-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل تعرّض النّوابغُ للتغرير؟!

هل تعرّض النّوابغُ للتغرير؟!

ما كشف عنه الكثير من المختصين في أعقاب المقال الذي نشرناه وطرحنا فيه إشكالية إقصاء الطّلبة النّوابغ من المدرسة العليا للرّياضيات وإعادة توجيههم إلى تخصّصات أخرى، يعيد النّقاش إلى الوضع في الجامعة الجزائرية التي يتفق الجميعُ على أنّها تمر بأزمة على كلّ الأصعدة.

ومع التسليم بأنّ نمط الدّراسة في الجامعة يختلف اختلافا جذريا عن الدراسة في المرحلة الثّانوية، وأنّ الكثير من الطّلبة يتأثرون بالمحيط الذي لا يشجِّع كثيرا، إلّا أنّ ثمّ أسبابا تتعلّق بالمؤسّسات الجديدة التي فُتحت على عجل، من دون أن تستكمل كافة الجوانب التّحضيرية على غرار الطّاقم البيداغوجي ووسائل الدّراسة.

قبل عام افتُتحت كلّ من المدرسة العليا للذّكاء الاصطناعي والمدرسة العليا للرياضيات، وأُعلِن حينها أنّ المدرستين توفّران تكوينا نخبويا يستجيب للمقاييس العالمية، وقيل كذلك إنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي نصّبت فريقا من الخبراء المرموقين، بمساهمة الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، مَهمَّتُه إعداد برامج بيداغوجية نوعية تستجيب للمعايير العالمية ومتطلبات سوق العمل.

وأمام هذه الحملة الإعلامية التي شاركت فيها سفاراتٌ أجنبية في الجزائر، تسابق حملة البكالوريا الجدد إلى الالتحاق بإحدى المدرستين، وكان حفل الافتتاح فخما بحضور ممثلين عن الشركات العمومية والسّفارات الأجنبية على غرار السفارة الأمريكية بالجزائر التي قالت على لسان النّاطق الرسمي باسمها “خالد ولفسبورغ”: “إن مدرسة الذّكاء الاصطناعي ستغيِّر قواعد اللّعبة في التّعليم العالي في الجزائر”، وأشاد باعتماد اللّغة الإنجليزية في التّدريس، وقد سمعنا حينها عن الاستعانة بأساتذة جزائريين مرموقين في الجامعات عبر العالم.

وأُعلن حينها أنّ المدرستين ستحظيان بمرافقة استثنائية بإبرام شراكة أجنبية مع خمسة بلدان بلغت مستوياتٍ متقدمة في تطبيقات الذّكاء الاصطناعي وهي الصّين وبريطانيا واليابان وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

لكن الأسئلة التي يجب أن تُطرح هي: هل تحقّق كلّ هذا بعد عام من التّجربة؟ وهل نُفِّذت تلك الاتفاقياتُ مع الأجانب؟ وهل درس الطّلبة سنتهم الأولى في مدرسة الذكاء الاصطناعي باللّغة الإنجليزية؟ ولماذا صُدم الطّلبة بقرارات الإقصاء والتّحويل إلى مؤسسات جامعية أخرى بسبب الرسوب إمّا بالمعدل المتدني أو بالعلامة الإقصائية؟

لقد أدلى الكثير من الأساتذة المختصين من بينهم البروفيسور في الفيزياء النظرية جمال ضو، بدلوهم في موضوع المدرسة العليا للرياضيات موضِّحين الأسباب الموضوعية التي تقف وراء النتائج المتدنية للطلبة، وعلى رأسها عدم استقرار هذه المؤسسة التي مر عليها ثلاثة مديرين، كما أنّ المدرسة لم تتخلّص من الحشو في البرامج والمقاييس المعتمدة في باقي جامعات الوطن، أضف إلى ذلك المشاكل التي واجهت المؤسسة في توفير الطّاقم البيداغوجي المؤهِّل لتقديم الدروس وفق المواصفات الدولية طالما أن هذه المدرسة تسعى إلى أن تكون قطب امتياز يرتقي بالتعليم العالي في الجزائر.

فهل غُرِّر بالطّلبة النوابغ الذين التحقوا بالمدرستين العليا للرياضيات والذكاء الاصطناعي على أمل الحصول على تكوين نوعي فاصطدموا بواقع آخر لا علاقة له بالوعود التي أطلقها المسؤولون عند افتتاح المدرستين؟ الإجابة عند المسؤولين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!