جواهر

هل أنت من ثلة المجاهدين؟

أماني أريس
  • 4346
  • 6
ح.م

كثيرة هي المفاسد والمعاصي التي سقطت من سلم استحقاقها بالتقادم، وباتت جزءا من حياتنا لا تكاد تجد لها مغيرا ولا حتى مستنكرا، ومن ضمنها هذا النفاق المستشري في مجتمعنا، والذي بات يطلق عليه مصطلح “الذكاء الاجتماعي”، حيث أننا نعيش في مجتمع جعل للقيم سوقا، وعدّد لها المكاييل، وجعل من الازدواجية عملة، وأيّ محاولة للخروج عن هذا النمط، ستكلف صاحبها الكثير، يخسر بسببها أشخاصا، ويضيع مصالحا. ويعيش اِغترابا قد يجعله يستسلم ويعود أدراجه ليسير في التيار الكاسح.

طيف الألوان المتناوب في شخصية أي إنسان، لا يمكن البتة أن يكون ذكاء اجتماعيا، إنما هو غدر اجتماعي مقيت، فليس هناك من ينجح في كسب رضا الجميع دون أن يقدم تنازلات جمة ليس عن حقوقه فحسب، بل عن مبادئه وقيمه التي تمثل ماء سريرته، وكلما تبخر جزء منها كلما تجمدت فطرته، وتحجر ضميره، وفقد إنسانيته شيئا فشيئا حتى يصبح متمرسا على الشر والفساد.

جرّبي يوما واجهي جارتك الانتهازية؛ التي لا تكف عن استعارة أغراضك ولا تحتفظ بها،  واجهي مرّة زملاء العمل ترين منهم تصرفا يضر بالمصلحة العامة، استغلي مناسبة عائلية لتنتقدي ظاهرة الغيبة والنميمة بين النساء. سترين أنّك حتى لو انتقيتِ أرقّ أسلوب، وأطيب كلام، لن تنالي رضاهم، وقلّما تصادفين بمن يقرّ بخطئه، ويقبل المواجهة والصراحة.

لكن لو عمدت إلى أسلوب المداراة والنفاق والكذب والإلتواء، سيشفع لك ذلك أمامهم رغم علمهم بذلك، فالجارة ترغب في الحصول على ما تطلبه منك، حتى لو أدركت أنك ستتبعين عطاءك بوابل من المنّ والأذى بمجرد أن تتوارى عن أنظارك، بل والأدهى والأمرّ؛  تجدينها تستسيغ الكذب على مواجهتها بالحقيقة، وزملاؤك في الدراسة أو في العمل يفضلون المجاملات والمداهنات على النقد والصراحة، وهكذا نعيش في مجتمعنا دورة التخلف والفساد دون أن نعي خطورة ما نحن فيه.

مع ذلك تبقى هناك ثلة من الشرفاء المجاهدين في سبيل المبدء، أولئك على قلّتهم تعمّ بركة نفعهم كل الوطن، لك أن تحكمي على نفسك بصدق هل أنت من هذه الثّلة ؟ في جميع الأحوال متزوجة أو عازبة، مطلقة أو أرملة، عاملة أو عاطلة، لك أطفال أو لم ترزقي بهم بعد، سعيدة أو تعيسة، أنت عرضة لكلام الناس، سواء بداعي الشفقة أو بداعي التشفّي، أو بلا داع، المهم أن حياتك  لن تسلم من وجود المتربصين بك، والمنغصين عليك، لذلك لست مجبرة على التضحية بالمبادئ التي تحقق توازنك الروحي وصفاءك الذهني، من أجل إرضائهم.

سيستهجنون تميّزك ويرفضون تفرّدك، وتبدين لهم بصرامتك متجبرة، وبصراحتك متكبرة، سيحاولون عرقلة أي خطوة تمدينها نحو النجاح، وفرملة أي خير في طريقه إليك، سيلصقون بك كل التهم والعاهات النفسية، من قبيل معقدة، متكلفة، مدّعية، بخيلة، وقحة… وهلم جرّا، لكن  صمودك وصبرك، وثقتك في الله هي من تخرجك في النهاية منتصرة، محافظة على رأس مالك الروحي، فرضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك.

مقالات ذات صلة