جواهر
جواهر الشروق يسلط الضوء على المشكلة

هكذا يلين بين يديك؟!

نادية شريف
  • 45544
  • 14
ح.م

الزوج القاسي غليظ القلب، من أسوأ ما يمكن أن تبتلى به المرأة الحساسة المرهفة، فهو بخشونة تعامله وحدّة انفعالاته يحيل حياتها إلى جحيم، ويجعلها تعيش في ضنك، فلا هي تسعد بوجودها معه ولا هي تستطيع أن ترضيه.. مهما فعلت يكون الصراخ نصيبها، وأينما ولت وجهها استشعرت برد جليده نحوها، أما إن واجهته أو تعاملت معه بالمثل فيا ويلها!!!

واقع كئيب حقا ذاك الذي يخلو من المشاعر والأحاسيس، وحظ سيئ ذاك الذي يوقع غزالة وديعة في حضن أسد مفترس، لكن الجلوس والنواح لا يفيد شيئا بكل تأكيد، والواجب التفكير في طرق لإذابة جليد القسوة الذي يلف قلب الزوج، وما ذلك بالأمر الصعب إن تصرفت المرأة بذكاء خارق على الإطلاق، وفكرت في التغيير بدل الهروب بعيدا أو الطلاق..  

فاقد الشيء لا يعطيه ولكن؟

ترى الأخصائية النفسانية “ربيعي إلهام” أن قسوة الزوج تكون نابعة في الأصل من قلبه المتحجّر نتيجة الكبت الذي عاشه في عائلته ومحيطه. بمعنى أوضح أنه تربى على الجفاء والغلظة، وبما أن فاقد الشيء لا يعطيه فإنه يعامل زوجته كما تعامل معه أهله فترة نشأته الأولى.. هذا الزوج يكون في الغالب تربى إما محروما من حنان الأم أو معانيا من قسوة الأب أو كبر في بيت تغلب عليه المشاكل ولا يعبّر أفراده عن حبهم لبعضهم بالعناق والكلمات الجميلة، وإنما ينزوي كل في ركن ركين ويعيش في عالمه الخاص..

هذا من جهة ومن جهة أخرى تقول ذات الأخصائية أن الرجل يتربى على موروثات خاطئة مثل أن الرجل لا يبكي وهو الآمر والناهي وصاحب الكلمة والقوامة، والمرأة عليها أن تكون تحت سيطرته ورهن إشارته، ومن حقه عليها أن تطيعه فيما أمر دون معارضة وإن اعتذرت أو تأففت أو تذمرت فلا بدّ أن يؤدبها، والمصيبة أن المرأة في مجتمعنا تكون قد تدربت على التعامل مع قسوته والاستسلام لغلظته، إذ لا تجرؤ على مواجهته مع أن ذلك يجرحها ويؤلمها ويكسرها..  

عن الحالات التي مرت بها تقول الأخصائية ربيعي أنها استقبلت في عيادتها نساء كثيرات في حالة نفسية متدهورة نتيجة سوء تعامل أزواجهن معهن وقسوتهم عليهن، إنهن يأتين وفي ذهنهن تدور فكرة الطلاق رغم وجود الأبناء، وذلك حسبها نتيجة تراكمات القسوة التي تصبح بمرور السنوات لا تطاق، وإلا ما تأتي القطرة التي تفيض الكأس، كحالة السيدة رشيدة التي صبرت على أذى زوجها طويلا، إذ كان يضربها وينعتها بأوصاف بذيئة، والأكثر من ذلك كان يوقظها من نومها لتحضر له كأس ماء وإن لم تستطع مقاومة النعاس يركلها بشدة دون مراعاة لتعبها طوال اليوم..

