-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل تتحوّل مصر إلى دولة فاشلة؟

حسين لقرع
  • 2917
  • 6
هل تتحوّل مصر إلى دولة فاشلة؟

يبدو أن الانقلابيين مصرّون على إستعداء ملايين المصريين ولو أدى ذلك إلى الزجّ بالبلد في أتون حرب أهلية طاحنة قد تهلك الحرث والنسل.

وعندما يظهر رئيسُ وزراء الانقلابيين بعد ساعات قليلة من وقوع عملية المنصورة الارهابية ويتهم الإخوان بارتكابها، قبل أن تبدأ التحقيقاتُ الأمنية، ودون أن يقدّم دليلاً واحداً، ثم يسارع مجلسُ الوزراء إلى إعلان تصنيف الإخوان “جماعة إرهابية” بعد يوم واحد من الجريمة، فإن هذا يعني أن كل شيء كان مرتبا وجاهزا ومُدبَّرا له بليل، ونُفذ بإحكام قصد توفير ذريعة لتصفية الجماعة.

وبموجب القرار الجديد، سيعاقب كل مشارك في المظاهرات بخمس سنوات سجناً، وكل من يترأس مظاهرة بالإعدام، وهي عقوبات غير معقولة ولم تضعها سوى الأنظمة الفاشية الأكثر استبداداً في التاريخ، ما يعني أن النظام الانقلابي لم يعد يختلف عن أنظمة الشاه وتشاوسيسكو ولينين وستالين والأسد والمرحومين صدام والقذافي وباقي الأنظمة العربية الديكتاتورية، وتجاوز نظامَ مبارك في استبداده وقمعه. ولكن النظام الانقلابي لم يوضح كيف سيسجن ملايين المصريين الذين يشاركون في المظاهرات، وأين هي السجون التي ستتسع لهم؟ اللهم إلا إذا كان ينوي فتح معتقلات شاسعة لهم في الصحراء.

وبموجب هذا القرار أيضاً، فقد تمّ حظر الأعمال الخيرية لآلاف الجمعيات الخيرية المرتبطة بالإخوان، وأصبح ملايين المرضى في خطر، ومئات الآلاف من اليتامى والأرامل الذين كانت تعيلهم عرضة للضياع، وملايينُ المصريين عرضة للفقر المدقع وانقطاع المساعدات عنهم، في ظل عجز الدولة عن القيام بواجباتها الاجتماعية، وبذلك ينطبق على النظام الانقلابي المثلُ الجزائري القائل “لا يرحم ولا يترك رحمة الله تنزل”.

أما الأخطر مما سبق، فهو شروع جرائد الفتنة والتحريض على الكراهية والإقصاء في نشر أرقام هاتفية للأمن، داعية المصريين إلى الاتصال بها للتبليغ عن الإخوان حتى يتم القبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء بتهمة “الانتماء إلى جماعة إرهابية؟”، ما يعني أن إعلام الدم والحقد يريد تحويل ملايين المصريين إلى مُخبرين للانقلابيين، وتكريس انقسام المجتمع إلى فئتين كبيرتين، تسود بينهما علاقات متوترة قائمة على البغضاء والصراعات والتناحر.

 ولا يُستبعد في ظل هذا التصعيد الفرعوني، أن ينزلق البلد إلى حرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس، فمادام الانقلابيون يعتبرون أزيد من 5 ملايين مصري “إرهابيين”، لأنهم ينتمون إلى الإخوان، وقرروا تصعيد أعمال القتل والتنكيل ضدهم ومطاردتهم في كل مكان لإنزال عقوبات ثقيلة بحقهم، فلا يُستبعد في هذه الحالة أن يلتحق الآلاف منهم بالجماعات السلفية المرتبطة بـ”القاعدة” في سيناء، وبذلك يمنح لها الانقلابيون فرصة عظيمة لتقوية صفوفها وتوسيع نفوذها وهيمنتها على سيناء، ثم الانتقال إلى مختلف المدن المصرية كما تفعل الآن في سوريا.

لقد برهن الإخوان طيلة 6 أشهر من المظاهرات على تمسُّكهم بسلمية احتجاجاتهم برغم كل المذابح والتنكيل الذي تعرضوا له، بل إنهم برهنوا على ذلك طيلة 85 سنة من تاريخهم، وأكدوا أنهم معتدلون وسطيون مسالمون، ولكن نظام البغي والعدوان إعتبر جماعتهم “إرهابية” لأول مرة في تاريخها، وصعّد القمع والتنكيل والمطاردات بحق أنصارها، وهو بذلك يقوِّي صفوف المتطرفين الذين طالما روّجوا لفكرة أن الأنظمة العربية لا تفرِّق بين إسلامي معتدل وآخر متشدِّد، بل تعتبرهم كلهم متطرفين وتقوم بإقصائهم دون استثناء.

 

لقد فوّت الانقلابيون على مصر فرصة كبيرة للعودة إلى التخندق في صفوف الأمة ومناصرة قضاياها مجدداً، وحوّلوها مرة أخرى إلى شوكة في حلقها بدل أن تكون شوكة في حلق الصهاينة والأمريكيين، وها هم الآن يجرّونها جرا، بتهوّرهم واستبدادهم ونزعتهم الإقصائية، إلى حرب أهلية خطيرة قد تحوِّلها إلى دولة فاشلة جديدة في المنطقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • بدون اسم

    مصر مند وفاه عبد الناصر دولة فاشلة ومع مبارك اصبحت عبارة عن بازار من يدفع يملك فملكها عربان الخليج على جنيه رقصني يا جدع على مثال مسلسلات المصرية احنا حبين ناكل عيش يا باشا فهل اصبح المصريين ...؟؟.السؤال مطروح

  • ابن الشهيد الجزائري

    امتى كانت مصر من الدول المتقدمة او المتطورة ختى تصبح الان دولة فاشلة ههههههههههههههه والله العظيم

  • ABDELHAFIDH

    لا نتمنـــــى ذلك طبعاا

  • محمد ب

    لم ولن يأخذ العرب من أحداث الجزائر التي شتموا بها الجزائريين خلال التسعينيات أي درس.مثلما أخطأ ‏الإسلاميون في تسيير شعبهم في الجزائر بتجاهل التاريخ ومتطلبات العصر واعتمادهم على الارتجال وانغلاقهم ‏على أنفسهم واستعمالهم الروح الإقطاعية حتى في تسيير البلديات واجهتهم قوى البطش من الطبقة العميلة للغرب ‏بالجيش المالك الحقيقي لدواليب الدولة الموازية للسلطة الشرعية والذي يمتلك ركائز الاقتصاد غير الخاضع ‏للمراقبة.بهذا الشكل أعادت مصر عصر الفاشية إلى ربوعها بوجه جديد يتخذ من الوطنية قناعا يبرر بها جرائمه

  • ابو ياسين

    لا فض فوك يا استاذ العملة الرائجة الان هي الصاق تهمة الارهاب في اي كان ثم افعل ماتشاء خاصة اذا كان اسلاميا وعليه يبقى احدى الحلين عند الاخوان .اما الصبر مع شدة المعانات وانتظار الفرج من الله وتقديم ما عند الله وهذا منهج الانبياء والصالحون وتمسك به الاخوان منذ نشاتهم .واما الدخول في فتنة وفوضى الكل فيها خاسر دنيا واخرة وترك المجال للعابثين وهنا يتدخل راي العلماء الربانيين في تحديد الموقف المناسب في اللحظة المناسبة ..

  • ابن الشهيد الجزائري

    لا يهمنا امرهم ان تحولت ام لم تتحول لا احب هذا البلد