-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
السائق قيد التوقيف لدى الدرك

هكذا قضى سبعة شبان حرقا على متن شاحنة بوهران

سيد أحمد فلاحي
  • 1722
  • 0
هكذا قضى سبعة شبان حرقا على متن شاحنة بوهران
ح.م

لم يكن يظن أكثر المتشائمين أن تنتهي حياة أصدقاء في عمر الزهور بطريقة دراماتيكية مثل التي نشاهدها في أفلام الأكشن والدراما، تلك هي القصة الحزينة، لأصدقاء ينحدرون من عائلات فقيرة بحي البركي الشعبي بوهران، هلك منهم 07 في حادث حريق شاحنة كانت تقلهم إلى أحد البساتين لجني الزيتون. “الشروق” عادت للواقعة التي هزت وهران صباح الاثنين، لتنقل الساعات الأخيرة لحياة هؤلاء الشبان الذين ماتوا داخل شاحنة متفحمين.
كان كل شيء عاديا ليلة الحادثة، زينو، حميدو، أيمن، عبد القادر، أكرم، شكري وميدو، مجموعة شباب تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 21 سنة، عثروا على فرصة عمل بأحد بساتين بلدية وادي تليلات، وبحكم الصداقة التي تجمع بينهم، فضّلوا العمل جماعيا، لتكون الانطلاقة من حي البركي في حدود الثامنة صباحا، للوصول إلى البستان والعمل إلى غاية الواحدة أو الثانية بعد الزوال، ومن ثمّ، العودة على متن الشاحنة التي ماتوا فيها.
يقول السيد قادة معلي، وهو جار أحد الضحايا، ومسيّر ملعب جواري بالبركي، إن أغلب المتوفين كانوا يعشقون الرياضة وخاصة كرة القدم، حيث أنهم يمارسونها في الفترة الليلية، ثم يعودون لمنازلهم للنوم، ليقوموا باكرا للالتحاق بالشاحنة التي يقودها أحد جيرانهم، والذي هو اليوم في قبضة الدرك الوطني من أجل مواصلة التحقيق معه حول ملابسات الحادث الأليم.
السيد معلي تحدث بكل حرقة عن أخلاق هؤلاء الشبان، خاصة المدعو ريان صاحب الـ21 سنة، والذي كان يملك موهبة نادرة في مداعبة الكرة، بدليل أنه كان قريبا من التوقيع مع أحد الفرق، وما زاد من حدة المأساة، أنه فقد قبل سنوات والدته، فكان يتيما يحمل هموما كبيرة في قلبه الصغير، وهو ما جعله يحلم بالتألق والنجاح في عالم الكرة عله يستطيع إعالة أسرته الفقيرة.
محدثنا عرج على مأساة الراحل أيمن قائلا إنه بعد تسريحه من المتوسطة، فضّل الالتحاق بمعهد التكوين المهني واختار مهنة الترصيص، حتى يمكّنه ذلك من ضمان مهنة المستقبل، وبما أن هذه الحرفة وجب على الصانع توفير وسائل عمل ومعدات لها، لم يمانع في العمل في قطاع آخر وجني الزيتون مع أصدقائه، حتى لا يكون عالة على عائلته، لكنه، للأسف، رحل دون رجعة تاركا وراءه حرقة كبيرة وجرحا لا يندمل.
عديلة هو الآخر جار الضحايا، روى لنا يوميات الضحايا التي كانت أغلبها في الحي، بين محل للألعاب الإلكترونية والملعب الجواري، حيث كانوا من عشّاق كرة القدم، وهو ما جعلهم في كل مرة، سواء حين ينطلقون نحو البستان أو قادمين منه، ينطلقون في تجاوز تلك اللحظات الشاقة والمتعبة بالأغاني والأهازيج، فيطبلون على هيكلها الحديدي، وهو السبب الرئيسي الذي جعل السائق لا يبالي حين اندلعت النيران خلف الشاحنة، أين كانوا متجمعين، وقد ظن أنهم كعادتهم يطبلون ويمرحون، لكن، للأسف، كانت الفاجعة لحظتها، والحريق يتوسّع نتيجة الرياح القوية، واحتكاك النار مع المواد التي كانت موضوعة في الخلف مع الشباب، ولم يتوقف السائق إلا بعد منبهات السيارات التي كانت تشير إليه باندلاع حريق خلف الشاحنة، وحين أوقفها كانت الكارثة قد حلّت.
وقد حولت جثث الضحايا الـ07 إلى مصلحة الحفظ بمستشفى “أول نوفمبر”، بينما لا يزال اثنان من المجموعة شكري وميدو يصارعان من أجل البقاء، رغم صعوبة الحالة الصحية، بعد أن تمكّنت النيران من أجسادهم الصغيرة بنسبة 100 بالمئة. في حين أمر، أول أمس، النائب العام لدى مجلس قضاء وهران بفتح تحقيق لمعرفة الملابسات والحيثيات التي تشير إلى أن الأمر يتعلق بتواجد دلاء بنزين في المؤخرة، ما يكون قد أدى إلى تفاعلها مع سجائر الضحايا، حسب التحقيقات الأولية.
وأعلنت النيابة العامة لمجلس قضاء وهران، مساء الاثنين، عن فتح تحقيق ابتدائي في حادثة احتراق شاحنة على مستوى منطقة البرية التابعة لدائرة اختصاص محكمة وادي تليلات في وهران، في حدود الساعة التاسعة والنصف صباح الاثنين، والتي أدت إلى وفاة سبعة أشخاص، كانوا على متنها وكذا إصابة شخصين آخرين يخضعان حاليا للعلاجات اللازمة على مستوى مستشفى إيسطو في مدينة وهران.
حيث أفاد البيان الصحفي الصادر عن النيابة العامة لوهران، بتاريخ 13 نوفمبر الجاري، أنه عملا بأحكام المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية، فإنه تم فتح تحقيق ابتدائي، أسند إلى فرقة الدرك الوطني بوادي تليلات لتحديد ظروف وملابسات القضية وتقديم المسؤولين عنها إلى نيابة الجمهورية لدى محكمة وادي تليلات.
كما تفقد والي وهران، سعيد سعيود، رفقة أعضاء اللجنة الأمنية، مساء الاثنين، أحوال المصابين بذات المؤسسة المختصة في علاج الحروق، واصفا الحادث التراجيدي بـ”النكسة” التي ألمت بولاية وهران بصفة عامة، كما أبدى امتعاضه حيال وقوع مثل هذه الممارسات غير القانونية، التي كانت كافية لنهاية حياة سبعة شبان في مقتبل العمر، محمّلا أمام الطاقم الطبي وباقي المسؤولين المحليين، سائق الشاحنة المحترقة المسؤولية الأولى والأخيرة لضلوعه بطريقة أو بأخرى في المأساة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!