-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عائلتا بزين ودحماني تناشدان السلطات استعادة جثمانيهما

هكذا أنهى القطار السريع بالنمسا حلم “حرّاقين” من تلمسان

سميح. ب
  • 8277
  • 3
هكذا أنهى القطار السريع بالنمسا حلم “حرّاقين” من تلمسان
أرشيف

تعيش عائلتان ببلدية الحناية بولاية تلمسان، منذ أيام طويلة على وقع مأساة الوفاة التراجيدية لابنيهما حسين بزين وإلياس دحماني في ديار الغربة، بعدما أنهى قطار سريع حياتهما بدولة النمسا، بعد رحلة هجرة غير شرعية طويلة انتهت على أبواب أوروبا الغربية، مخلفة وراءها عائلتين مكلومتين، باتتا تناشدان وزارة الخارجية ورئيس الجمهورية من أجل التدخل وإنهاء حرقتهما بجلب جثمانيهما ودفنهما في تراب الوطن، خاصة وأن المعلومات التي وصلت العائلتين شحيحة والشكوك تسيطر عليهما .
لم يكن قرار الصديقين المقربين إلياس الذي يبلغ من العمر 29 سنة وحسين البالغ من العمر 32 سنة بالهجرة سهلا، الشابان كبرا سوية على مستوى بلدية الحناية، أين عرفا بالتزامهما وأخلاقهما الحسنة، حيث لا تكاد الابتسامة تفارق محياهما، ناهيك عن كونهما شابين متفائلين عملا تقريبا في كل المجالات، من الحلاقة إلى البناء، إلى التجارة وغيرها من الأعمال التي وإن تكن كافية لهما لتحقيق كافة أحلامهما وتغطية نفقاتهما إلاّ أنها كانت تسترهما وتجنبهما مدّ اليد أو التورط في جرائم يلجأ إليها أقرانهما عندما تسد في وجههم الأبواب. فحسين هو توأم لأخيه حسين وأخت أخرى، كما أن له شقيق آخر وأخت متزوجة يعيشون رفقة والديهم بشقة عمارة قرب الملعب البلدي للحناية، في حين إن إلياس فقد والده وهو صغير، بعد حادث أودى بحياته، لتقوم والدته بتربيته رفقة بقية إخوته، متكبدة العناء بمساعدة من والدها المجاهد وهو أحد ضحايا الاستدمار الغاشم، حيث لا يزال يعيش على وقع إصابة تلقاها خلال الثورة التحريرية المباركة، فقد قام بتربية أحفاده واحتضانهم منذ صغرهم، خاصة وأنهم فقدوا والدهم في سن مبكرة .

فصول المأساة بدأت من تركيا
قرر حسين وإلياس تغيير حياتهما وواقعهما البائس حالمين بمستقبل أفضل، فرحلتهما لم تكن سوى من أجل الهروب من براثن الفقر وإخراج عائلتيهما من المعاناة، لتبدأ المغامرة من تركيا التي توجها إليها عبر رحلة من مطار وهران. وهناك نجح ابنا مدينة الحناية في العمل في كل المجالات، وتحينا الفرص من أجل مواصلة الرحلة، نحو أوروبا الغربية على أمل أن يتمكنا من تسوية وثائق إقامتهما والعثور على منصب عمل. وكما يعلم كل من خاضوا هذه الرحلة، فإن أخطر مراحلها هي الحدود التركية ـ اليونانية، أين يتعرض المهاجرون، حسب الشهادات، إلى سوء المعاملة من الجيش اليوناني، يعيدهم من حيث أتوا، هذه المحطة اجتازها حسين وإلياس بشجاعة وصبر بعدما اختبآ تحت شاحنة وبقيا في مكانهما على مدار أربعة أيام بدون أكل، مكتفين بكمية صغيرة من المياه حملاها معهما ليجتازا اليونان .

تحقيق الحلم كان قاب قوسين أو أدنى
تخطى المرحومان أول مطب صعب في رحلتهما، ليبدآ رحلة الحرقة الطويلة والشاقة، وقطعا عدة بلدان بأوروبا الشرقية كألبانيا ومقدونيا صربيا قبل الوصول إلى سلوفينيا، وكانت رحلة الشابين تجمع بين المغامرة والتحدي، فعلى عكس الحراقة الذين يتحركون في جماعات كبيرة كثيرا ما تلفت انتباه مصالح الأمن، فإن الصديقين الحميمين اختارا طريقة أخرى، من خلال التحرك لوحدهما وبدون رفقة، مستفيدين من نصائح جزائريين مقيمين في البلدان التي مروا عليها، وهو ما سمح لهما باختصار المسافات في أكثر من مرة، من خلال امتطاء القطارات أو الحافلات، وقطع البلدات المعروفة بكثافة تواجد مصالح الأمن راجلين لينجحا في الوصول إلى سلوفينيا، التي تعتبر بداية النهاية لرحلة الحراقة، خاصة وأنها تمتلك حدودا مع النمسا وإيطاليا، حيث عاود حسين وصديقه المغامرة من خلال الاختفاء تحت شاحنة أوصلتهما إلى غاية عاصمة دولة سلوفينيا .

