-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الكثير منها قضت عليها مظاهر العصرنة

هذه أبرز طقوس الأوراسيين في رمضان أيام زمان

صالح سعودي
  • 900
  • 0
هذه أبرز طقوس الأوراسيين في رمضان أيام زمان
أرشيف

يحمل شهر رمضان الكريم الكثير من الطقوس لدى الأوراسيين أيام زمان، ما خلف الكثير من العادات والتقليد المواكبة لهذا الشهر الفضيل، سواء ما تعلق بالمأكولات التي تحضر، أم ما تعلق بيوميات الأوراسيين في زمن البساطة والحياة الصعبة، سواء خلال فترة الاستدمار الفرنسي، وفي سنوات الثورة التحريرية أم في فجر الاستقلال، حيث إن بعضها أصبحت في خانة الذكريات وأخرى لا تزال حاضرة لدى الأوراسيين في الأرياف على وجه الخصوص.
يولي ساكنة الأوراس الكبير للشهر الفضيل أهمية خاصة وقدسية قلما تحظى به سائر الشهور، وبحسب الدكتور مختار هواري، من قسم التاريخ بجامعة باتنة، فإنه قبل حلول الشهر الفضيل بأسابيع يبدأ الاستعداد له، فربات البيوت يقمن بتزين البيوت وتحضير المستلزمات، كاقتناء الأواني وخاصة الفخرية منها، والبهرات المختلفة وإعداد الكسكسي المجفف خاصة الرقيق منه (المسفوف)، فيما تحظى المصليات والمساجد بحسب محدثنا إلى عملية صيانة، من خلال تجديد الأضواء والأفرشة، والبحث عن الإمام الذي سيكون له شرف مرافقة الإمام الرئيس في صلاة التراويح التي تسمى عندنا (الشفع) هي من صميم اهتمامات وانشغال السكان.
ويضيف الدكتور مختار هواري في حديثه مع “الشروق”: “بعد قدوم الشهر الفضيل يحظى المقبلون على الصيام أول مرة في العائلة باهتمام خاص، فهو يقدم في مائدة السحور أو الإفطار على الآخرين، ويُقدم له أحلى طبق خاصة المسكر وتقدم له الهدايا، ولدى سكان الأرياف يرافقه أفراد العائلة في انتظار الأذان، فيضعونه في شرفة البيت ليترقب ضوء المسجد (مصباحا أو لهيب النار) لمن لا يصل صوت الآذان إليهم”. من جهته يؤكد الأستاذ عيسى بلخباط للشروق بأن للأوراسيين عاداتهم الخاصة في الشهر الفضيل، إذ تتحضر العائلة الأوراسية لاستقباله كضيف عزيز وتجتهد في توفير ما أمكن من مستلزمات ومواد غذائية وتحضير بعض الأطباق التقليدية كالرفيس والزيراوي التي تتزين بها مائدة الإفطار، حيث يعتبر الكسكسي الطبق الرئيسي لإفطار العائلة الأوراسية قديما في كثير من مناطق الأوراس قبل أن تحل محله الشربة.

عمرة مجازية!
من جانب آخر، يؤكد الدكتور بدر الدين زواقة لـ”الشروق” أن الصيام يعد نسكا هاما عند الجزائري باعتبار قداسته. وقد جاءت قداسته من المنظومة الفقهية المالكية والخلفية التربوية الصوفية التي تميز منطقة المغرب الإسلامي والجزائر خصوصا، مضيفا أن منطقة الأوراس تمثل صورة مصغرة بل مركزة جدا بأبعاد ثقافية وحضارية جعلت من الصيام لا يتوقف عند حقيقته الشعائرية، بل يتعدى إلى ممارسات وطقوس ثقافية واجتماعية، مضيفا أن صلاة التراويح ونظافة البيوت والسهرات الليلية تعد سمات أساسية للأوراسيين في البدو أو الحضر.. في المدن والقرى والجبال.. ويضيف الدكتور زواقة بالقول: “ففي باتنة مثلا يمثل مسجد أول نوفمبر وصلاة التراويح فيه عمرة مجازية للباتنين في جو مميز. وعلى وقع حافلات لنقل المصلين من أطراف المدينة لسماع خيرة قراء باتنة، مشيدا بظاهرة التسابق على إفطار الصائم في الطرقات ومحطات البنزين. كما يرى أن الندوات العلمية والدعوية في المساجد والمراكز ميزة أخرى تضاف لبهجة الأوراسيين بشهر العبادة.
وعلى صعيد اليوميات الرمضانية يؤكد الدكتور مختار هواري أن ما يضفي على هذا الشهر نكهة هو تبادل الأطباق المميزة بين الجيران والعائلات، مما يعزز التضامن وربط الصداقات، وأثناء السهرات الرمضانية تنتقل العائلات لبعضها البعض، خاصة النسوة والأطفال للسمر، يجتمعون على مائدة الشاي والقهوة والمكسرات والحلوى، أما الرجال فيتجهون صوب القرى المجاورة التي تتواجد فيها المقاهي لارتشاف فنجان القهوة خاصة للمدخنين، ولا عجب حسب الدكتور مختار هواري أن ترى بعض السكان رغم بعد مسافة سكناهم عن مقر القرية، إلا أنهم يصلون إلى المقاهي أولا وبعدها يتجهون نحو المساجد لصلاة العشاء والتراويح في جو إيماني، ولعل تلك التسابيح التي تكون في التراويح بعد كل ركعتين تعطي جوا إيمانيا رائعا وقد غابت الآن في معظم المساجد. كما تحظى العائلة التي تستقبل عابري السبيل أو من كان مقيما بعيدا بشرف واعتزاز فتقدم له بحسب محدثنا أشهى الأطباق، أما الأطفال فيسهرون على ألعاب مختلفة مثل الغميضة وعصا الليل ومنهم من يلعب الكرات وغيرها.

ألغاز ونكات.. سمر يمتد إلى الفجر
فيما يؤكد الأستاذ عيسى بلخباط أن السهرات الرمضانية كانت تتم في البيت العائلي، إذ يجتمع أفراد الأسرة حول مائدة القهوة أو الشاي، فيتحلق الأبناء والأحفاد حول الجدة فيستمعون إلى نكاتها وألغازها ويستمتعون بسحر السرد الشعبي وحكاياته التي يغلب على بعضها الطابع الأسطوري ويمتد بهم السمر أحيانا إلى ساعات متأخرة من الليل، لكن بحسب قوله “اندثرت الكثير من عاداتنا وتقاليدنا الخاصة برمضان، وافتقدنا للذة السهرات العائلية، وصارت المقاهي المكان المفضل لدى الكثير من الأوراسيين للسهر، وافتقدت مائدة الإفطار للكثير من الأطباق التقليدية، إذ شهد المطبخ الأوراسي الرمضاني تغيرا كبيرا في أطباقه وصار لا يختلف عن غيره في باقي مناطق الوطن، وحلت الأطباق الحديثة محل الأطباق التقليدية. وافتقدت ليالي رمضان لطعمها”، ولو أن الشيء الإيجابي الوحيد المتبقي بحسب محدثنا هو حرص الأوراسيين على عدم تفويت صلاة التراويح، إذ تشهد المساجد في ليالي رمضان إقبالا كبيرا للمواطنين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!