-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا فككت الدبلوماسية الجزائرية “ألغام القمة” منذ البداية

طاهر فطاني
  • 8680
  • 0
هكذا فككت الدبلوماسية الجزائرية “ألغام القمة” منذ البداية
رئاسة الجمهورية
الرئيس عبد المجيد تبون خلال ترؤسه للقمة العربية

رهان، بل تحد أطلقته الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية عبد المحيد تبون، باستضافتها الدورة الحادية والثلاثين لقمة جامعة الدول العربية، التي أرهقتها الخلافات وأثقلتها الانشقاقات الداخلية.

وكان الهدف ترميم البيت العربي ولم القادة العرب على نفس الطاولة، لتشخيص المرض الذي ينخر الجسد العربي وتوحيد الصف لمواجهة التحديات المصيرية التي يواجهها العالم العربي في مرحلة حاسمة تشهد تشكيل نظام عالمي جديد.

رفع هذا التحدي، واجهته حملات اعلامية شرسة وممنهحة، قادتها لوبيات ومخابر سعت جاهدة لافشال هذه الدورة قبل انعقادها، من خلال الترويج لأكاذيب مغرضة والعمل، أثناء إنعقاد القمة، على حصر الجزائر ومنعها من استعادة دورها المحوري في الساحتين العربية والدولية.

لغم التاريخ ثم عودة سوريا

الهجمات الأولى التي تعرضت لها الجزائر، كانت في أول شهر من سنة 2022، وركزت كلها على عرقلة المسعى الجزائري الذي بادر به الرئيس تبون للم شمل العرب وبدأت الحملة بإفتعال خلاف جزائري-مصري ورفض وهمي لبعض دول الخليج لاستضافة الجزائر للدورة الحادية والثلاثين.

كما رفضت المملكة المغربية، طلب انعقاد القمة بتاريخ 1 نوفمبر بدعوى أن الاقتراح الجزائري خالف قوانين الجامعة العربية، التي تنص على عقد القمة قبل شهر مارس من كل سنة.

القيادة الجزائرية نجحت، في اجتماع وزراء الخارجية المنعقد شهر مارس الماضي بالقاهرة، في تغيير موعد القمة الى الفاتح نوفمبر بإجماع عربي، ليتلقى بذلك الوزير المغربي ناصر يوريطة صفعة على يد نظيره الجزائري رمطان لعمامرة.

نفس الدوائر، التي تستغل بعض الأقلام المأجورة بين باريس، الرباط ولندن، شنت بعد ذلك، حملة أخرى بمزاعم جديدة، مفادها فرض دول عربية شرط المصالحة مع المغرب مقابل مشاركتها في القمة، إلا أن هذه المزاعم سقطت كأوراق الشجرة في فصل الخريف، الواحدة تلو الأخرى.

كما أن قضية استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، حاولت نفس الأطراف، استغلالها لإقناع القادة العرب باستحالة انعقاد القمة بسسبها، قبل أن تحبط دمشق، بكل شجاعة ومسؤولية، هذه المناورة ورفعت الحرج على القادة العرب وعلى الجزائر، عندما أعلنت عدم رغبتها في استئناف مقعدها في الجامعة العربية وتحبط بذلك الدسائس التي كانت تحاك ضد الجزائر.

واستمرت موجة التضليل والمناورات أثناء انعقاد القمة وفي أول اجتماع للمندوبين، حيث حاولت نفس الدوائر زرع الألغام في جدول الأعمال وتفخيخ اجتماع القادة العرب من خلال اقتراح بعض البنود التي تصب في صالح دول معينة على غرار “ملف سد النهضة والتنديد بالتدخل التركي والإيراني في الشأن العربي”، والتي عملت بعض الوفود على تمريرها خدمة لأجندتها وحماية لمصالحها في المنطقة، إلا أن وزراء الخارجية والقادة أسقطوا هذه البنود.

القضية الفلسطينية ومعاهدة السلام

إعادة طرح الملف الفلسطيني على ضوء “إعلان الجزائر”، حول المصالحة الفلسطينية وإحياء مبادرة السلام للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، التي تبنتها الجامعة العربية في قمة بيروت في 2002، أزعجت محور التطبيع.

