-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عمي عبد القادر يفتح قلبه لـ"الشروق":

هذه قصتي مع أول بكالوريا بعد الاستقلال!

سمير مخربش
  • 1668
  • 0
هذه قصتي مع أول بكالوريا بعد الاستقلال!
أرشيف

يعد عمي عبد القادر سنوساوي من سطيف من القلائل الذين تحصلوا على شهادة البكالوريا عشية الاستقلال، يوم كان طلبة العلم كالجواهر التي لا تكاد تراها إلا في مواطن نادرة. فرغم صعوبة الظرف نجح هو ومن معه، وكانوا من المتفوقين ونقلوا رسالة العلم إلى الذين جاءوا بعدهم.

عمي عبد القادر سنوساوي من مواليد سنة 1941، التقيناه ببيته بحي حشمي بسطيف، فبدت عليه حيوية الشباب الشغوف بالعلم وهو في الثمانين من العمر، جالسنا من خلف نظارته التي زادته وقارا، يفرض عليك مزيجا من الرهبة وخوفا من الوقوع في أخطاء لغوية فيوقفك عند حدك بلغته العربية السليمة التي تعلمها في عهد الاستدمار إلى جانب الفرنسية واللاتينية عموما.

بدأنا بسِنِّه، فقال بلغت الثمانين ولست متأثرا بما قاله زهير سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم. ويعرج مباشرة إلى البكالوريا التي تحصل عليها في صيف سنة 1962 أين درس بثانوية باب القنطرة بقسنطينة، والتي تسمى حاليا باسم ثانوية حيحي المكي وكانت يومها تعرف باسم ثانوية التعليم الفرنسي الإسلامي. والتي درس فيها اللغة العربية والفقه الإسلامي واللغة الفرنسية واللاتينية وهناك من كان يدرس الإغريقية وقتها. وبفضل اللاتينية يقول عمي عبد القادر يتعلم التلميذ اشتقاق الكلمات الفرنسية، وأما باقي المواد كالرياضيات والتاريخ والجغرافيا فكانت تدرس بالفرنسية.

ومن أساتذته، يتذكر عمي عبد القادر أستاذه عبد الرشيد مصطفاي رحمه الله من مواليد قنزات وبولاية سطيف الذي ظل يتواصل معه بالبطاقات البريدية ويلتقي به في ملتقى الفكر الإسلامي وهو أستاذ مزدوج اللغة، ترجم المجموعة الشعرية “أزهار الشر” لشارل بودلير ما يدل على كفاءته العالية وتحكمه في اللغتين العربية والفرنسية، وإذا درست عنده يقول سنوساوي لا يمكنك أن تتحصل على أكثر من 14 كعلامة في مادة الإنشاء. ويقول عمي عبد القادر أنه تحصل على شهادة البكالوريا في شعبة الآداب بمعدل يقترب من 11 من 20 ويومها لم يكن أحد يتجاوز الـ12 فلا مجال لتضخيم النقاط ولا مكان للمحاباة كما هو معمول بها اليوم، فالمستوى كان عاليا بدليل أن التلميذ في تلك المرحلة الثانوية كان يكتب الأشعار والقصص والرسائل بطلاقة وإتقان. وبعد نيله لشهادة البكالوريا بقسنطينة، دخل عمي عبد القادر إلى الجامعة بمعهد الدراسات العليا لتكوين أساتذة التعليم الثانوي، واشتغل بعدها في التدريس ببجاية وبعدها بثانوية محمد قيرواني بسطيف التي درس فيها خيرة أبناء المنطقة.

عمي عبد القادر ينصح التلاميذ المقبلين اليوم على امتحانات شهادة البكالويا بضرورة الاجتهاد وتجنب التسرع وعدم الإكثار من أوراق الإجابة، لأنها قضية نوع، وعليهم قبل كل هذا أن يحبوا العلم، فالإمام الشافعي يقول: تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل. ومن نجح هذه السنة يواصل سنوساوي فهنيئا له ومن لم ينجح فلا ييأس، لأنه مادامت الحياة، يدوم الأمل، ويختم عمي عبد القادر بمقولة الشاعر محمد العيد آل خليفة: إن الشباب إذا سما بطموحه جعل النجوم مواطئ أقدامه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!