-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا “الخِنّوص” من ذاك “الخنزير”

هذا “الخِنّوص” من ذاك “الخنزير”

عندما قامت إحدى المجلات المخزنية، التابعة للنظام الملكي المغربي، بتلوين خارطة المغرب العربي، كما تحلم في سراب وخيال أمير “مؤمنيها”، نبَّهنا إلى أن الأمر هو مجرد تقليد أعمى أو أحول للكبير الذي علَّمهم السحر، والذي ظل يرسم منذ احتلاله لفلسطين في سنة 1948، خارطته من الفرات إلى النيل. وما قام به وزير المالية الإسرائيلي “بتسلئيل سمو تيريتش” وهو بالمناسبة حاملٌ لحقيبة وزارية سيادية بالنسبة للإسرائيليين لا تقل أهمية عن وزارة الدفاع، عندما وضع على منصة تحدَّث منها للناس، خارطة للكيان الظالم ضمت كل الأراضي الفلسطينية والمملكة الأردنية، هو دليلٌ على أن هؤلاء القوم لا يعترفون حتى بالذي يعترف بهم، ولا تهمُّهم المواثيق والاتفاقات ولا حُسن الجوار والأمم المتحدة، بل ولا يريدون أن يبقوا لوحدهم في غيّهم وطغيانهم يعمهون، بل ينقلون ذلك إلى بلدان صغيرة وبعيدة في قارات العالم الخمس، فمنها من ترفض ومنها من تحاول أن تقلّد بنسخ مشوَّهة كما تفعل المملكة المغربية باستعمال قلم رصاص، يلوّن تارة أرض موريتانيا وأخرى الصحراء الغربية، وانتقل الآن إلى الجزائر، بلد الرصاص الحقيقي، وليس أقلام الرصاص المزيفة.

مع مثل هؤلاء لا تنفع سياسة استدعاء السفير والتنديد والاستناد إلى الأعراف الدولية، لأن الذي يرسم الخرائط على المنصات واللوحات إنما يرسم ما في مخيلته، وما يحلم به، وتصبح القطيعة معه هي الحل الوحيد، وعليه أن يجرّ العلاقة إلى نقطة اللاعودة كما هو الحال بالنسبة للعلاقة ما بين الجزائر وجارتها الغربية التي أضاف ذبابُها ونظامُها سلوكا جديدا في حياتهم بعد التجسُّس وزراعة القنب الهندي وتجارة الرق والتطبيع والسحر، هو رسم الخرائط.

منذ أن تقلصت مساحة السياسة في خارطة العلاقات الدولية، وتركت مكانها بالكامل للمال والاقتصاد، تغيَّرت القوى، ولم تعد بعض البلدان التي صدّعت آذاننا بكلمة “العظمى” وصفة “لا تُقهر”، إلا مجرد أسماء في عالم يتغير بسرعة ولا ينتظر في أي محطة المتردِّدين في الركوب، أو الذين يركبون قطاراتٍ مؤدية إلى الهلاك، والذي يراهن على الغير ويتبع خطاهم، وهم مختلفون عنه قلبا وقالبا، هو كمن يرسم خارطة من الوهم، لا هو عاش فيها ولا هي تحوّلت إلى حقيقة.

يقول المثل العربي الشهير: “هذا الشبل من ذاك الأسد”، وقد كانت فعلا لأسود الفرات والنيل والهقار والجزيرة العربية، أشبال، منحت الأمة عمر المختار ومصطفى بن بوالعيد، وحققت الحرية والنهضة، وصارت مثالا يُضرب به في كثير من بلاد العالم، ولكن للأسف بعض المحسوبين على الأمتين العربية والإسلامية، لا يريد من الأسد أشبالا، وإنما يبحثون عن أمثلة أخرى فحُقَّ فيهم القول: “هذا الخِنوص من ذاك الخنزير”، والخِنوص هم صغارُ الخنزير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!