذين تصلهم “دعوة” رسمية لحضور حفل بهيج بقاعة حفلات معينة أو بحديقة أو حتى قرب مسبح معروف داخل مركب سياحي وأحيانا في مطعم فاخر، في وقت فاقت الهدايا كل التصورات لتصل إلى غاية تقديم طواقم ذهبية فضلا عن آخر طراز من الهواتف الذكية وقد يحوز الفائز على سيارة إن كان والداه أغنياء!

احتفالات تركب موجة الصالات والمسابح والمطاعم الفاخرة

الاحتفالات بالحصول على البكالوريا أو “فرحة العمر” التي لا تعادلها أي فرحة أخذت شكلا “خرافيا” بالنسبة للبعض لا ينساه كل من حضره، حيث لم تعد المفرقعات والزغاريد لوحدها تكفي سواء بالنسبة للأولاد والبنات بأكثر حدة، فتحولت فرحة البيت إلى استئجار قاعات للحفلات أو اللجوء إلى أفكار مبتكرة كتنظيم مأدبة على الشاطئ أو الغابة أو اختيار موقع ذي شهرة عالية حتى إن كلفهم الأمر مساهمة بين أكثر من شخصين ناجحين.

“الديجي” و”التريتور”.. الصالات ومنظم الديكور

لعل الكل قد انتبه للتحول الذي رافق هذه الاحتفالات، فلم تعد فرحة اليوم الأول التي تلي الإعلان عن النتائج كافية لسد “سوسبانس” عاشه هؤلاء طيلة سنة كاملة من الدراسة والكد، بل وصل الحد بهم إلى غاية تنظيم مأدبة غداء أو عشاء أو سهرة استئجار قاعة للحفلات أو بمطعم فاخر، في وقت وصل الأمر بالبعض الآخر إلى غاية كراء مسبح مرافق لمركب سياحي معين أو فيلا بمسبح مرفقين بـ”الديجي”، لقضاء أوقات من الرقص والمتعة، فيما اقتنت بعض الناجحات أفخم الملابس وأخريات فضلن اللباس التقليدي وكأنهن في حفلات زفاف بعد ما يعتمدن تسريحة شعر مميزة وماكياج السهرات، لتوثيق اللحظات بصور تذكارية.

كما لا يخلو الاحتفال في مثل هذه الأجواء المستحدثة من دعوة “التريتور” لتنظيم مأدبة العشاء تشبه أطباق الأعراس كالمقبلات والشربة والشواء والسلطة وصولا إلى الحلويات.. مظاهر أخرى أضيفت للاحتفال الذي أصبح يميزه البذخ من خلال إحضار منظم الديكور الذي يضفي لمسة جمالية بألوان ومعدات عصرية، جذابة تزيد من سحر الأجواء الاحتفالية لكماليات تكلف الآباء أموالا طائلة.

من علبة السكر والصابون إلى الذهب والـ “سمارت فون”..

تقول نجية التي احتفلت بنجاح أولادها الثلاثة منذ أكثر من 20 سنة، أن فرحتها  كانت لا توصف، كلما نال أحدهم شهادة النجاح، حيث تعد بعد أسبوع من الإعلان عن النتائج، متكأ لصديقاتها وجيرانها، أما اليوم الثاني، فيخصص لأصدقاء أبنائها حيث كان كل من يحضر يقدم علبتين من السكر مع قارورة من المشروبات التي كانت رائجة في تلك الفترة، أما الهدايا، فكان الكل يتفق على أن تكون رمزية، لكنها تزن الدنيا وما فيها مقارنة بطيبة القلوب –تقول- حيث يقدم هؤلاء علبا من الصابون الرفيع مرفوقا بمنشفة للوجه فضلا عن قارورة عطر ومنهم من كان يفضل منح مبلغ مالي رمزي، كفأل حسن للناجح وتشجيعه، كلها مظاهر – تقول المتحدثة – اندثرت وخلفتها صور أخرى من الترف والتباهي الذي أفسد عاداتنا الاجتماعية المهددة اليوم بالاندثار..

أمّا اليوم فيتسابق الكل – حسبها – لتقديم أحسن وأغلى الهدايا بعد ما تغيرت القيم ومعالم الاحتفال، فكل مهنئ يريد إظهار نفسه أنه أحسن من الآخر ماديا، فتكون أغلب الهدايا مكلفة كآخر طراز من الهواتف الذكية أو خاتم من ذهب للناجحات، ومن يريد منح المال، فلا تقل القيمة عن 10 آلاف دينار، كما لم تنكر المتحدثة العهد الذي عادة ما يقطعه الأولياء لأبنائهم منذ بداية الموسم الدراسي، بمنحهم أغلى الهدايا التي تكون مسبقا من اختيار الابن تصل إلى غاية اقتناء سيارة صغيرة بالنسبة للأغنياء، وكم من حالة وقفت عليها في مثل احتفالات مماثلة.