بخصوص نصيحتها لهنّ وهل كانت تؤيد فكرة الانفصال، تقول الأخصائية أنها أبدا لا ترى ذلك حلا ولا تشجعهن عليه، بقدر ما تلقنهن أساليب امتصاص غضب الزوج، ومعرفة مداخل قلبه لتليينه وإذابة الجليد عنه، إذ وعلى الرغم من صدق مقولة “فاقد الشيء لا يعطيه” إلا أنّ اليأس لا ينبغي أن يدب في قلب المرأة ولا ينبغي أن ترمي المنشفة وتغادر الحلبة من أول صراع، بل لا بد من الصبر والتصرف بذكاء ومنح الحب مضاعفا للزوج والتعامل معه وفق النهج القرآني الصحيح: “ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”.

وهكذا تعلمت كيف تنثر ورود الياسمين؟

قصة السيدة آمنة، من أروع القصص التي مرّت علينا ونحن ننجز هذا الموضوع.. ما قالته يعتبر درسا ينبغي أن تستوعبه كل امرأة ضاقت بها السبل ولم تجد حلا لوضعها غير الطلاق أو الخضوع.. هي امرأة من الزمن الجميل، استطاعت بابتسامتها الساحرة وروحها المرحة وثقتها بنفسها وبقدرتها على الترويض أن تجعل قلب زوجها كالينبوع، يفيض حبا وحنانا بعدما كان قاسيا ولم تعرف معه غير الأوجاع والدموع..

هذه المرأة تقول: “كنت أنام والعبرات الحرّى تكوي خدّي.. لم أكن أعرف ماذا أفعل كي أرضي زوجي الذي كان يعاملني كالأشياء.. لا يكلمني.. لا يحاورني.. لا يدخل مشتاقا لي.. يقضي جل وقته يشاهد التلفاز صامتا وإن تذمرت من الوضع يهرع للصراخ أو الخروج من المنزل.. 3 سنوات وأنا صابرة على أذيته وجل ما كان يخيفني أن أنجب معه ولا أستطيع بعدها مفارقته.. كنت آخذ حبوب منع الحمل خفية ولا أخفي عليكم أني كنت أفكر في الطلاق”.

تتنهد آمنة بعمق ثم تواصل: “لطف الله يأتي دائما في الوقت المناسب، ففي لحظة يأس توضأت وصليت واستغفرت كثيرا ودعوت الله أن يصلح لي زوجي ويجعلني أنعم بحياة سعيدة معه.. صليت بخشوع وتضرعت بخضوع وقد شعرت بالطمأنينة حينها، وبدأت تراودني فكرة التغيّر بدل التذمر.. بدأت أستشعر معنى الآية الكريمة: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”، ومن هنا كانت الانطلاقة..”.   

تصمت قليلا وتبتسم ثم تواصل: “لقد تعلمت كيف أنثر ورود الياسمين لمن كان يسبب لي الجروح بأشواك قسوته.. صرت أكثر اهتماما بمظهري وببيتي.. صرت أعبق الأجواء بعطري الخاص، وقبل أن يدخل غرفة النوم كنت أقطف الياسمين وأضعه على الفراش وأترك الإنارة خافتة كي أمتص غضبه وتعبه.. هو لم يكن يفهم شيئا لكنه كان يستحسن تصرفي، والدليل أنه تغير جدا معي وصار يبحث عني حينما أغيب لساعة أو أكثر في غرفة أخرى، خصصتها لممارسة هواية المطالعة التي أهملتها منذ تزوجته..”.

خضوعك يزيد من قسوته

أخصائية علم النفس وتقويم السلوك السيدة “بوشايب سامية” ترى أن سبب قسوة الرجل وتسلطه على المرأة راجع لخضوعها بالدرجة الأولى، فهي لو عرفت من البداية كيف تضع حدودا له لما كان ليتمادى في إهمالها وإذلالها..

الرجل حسبها لا يحب المرأة الضعيفة ولا تستهويه دموعها التي تنزل بمناسبة وبدونها، لذلك فهو يعبر عن استيائه من تصرفاتها بغضبه وتجاهله اللذان يصبحان مع الوقت قسوة مبررة..

