الجزائر
وزير الخارجية التركي يطالب بدور أكبر للجزائر في المنطقة

هل تتحرر العلاقات الجزائرية التركية بعد سقوط العصابة؟

محمد مسلم
  • 6209
  • 25
ح.م

تختلف الزيارة التي قادت وزير الخارجية التركي، جاويش أوغلو، عن الزيارات التي قام مختلف المسؤولين الأتراك إلى الجزائر في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، الذي حرص هو ورجاله على أن تكون العلاقات الجزائرية الفرنسية أهم من غيرها.

وخلال العقدين الماضيين، تعمدت أذرع اللوبي الفرنسي المتنفذ في مؤسسات الدولة، الإمعان في الإساءة للعلاقات الجزائرية التركية، وذلك عبر تحقير بعض المسؤولين الأتراك، على الصعيد البروتوكولي، فقد اعتادوا تجييش المسؤولين الكبار لاستقبال أبسط مسؤول فرنسي في مطار هواري بومدين، فيما كانوا يوفدون شخصيات أقل شأنا لاستقبال المسؤولين الأتراك ولو تعلق الأمر برجال من الصف الأول.

ويتذكر الجزائريون التصريح الشهير الذي صدر عن الوزير الأول الموجود بسجن الحراش، أحمد أويحيى، عندما هاجم الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، على خلفية مطالبته فرنسا بتحمل مسؤولية ماضيها الاستعماري في الجزائر، والاعتذار عن جرائمها، حيث راح أويحيى يتهم المسؤول التركي مدافعا عن الموقف الفرنسي، في الوقت الذي كان يتعين عليه استثمار هذا الموقف في الضغط على باريس لتنظيف ما تركته خلفها في مستعمرتها السابقة.

لكن يبدو أن الأمور تغيرت هذه المرة، فالوزير التركي بدا أكثر أريحية مقارنة بمن سبقه من المسؤولين الأتراك، وجسد هذا، قوله بأن “تركيا تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع الجزائر، ونحن نفتخر بوجود مئات من شركاتنا تعمل وتستثمر فيها. ونقدم جزيل الشكر للدولة الجزائرية للثقة التي وضعتها فيهم”.

العلاقات الجزائرية التركية في عهد نظام بوتفليقة طغى عليها البعد الاقتصادي، وذلك على الرغم من العراقيل التي وضعتها حكومات الوزيرين الأولين السابقين، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، أمام الاستثمارات التركية التي شملت كل القطاعات تقريبا وبلغت قيمتها نحو 4.5 مليار دولار، على العكس من الاستثمارات الفرنسية، التي وجدت كل التسهيلات من “نظام العصابة”، بالرغم من انتهازيتها المتمثلة في انتقاء قطاعات النشاط الأكثر ربحية والأقل كلفة، وكذا تلك التي لا تتطلب تحويل التكنولوجيا، حرصا على إبقاء الاقتصاد الوطني تابعا لاقتصاد المستعمرة السابقة.

ويتوقع المراقبون أن تدخل العلاقات الجزائرية التركية بعد زيارة جاوييش أوغلو، توجها جديدا، قوامه توسيع قاعدة التعاون من البعد الاقتصادي، إلى المسائل السياسية والإستراتيجية، وفقا لتطلعات الجانب التركي، الذي أكد على لسان رئيس دبلوماسيته أن أنقرة ظلت “تصر دائما على حضور الجزائر في كل الاجتماعات الدولية”، فيما بدا أن أنقرة تبحث عن داعم بحجم الجزائر، لمواقفها في المنطقة.

وتلتقي السياسة الخارجية للجزائر في العديد من المواقف مع السياسة الخارجية التركية، وعلى رأسها، آليات حل الأزمة الليبية، فالجزائر وأنقرة يريان أنه لا مناص من الحوار لإنهاء حالة الاقتتال الداخلي، كما يلتقيان في دعم الحكومة المعترف بها دوليا، في ليبيا، وهي حكومة الوفاق، التي يرأسها فايز السراج، كما يرفضان العمل العسكري الذي أطلقه ما يسمى الجيش الليبي، بزعامة خليفة حفتر، الذي يتلقى الأوامر من دول إقليمية ممثلة في كل من مصر والإمارات العربية المتحدة، وأوروبية ممثلة في فرنسا.

مقالات ذات صلة