جواهر

هل تقبلين بهذا المهر؟

جواهر الشروق
  • 6911
  • 0
ح.م

تقول إحدى السيدات:”حينما تقدم أبي لخطبة أمي وهبها ثواب حفظ سورة آل عمران مـهرا لها، وعندما تقدم لي زوجي اشترط عليه والدي أن يمهرني سورة من سور القرآن، وأن يتم حفظها قبل الزفاف، حيث لا زفاف بدون حفظ المهر، وطلب مني اختيار إحدى السور فوقع اختياري على سورة النور لكثرة أحكامها وصعوبة حفظها بالنسبة لي..

وقبل موعد الزفاف، ورغم انشغال زوجي الشديد بتحضيرات عشّ الزوجية، إلا أنه ظلّ شهرا لا يفارق المصحف يديه، وقبل الزفاف بأيام قليلة جاء إلى منزلنا ليتلو على والدي ما حفظ، وكان والدي يشترط عليه أنه كلما أخطأ في آية أو نسيها سيعيد التسميع من أول السورة مرة أخرى، وبالفعل بدأ زوجي بتلاوة سورة النور بصوته الرقيق في مشهد مهيب لا أستيطع نسيانه، وكنت أتبادل أنا ووالدتي النظرات والضحكات الخافتة في انتظار أن يخطئ زوجي ليعيد التسميع من جديد ويكثر ثوابي، لكن زوجي بارك الله فيه كان يحفظ السورة عن ظهر قلب ولم يخطئ أو ينسى منها آية، وحينها احتضنه أبي، وقال له:”اليوم أزوجكَ ابنتي وأوافق على زفافكما، حيث وفيت بمهرك معها وعهدك معي”، مضيفة:”لم يدفع لي مهرا ماديا، ولم نشتر شبكة بعشرات الآلاف”، وختمت هذه السيدة كلامها قائلة: “كفاني بكلام الله عهدا بيننا”.

وعلى المستوى الشخصي، أعرف سيدة فاضلة، حاصلة على دكتوراه في الرياضيات من فرنسا التي سافرت إليها لاستكمال دراستها العليا بدون حجاب، فعادت إلى إلجزائر بحجاب شرعي متحدية به المشرف الفرنسي على رسالتها الذي قرّر أن يتخلى عنها بسبب حجابها، وحينما قرّرت الارتباط، اشترطت على والدها أن يكون مهرها مصحفا شريفا، يجمع بينها وبين زوجها الأستاذ الجامعي الحائز على الدكتوراه في مجال علمي، فرفرفت السعادة على حياتهما ببركة المصحف الشريف.  

وعلى النقيض من هذه الصورة الجميلة، بلغني منذ أسابيع، أن إحدى” المراهقات”، استلمت مبلغ 25 مليون كمهر، بالإضافة الى الكثير من الهدايا باهثة الثمن، كل هذا لأنها ذات حسن وجمال ولم تتخط عتبة العشرين، فيما استلمت عروس أخرى بنفس المواصفات مهرها بالعملة الصعبة”الأورو”، هذه هي المعاييروالشروط المطلوبة للفوز بمهر” ثقيل”يسلب الألباب ويثير”غيرة” بعض المتزوجات حديثا ممن لم يحظين بنفس المهر، وهي المهور التي  تفتح باب التنافس بين عائلات المقبلات على الزواج لرفع “أسعار” بناتهن، معتقدين أن المهر الغالي هو “تثمين” لهذه العروس التي ربما هي لا تساوي قشرة بصلة.

وبعد أن ينتهي هذا “المزاد”، وتذهب العروس إلى بيت زوجها، وتمضي شهور العسل سريعا، تُرى هل سيكون هذا المهر الغالي سببا في سعادة العروس؟، هل سيضمن لها التقدير المعنوي الذي يتلائم مع التقدير المادي الذي حصلت عليه؟، ربما لا يمكننا أن نحكم على هذا الأمر بحكم واحد، ولكن بوسعنا أن نعرف أن أكثر النساء بركة، أقلهن مهورا كما جاء في الحديث النبوي الشريف، وبوسعنا أن نعرف أيضا أن المهر الغالي ليس بالضرورة تقديرا لخصال المرأة وأخلاقها الطيبة بقدر ما هو تقدير لجمالها وربما مالها ونسبها، وهو في بعض الحالات نوع من التباهي الفارغ الذي لا يرجى منه خير أو صلاح، فما إن يتعوّد الزوج على جمال زوجته الذي”اشتراه” بمهر غال، أو تفقد المرأة جمالها لسبب أو لآخر، حتى تصبح هذه المرأة مثلها مثل أي امرأة تزوجت “بزوج دورو” وربما أقل.            

هذه هي المهور الغالية التي تسبّبت في عنوسة آلالاف النساء ممن تنتظرن من الرجل الذي يتقدم لخطبتهن أن يحمل معه المصباح السحري، حتى لا يكن أقل شأنا من النساء اللواتي” دفعت فيهن” أموالا طائلة، و تبقى الواحدة منهن في انتظار هذا الرجل “المليان” إلى أن يمضي قطار العمر، وتجد نفسها مستعدة لأن تدفع المهر للرجل حتى تتزوج.

فهلاّ تنازلت أيتها الفتاة على هذه الشروط الشكلية، ورضيت بمهر بسيط، أو سورة قرآنية أو مصحف شريف؟، حينها ستجدين عشرات العرسان يطرقون بابك، لتختاري منهم من يسعدك، ويحفظ كرامتك.

مقالات ذات صلة