الرأي

هل أنت صادق في توبتك؟

سلطان بركاني
  • 1645
  • 0
الأرشيف

قبل أسبوع من الآن، بدأنا حديثنا عن الاستعداد لاستقبال رمضان. تتابعت أيام الأسبوع وتعاقبت لياليه، وتوالت ساعاته ولحظاته، لكأنّما هي أضغاث أحلام، وها هو رمضان يعود. ها هي نسماته تهبّ، وها هي نفحاته تخالط النّفوس المؤمنة وتحدوها للعودة إلى الله.

كثير هم أولئك الشّباب الذين يتوبون في رمضان، لأنّهم يحسّون مع أوّل يوم من أيامه أنّهم فرطّوا في جنب الله، وأنّه قد آن الأوان ليعودوا إلى الحنّان المنّان جلّ في علاه؛ يتوبون إلى الله بقلوبهم، ولكنّ كثيرا منهم لا يسألون أنفسهم لماذا نتوب؟ وعن أيّ شيء نتوب؟ نعم أخيّ الحبيب، سؤال مهمّ ينبغي أن تطرحه على نفسك: لماذا تتوب؟ تتوب لأنّك تخشى الله، لأنّ الله يحبّ توبتك ويفرح بها، لأنّ دينك وأمّتك في أمسّ الحاجة إليك. وممّ تتوب؟ تتوب من التهاون في الصّلاة، من هجر القرآن، من عقوق الوالدين، تتوب من النّظر إلى الحرام وقول الحرام وسماع الحرام وأكل الحرام. تتوبين أيتها المؤمنة من إضاعة الصّلاة، من التفنن في الحجاب، من التعبّد للمظاهر الفانية والتعلّق بالمتع الزّائلة، من العكوف على المسلسلات والأغاني التي تدعو إلى التمرّد على الدّين والأخلاق الفاضلة.

إنّنا جميعا بحاجة لنعرف لماذا وممّ نتوب، حتى نكون صادقين مع الله في توبتنا، ويعقد كلّ واحد منّا العزم على أن تكون توبته في رمضان، هي آخر عهد له مع حياة الغفلة والتّفريط والعصيان؟

إنّ الحياة لن تحلو ولن تطيب إلا بالاستقامة على دين الله. إلا بطلب رضا الله. لن تحلو الحياة إلا بحثّ الخطى إلى المساجد. إلا بثني الرّكبتين أمام كتاب الله. إلا بغضّ السّمع والبصر واللّسان عن محارم الله. مهما كانت هموم الدّنيا وغمومها فإنّ قلب العبد المستقيم على طاعة الله في راحة وطمأنينة، لأنّه يعلم أنّه يعيش أياما معدودة في دنيا زائلة فانية.

إنّها الحياة الحقيقية، حياة يحسّ فيها العبد أنّه يقترب من رضا ربّه الكريم. وأنّه عمّا قريب سيقف بين يدي ربّه الغفور الرّحيم. عمّا قريب سيرتاح من هموم الدّنيا وغمومها وآلامها، ويحطّ رحاله في جنّة لا يفنى نعيمها؛ لا همّ فيها ولا غمّ، لا تعب فيها ولا نصب، ولا جوع ولا ظمأ.

فلله لله يا من عدت إلى الله في رمضان. يا من تتمنّى رقّة الرّوح ولين القلب والجنان، يا من تتمنّى الثّبات على دين الله الواحد الديّان. رمضان فرصة العمر. إياك أن يرحل بعد أيام وأنت لم تسبل ولو دمعة من عينيك لأجل أن يعينك الله على نفسك وشيطانك وهواك. ومَن لم يبك في رمضان فمتى سيبكي؟. إنّ الجوع والدّموع من أعظم أسباب لين القلوب وطهارة الأرواح. إنّ الجوع والدّموع يفعلان في الرّوح ما لا تفعله السّياط في الجسد.

إنّ البكاءأخي المؤمنمن أعظم أسباب لين القلوب لله علام الغيوب. إنّ دموعك هي من أغلى ما تملك في هذه الحياة. ربّما أسبلتَها مرّات ومرّات لأجل نوائب ومصائب الدّنيا، وربّما أسبلتها لأجل مشهد في مسلسل من المسلسلات، أو لأجل نتيجة مباراة من المباريات، فهل آن لك أن تسبلها لأجل علاج قلبك، لأجل رضا ربّك. هل آن لك أن تصلّي بالليل صلاة استسقاء للدّموع في خلوة بربّك؟ يقول نبيّ الهدى صلّى الله عليه وآله وسلّم: (ما من عبد مؤمن يخرُج من عينيه دموع وإن كان مثلَ رأس الذباب من خشية الله، ثمّ تصيب شيئا من حرّ وجهه إلا حرّمه الله على النّار).

مقالات ذات صلة