هذا المحور حاول تقزيم الدور الجزائري في ملف المصالحة الفلسطينية، مع رفض اعتماد بعض بنوده ضمن مخرجات القمة مكتفيا باقتراح فقرة تتضمن “الترحيب باعلان الجزائر” حول المصالحة الفلسطينية ودعوة الجزائر و”الدول المعنية للتشاور مع لجنة فلسطين”، لتنفيذ الاتفاقيات السابقة “بما فيها اعلان الجزائر”.

وكان ذلك في محاولة لإشراك بعض الدول في ملف المصالحة إلا أن القيادة الجزائرية تمكنت من تعديل هذ البند وإبراز الدور المحوري للجزائر في ملف المصالحة الفلسطينية واعتماده بصيغته الحالية في إعلان الجزائر للدورة الحادية والثلاثين.

خيبة بوريطة

بعد الخيبة التي مني بها قبل القمة وإجهاض كل الدسائس التي كان ينسجها المخزن في الخفاء، استأنف وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، مخطط التشويش فور وصوله الى الجزائر.

حيث باشر تنفيذ سلسلة من استفزازاته غير المنتاهية، بإفتعال خروقات وهمية في بروتوكول الاستقبال كونه لم يحظ، حسب مزاعمه، بالاهتمام المطلوب، قبل أن يدخل في رحلة بحث طويلة، في أروقة قصر المؤتمرات، عن الصحافة الدولية للإدلاء بتصريحات مضللة جديدة، في الوقت الذي اشتد فيه النقاش بقاعة بسكرة بين وزراء الخارجية حول ملفات سياسية واقتصادية حاسمة.

الوزير المغربي لم يول أي اهتمام للكلمات التي كان يلقيها نظراؤه العرب ولا للملفات التي طرحت للنقاش، نظرا لمغادرته المتكررة لقاعة الإجتماعات لأجراء مكالمات هاتفية طويلة “مع القصر”، قبل أن يتقرب من الأمين العام لجامعة الدول العربية “ليخبره” بحضور ممثل عن جبهة البوليساريو في الإجتماع وهو الأمر الذي نفاه أبو الغيط وكذبه الوزير بوريطة نفسه محملا مسؤولية “المعلومة الخاطئة”، لمساعديه.

الخرجات البهلونية للدبوماسي المغربي، الذي يبدو أنه لم يستفد من الدبلوماسية إلا بحصوله على جواز سفر دبلوماسي، تواصلت إلى حد رفض تناول مأدبة العشاء مع الوفود العربية مكتفيا بوجبة أحضرها له أحد عمال القنصلية المغربية من خارج الفندق، كما حاول من قبل استفزاز السلطات الجزائرية عندما قرر الالتحاق بمقر اقامته بفندق الشيراطون مشيا على الاقدام لمسافة تفوق الكيلومترين.

مناورات المغرب لم تقتصر على خرجات الوزير بوريطة فقط، بل جند المخزن كل أجهزته بما في ذلك محاولةإدخال “عملائه” تحت غطاء “الوفد الاعلامي”، حيث تفطنت الأجهزة الأمنية الجزائرية، إلى تسجيل أسماء “الاعلاميين المغاربة” في كل منصات الوفود المغربية الرسمية والغير رسمية، ليتضح، بعد ذلك، أن “الصحافيين” الذين تم إعادتهم الى المغرب، منهم من هو موظف بوزارة الخارجية المغربية ومنهم من ينتمي الى الأجهزة الأمنية للمخزن.

وفي الوقت الذي كان بوريطة منهمك في تنفيذ المخططات الاستفزازية، نجحت القيادة الجزائرية برزانتها المعهودة، في تمرير ما كانت تسعى إليه في البيان الختامي ويكون بذلك الوزير المغربي قد أخفق في استفزاز الجزائر، وكذا تقديم مساهمة بلده في الخروج بقرارات تخدم الدول والشعوب العربية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!