ويقول الدكتور بوعموشة نعيم من قسم علم الاجتماع والديموغرافيا بجامعة تامنرست، لـ”الشروق”، إن تحقيق النجاح في هذا الامتحان في ظل كل العقبات التي تتخلل السنة الدراسية يعد انجازا استثنائيا في نظر التلميذ وعائلته مهما كانت العلامة المسجل عليها، متحدثا عن المظاهر الدخيلة في الاحتفال بالنجاح التي برزت خلال السنوات الأخيرة والتي يترتب عنها –كما قال- هدر كبير للمال في إقامة حفلة النجاح ومعها فتح باب المنافسة في تنظيمها وإقامتها وأغلبها يكون مبالغ فيه لدرجة التبذير والإسراف، فمنها ما تقام في مطاعم أو فنادق فخمة دون أن ننسى الهدايا الباهظة الثمن، في حين يلجأ البعض الآخر إلى تدوين أسماء وصور أبنائهم الناجحين بمواقع التواصل الاجتماعي، بوصفه بطل يستحق ذكر نجاحه في كل موقع.

وأمام هذا المظهر يقف بعض الأولياء محرجين أمام أبنائهم لاستحالة رفض طلبهم لإقامة حفل نجاح مثل بقية أقرانهم، وقد يتحول عبء مصاريف وتكاليف الاحتفالية إلى سبب يفسد فرحة النجاح.

وتأسف المتحدث للظاهرة، قائلا “أننا نعيش اليوم في مجتمع بات فيه طغيان المعيار المادي على سائر المعايير والمعاملات الاجتماعية، فقد بات من النادر الاحتكام للقيم الروحية والمعنوية في سياق التعامل لتسلب ثقافة التشيء من الأشياء قدسيتها”.

احتفالات يغلب عليها طابع الفلكلور والتباهي والماديات

وعدّد الدكتور نعيم بوعموشة، الكثير من مظاهر الاحتفال التقليدية التي شدت طريقها للاندثار ومنها نشوة الفرح بالبيت ضمن جو عائلي حميمي مغمور بالعناق ومباركة ما بين الأقارب والجيران وعائلة التلميذ الناجح. كما يقوم كل من كان غائبا يومها عن مشاركة العائلة فرحة النجاح بالتوافد إلى البيت لتقديم التهاني والتبريكات، في حين تقوم عائلة الشخص الناجح بتقديم الإكراميات للضيوف من مشروبات وحلويات، كما تقوم بعض العائلات بإعداد طبق البغرير وتوزيعه على الجيران والأقارب تحت مسمى “الفال”، والذين بدورهم يقدمون هدايا أو مبالغ مالية رمزية للتلميذ الناجح تشجيعا له للاجتهاد أكثر، فهذه المظاهر والسلوكيات الاجتماعية –حسبه- رغم بساطتها إلا أنّها تعكس عمق ومتانة الروابط والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد القائمة على الألفة والمحبة والتآزر، متأسفا للأوضاع الحالية التي يغلب عليها طابع الفلكور والتباهي والماديات، لتشق طريقا خارجا عن العرف الاجتماعي الجزائري.

عمرات ورحلات وإقامات فندقية وعروض أخرى..

وبالموازاة مع هدايا الأهل والأقارب، استغل بعض المتعاملين التجاريين وأصحاب المؤسسات المناسبة لتقديم عروض مغرية للناجحين في البكالوريا، فمنهم من يقدم إقامة بفندق أو مركب سياحي بتخفيض السعر إلى 50 بالمائة ومنهم من خفّض أسعار الهواتف مرفقة بمختلف الإكسسوارات التي تقدم مجانا، أما أصحاب المطاعم فقدموا عروضا بحجز موقع وعدد من الطاولات مع تقديم أطباق تحت الطلب بتخفيض الأسعار إلى النصف من اجل تشجيع الناجحين وكإشهار للمطعم حتى يكتسب شهرة بين الحضور وأقاربهم، بالمقابل تحصل المتصدرون للمراتب الأولى عبر الولايات على جوائز قيمة تمثلت في رحلات عمرة ورحلات سياحية ومبالغ مالية بالإضافة إلى أجهزة إلكترونية وحواسيب متطورة، فيما بادرت بعض مدارس السياقة بتقديم تكوينات مجانية للأوائل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!