عن كيفية التعامل مع الزوج القاسي تقول الأخصائية: “على المرأة أن تجد المدخل لقلبه، فكما ينصهر الحديد بالنار، تتلاشى قسوته بعديد الأفكار.. عليها فقط أن تؤمن بأنه سيتغير وأن تصبر، ولا يتأتى لها ذلك بدون التفكير الإيجابي”.

وتوافقها الأخصائية ربيعي في أن المرأة لا ينبغي أن تجعل الرجل محور اهتمامها، بحيث تلجأ إليه في أي شيء وفي كل شيء، بل من الضروري أن تعي وتدرك بأن لديها شخصية مستقلة وسيكون جيدا، بل رائعا لو عاشت حياتها بتلقائية كما كانت قبل الزواج.. تخرج مع صديقاتها.. تمارس هواياتها.. تعتمد على نفسها.. تحتفظ ببعض الخصوصية ولا تكون كتابا مفتوحا بيد زوجها.    

هل سمعت بقصة المرأة والأسد؟

التعامل مع الزوج القاسي جاء ملخصا في قصة تتداولها الألسن كثيرا.. قصة فيها من العبر ما يجعلك تتحلين بالعزيمة والإرادة للتغيّر نحو الأفضل، وهي تقول:

“جاءت امرأة في إحدى القرى لأحد العلماء وهي تظنه ساحرا وطلبت منه أن يصف لها شيئا، بحيث يحبها زوجها حبا لا يرى معه واحدة من نساء العالم، فقال لها: “إنك تطلبين شيئا ليس بسهل.. لقد طلبت شيئا عظيما فهل أنت مستعدة لتحمل التكاليف؟”

قالت: “نعم”

قال: “إن الأمر لا يتم إلا إذا أحضرت شعرة من رقبة الأسد”

قالت: “الأسد؟”

قال: “نعم”

قالت: “كيف أستطيع ذلك والأسد حيوان مفترس ولا أضمن أن يقتلني أليس هناك طريقة أسهل وأكثر أمنا؟”

قال لها: “لا يمكن أن يتم لك ما تريدين من محبة الزوج إلا بهذا وإذا فكرت ستجدين الطريقة المناسبة لتحقيق الهدف”

ذهبت المرأة وهي تضرب أخماسا بأسداس، تفكر في كيفية الحصول على الشعرة المطلوبة، فاستشارت من تثق بحكمته، فقيل لها أن الأسد لا يفترس إلا إذا جاع وعليها أن تشبعه حتى تأمن شره..

أخذت بالنصيحة وذهبت إلى الغابة القريبة منهم وبدأت ترمي للأسد قطع اللحم وتبتعد، واستمرت في إلقاء اللحم إلى أن ألفت الأسد وألفها مع الزمن، وفي كل مرة كانت تقترب منه قليلا إلى أن جاء اليوم الذي تمدد الأسد بجانبها وهو لا يشك في محبتها له، فوضعت يدها على رأسه وأخذت تمسح بها على شعره ورقبته بكل حنان، وبينما الأسد في هذا الاستمتاع والاسترخاء لم يكن من الصعب عليها أن تأخذ الشعرة بكل هدوء..

وما إن أحست بتمكلها للشعرة حتى أسرعت للعالم الذي تظنه ساحرا لتعطيه إياها والفرحة تملأ نفسها بأنها الملاك الذي سيتربع على قلب زوجها وإلى الأبد، فلما رأى العالم الشعرة سألها: “ماذا فعلت حتى استطعت أن تحصلي عليها؟”.. فشرحت له خطة ترويض الأسد، والتي تلخصت في معرفة المدخل لقلب الأسد أولا وهو البطن، ثم الاستمرار والصبر على ذلك إلى أن يحين وقت قطف الثمرة، حينها قال لها العالم: يا أمة الله، زوجك ليس أكثر شراسة من الأسد.. افعلي مع زوجك مثل ما فعلت مع الأسد تملكيه.. تعرفي على المدخل لقلبه وأشبعي جوعته تأسريه وضعي الخطة لذلك واصبري.

مقالات ذات صلة