رسالة أخيرة.. اختفاء وحيرة.. فالفاجعة
بمجرد نزولهما من الشاحنة، بعث إلياس رسالة صوتية عبر الماسنجر لشقيقه، يخبره فيها بأنهما وصلا لسلوفينيا، ويتواجدان بعاصمتها، كما أخبره بأنهما على بعد خمسين كلم عن النمسا التي سيتوجهان إليها وبالضبط إلى مخيم للمهاجرين لمباشرة خطوات تسوية وثائقهما، إلياس طمأن شقيقه في الرسالة بأنهما على خير مطالبا إياه بإيصال سلامه لوالدته واعدا إياه باتصال آخر لم يكتب له أن يتم، غياب فاجأ العائلة خاصة وأن إلياس في رسالته الأخيرة كان قد قال لشقيقه بأنهما وفي حال إلقاء القبض عليهما سيواجهان السجن لمدة شهر، وهكذا انقطعت الأخبار منذ تاريخ 02 ديسمبر وسط قلق شديد .

شرطة الحناية تؤكد الوفاة بعد شهر
بتاريخ العاشر من شهر جانفي تلقت عائلتا بزين ودحماني استدعاء من مصالح أمن دائرة الحناية، حيث توجه شقيقا حسين وإلياس إلى مقر الشرطة، أين اطلعا على الفاجعة التي جعلتهما ينهاران رغم محاولة عناصر الشرطة مواساتهما في مصابهما الجلل، ولم يكن التعرف على هوية المرحومين سهلا، خاصة وأنهما لم يكونا يحملان أي وثائق ثبوتية معهما في رحلتهما، كما أن مصالح الأمن بالنمسا اشتبهت في كونهما سوريان، نظرا لكثرة المهاجرين غير الشرعيين الذين يقصدون أوروبا من سوريا التي تعيش حربا دامية. ففي رحلتهما الأخيرة نحو النمسا إلتقى الصديقان بشابين مغربيين يخوضان الرحلة نفسها، وتبادلا بعض الكلمات من بينها “من أين جئتما” ثم افترقا بسرعة، وكان المغربيان قد أصيبا في نفس الحادث ونقلا لنفس المستشفى الذي حول إليه جثماني حسين وإلياس، وهما من أخبرا المصالح الأمنية عن جنسيتهما قبل التأكد من خلال بصماتهما من هويتهما .

اتصالات مع النمسا والعائلتان تنتظران الترحيل
تواصلت عائلتا الفقيدين مع منظمات تعمل في مجال حقوق الإنسان ومساعدة المهاجرين غير النظاميين والصليب الأحمر الدولي، من أجل تتبع الإجراءات اللازمة لتحويل جثماني إلياس وحسين إلى الجزائر، لكن تبقى الإجراءات القنصلية من الجانب الجزائري بحاجة إلى تسريع، الشروق اليومي زارت عائلتي دحماني وبزين أين استقبلتنا والدتا الفقيدين بدموع منهمرة وشديدة، مناشدتين تدخل أعلى السلطات من أجل تحويل جثمانيهما ودفنهما بتراب الوطن، خاصة وأن نار الفراق تكويهما ولا تستطيعان استيعاب ما حدث لحد الساعة .

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • amremmu

    تعقيبا على ابن الجزائر : كل سلوك وكل فعل بل وكل حركة ... من ورائها مسؤول وبالتالي فلا داعي لتبرير ما لا يبرر ولا داعي لتبييض سجل من كانوا وراء هذه الظاهرة . ثم لو سارت الجزائر على السكة الصحيحة منذ الاستقلال .. ولو استغلت امكانياتها الغير متناهية أحسن استغلال و ..... و ...... و .... لما أصبح الجزائري لا يفكر الا في الهجرة ولما كانت نهاية العديد من المغامرين قاع البحر ............ والسؤوال الذي يطرح نفسه : من حول الجزائر التي كانت ممولة العديد من الدول الاروبية بالقمح لقرون الى دولة تستورد كل شيء بما في ذلك أقلام الرصاص وأعواد الكبريت ... ومن حول الجزائر العاصمة من أنظف مدينة في العالم سنة 1935 الى واحدة من أقذر 5 مدن في العالم بجانب مدينة لاقوس النيجيرية وكاراتشي الباكستانية ... سنة 2012 ؟؟؟؟ وأخيرا : حين يكون الراعي أحمق فلا تلوم لا الذئب المفترس للنعاج ولا النعاج التي وقعت فريسة للذئب .

  • إبن الجزائر

    الأخ أبو سامي... اي إنسان يتحمل قرارات ما يقوم به فمهما كانت قساوة الحياة فك انسان مسؤول عن نفسه فلا داعي لتبرير فعل الناضج و نحن نعلم بأن ارزقنا كتبت و نحن في أرحام أمهاتنا و لن نترك من ورائنا مكتوب حتى و لو كان طرف خبز صغيييييير أو شربة ماء...و لا نقول إلا قدر الله و ما شاء فعل و إنا لله وإنا إليه راجعون...اللهم ارحمهم برحمتك التي وسعت كل شيء و اجعلهم من أهل الجنة يا رب العالمين

  • أبو سامي

    الحرقة أصبحت حلم عندكم، ما السبب الذي يدفع هؤلاء الشباب للحرقة ومن المسؤول؟