الجزائر
بلجيكا تقدم اعتذارها على جرائم استعمارها في الكونغو

هل تفعلها فرنسا الأحد المقبل؟

محمد مسلم
  • 44852
  • 39
الشروق أونلاين

وضع الملك البلجيكي، لويس فيليب، السلطات الفرنسية في حرج كبير، بعد اعتذاره عن الماضي الاستعماري لبلاده في المستعمرة السابقة، الكونغو، التي احتفلت، أمس، بعيد استقلالها الستين.

وفي رسالة وجهها، الثلاثاء، إلى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فليكس تشيسكيدي، بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال هذا البلد، كتب الملك فيليب: “أود أن أعبر عن بالغ أسفي لجروح الماضي، هذه التي يستعاد ألمها اليوم عبر التمييز الذي لا يزال حاضرا في مجتمعاتنا”.

ويأتي هذا الاعتذار، في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية فتورا غير مسبوق، منذ أزيد من سنة ونصف، ويعتبر الماضي الاستعماري من بين الملفات التي تسببت في هذا الفتور، إضافة إلى ملفات أخرى، من بينها محاولات المستعمرة السابقة، التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر.

وتعتبر بلجيكا إحدى الدول الأوروبية الاستعمارية، وقد احتلت دولا إفريقية مثل رواندا وبورندي، إضافة إلى الكونغو، وحتى بعد اعترافها باستقلال هذه الدولة، تورطت في تصفية زعيم الاستقلاليين الشهير، باتريس لومومبا في العام 1960، من خلال دعمها لخصومه الذين تمردوا على حكمه. وقد خلص تحقيق لجنة برلمانية بلجيكية إلى الإقرار بـ “المسؤولية الأخلاقية” لبلجيكا عن اغتيال لومومبا.

اعتذار المملكة البلجيكية عن جرائم استعمارها لم يتوقف عند هذا الحد، بل تزامن أيضا مع إزالة نصب تذكاري للملك البلجيكي الراحل ليوبولد الثاني، وهو الملك الذي كان متربعا على العرش، والمتهم بقتل عشرة ملايين كونغولي، خلال حقبة الاستعمار، وهي الخطوات التي تعتبر امتدادا لخطوة سابقة، كانت في العام 2018، عندما تم تدشين نصب للمقاوم الكونغولي المغدور، باتريس لومومبا، في قلب العاصمة بروكسل.

الخطوة البلجيكية المشرفة، اختير لها أن تكون بمناسبة عيد استقلال الكونغو، وهو المسعى الذي من شأنه أن يضع السلطات الفرنسية أمام حرج كبير، فعيد استقلال الجزائر المصادف للخامس من جويلية، مرتقب الأحد المقبل، أما الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي بحق الجزائريين، فهي تفوق بمئات أضعاف تلك التي ارتكبها الجيش البلجيكي في الكونغو.

وعلى الرغم من أن الرؤساء الفرنسيين المتعاقبين على قصر الإيليزي خلال العهدات الثلاث الأخيرة، نيكولا ساركوزي، فرانسوا هولاند والحالي إيمانويل ماكرون، اقتنعوا ببشاعة جرائم الاستعمار في الجزائر، إلا أن أيا منهم لم يتجرأ على تقديم اعتذار للدولة الجزائرية.

وليست بلجيكا هي الدولة الوحيدة التي اعتذرت لمستعمرتها السابقة عن جرائم الاستعمار، بل سبقتها فرنسا ذاتها، التي قدمت اعتذارا بدورها لمستعمرتها السابقة مدغشقر، كما قدمت ألمانيا اعتذارا لفرنسا عن جرائم النازية، ومع ذلك لم تبادر فرنسا بتصفية ماضيها مع الجزائر.

بل إن عنجهية فرنسا أوصلتها حد تمجيد ماضيها الاستعماري، كما جاء في قانون 23 فبراير 2005، الذي خلف موجة احتجاجية في العديد من مستعمراتها السابقة والحالية (غويانا، كاليدونيا..)، ما اضطر رئيسها الراجل، جاك شيراك، إلى استعمال صلاحيته لحذف بعض المواد من هذا القانون، الذي كاد يعزلها عن غالبية دول القارة السمراء.

هل تفعلها فرنسا الأحد المقبل؟

يعتقد المراقبون أن فرنسا غير مستعدة تماما لتقديم اعتذارها للجزائر، على الأقل في الوقت الراهن، لأن مسؤوليها عرفوا كيف يحضروا النقاش في ملفات أقل شأنا من الاعتذار، مثل تسليم جماجم الشهداء الموجودة في المتحف الفرنسي، وإرجاع الأرشيف الذي سرقته من الجزائر، فيما يبقى الجزائريون عاجزين حتى عن سن قانون يجرم جرائم احتلال الدولة الفرنسية.

مقالات ذات صلة