-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل توجد في الجزائر معارضة؟

نذير مصمودي
  • 3916
  • 1
هل توجد في الجزائر معارضة؟

أرسل إليّ قارئ من شباب (الفايس بوك)، رسالة مختصرة يطرح فيها سؤالا واحدا: هل توجد في الجزائر معارضة بالمعنى السياسي الصحيح للكلمة؟

تعرف المعارضة في أدبيات السياسة على أنها قوى سياسية تهدف إلى الوصول إلى السلطة، وفق برنامج سياسي واضح وشامل.

ويقول المفكرون السياسيون إن هذا النوع من المعارضة، لايمكن أن يوجد بالمعنى الحقيقي للكلمة إلا “في نظام ديمقراطي، يضمن لها موقعا ودورا ومكانا ووظيفة واضحة، تجعلها جزءا مكملا للنظام ومتفاعلا معه، فهي بالأساس ليست أشخاصا مختلفين مع النظام أو منتقدين له، ولكنها وظيفة سياسية، تستجيب لحاجة جوهرية وبنيوية في النظام”.

 

السؤال الضروري

ومن هنا لابد أن نتساءل بداية: هل نحن في نظام ديمقراطي بالمعنى الحقيقي للكلمة؟

أتصور أن عمر التجربة الديمقراطية في الجزائر، لم يصبح بعد كافيا للجزم بالمعيارين التنظيري والتطبيقي، بأن هذه التجربة، رغم تقدمها النسبي والشكلي في الأغلب الأعم، وصلت إلى بناء آليات ثابتة للممارسة الديمقراطية الصحيحة، نظرا لسببين على الأقل:

1- غياب النصوص الدستورية والإجرائية المنظمة للعملية الديمقراطية الشاملة، وعجز ماهو موجود منها، عن إقامة التلازم الضروري بن الفكر الديمقراطي، والتطبيق الديمقراطي، وهو التلازم الملح لمنع التناقض بين المبدإ والمنهج، أو بين الفكرة والتطبيق.

2- عجز الأحزاب والقوى السياسية، عن المشاركة الجدية في بناء المؤسسات المدنية القوية التي يمكن من خلالها ممارسة الفعل الديمقراطي، بل وعجزها عن بناء نفسها سياسيا وتنظيميا خارج نموذج النظام (السيستام) الذي تنتقده أو تزعم أنها تعارضه.

ومن هنا تبدو المعارضة، وكأنها جماعات سياسية تابعة للنظام، ونابعة منه، ويبدو الأمل في تحوّلها إلى قوة اجتماعية وسياسية قادرة على منافسة القوى الحاكمة، ضئيلا جدا إن لم يكن منعدما على الإطلاق.

 

الإسلاميون.. معارضة أم سلطة؟

أذكر في سنة 2003، كان صديقي أبو جرة سلطاني، يقول لي قبل أن يصبح رئيسا للحركة، إن مشكلة حركة مجتمع السلم أنها أصبحت في نظر المعارضة سلطة، وفي نظر السلطة معارضة!!

والان وبعد سبع سنوات، أعتقد أن مشكلتها أنها أصبحت لا سلطة ولا معارضة، بعد أن فقدت في نظر الرأي العام هويتها الأيديولوجية وجاذبية خطابها الأخلاقي، وفقدت بالمشاركة في السلطة حريتها في معارضة النظام وانتقاده، وأصبحت تتعامل معه (خطابا وممارسة) بمنطق استحضار موازين القوى، وطبيعة المراحل، ونوعية التحالفات وإلخ..

ولهذا، أصبحت ثنائية المعارضة والمشاركة في نظر الرأي العام، نوعا من اللعب السياسي، الذي لايمكن أن يفهمه المنطق العادي، حتى وإن كان ذلك جائزا في السياسة بمنطقها البراغماتي ونزعتها المصلحية.

ومن البديهي إذن، عدم اعتبار الحركة من المعارضة، بعد تعرضها في نظر البعض إلى عملية تذويب سياسي، أضعف هويتها الأيديولوجية الخاصة، وجعلها تبدو كوحدة منسجمة مع الكلّ السياسي الموجود، رغم أنها مازالت تتبنّى الإسلام كهوية إيديولوجية، ومرجعية حضارية، مثلما فعلت في حملتها ضد حلق اللحية وإسقاط الخمار.

لكن، هل ينطبق الأمر أيضا على حركتي النهضة والإصلاح؟

الواقع أن إكراهات اللعبة السياسية، وضغوطات النظام السياسي على الإسلاميين عموما، حدت بالأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية إلى التقليص من حدّة الخطابات التي يمكن أن تضطرهم كفاعلين سياسيين متميزين عن باقي الفاعلين في الساحة السياسية.

لكن ومع ذلك، فإن حركتي النهضة والإصلاح، رغم انحسارهما الشعبي الواضح، مازالتا متمسكتين في خطابهما بمفاهيم الأخلقة والأسلمة، في محاولة للبروز كفاعل سياسي ذي هوية خاصة، والقيام بدور “المنظف” الأخلاقي أو المطهر الدعوي لما نجم عن العمل السياسي من شوائب.

ونتصور أن هذا التميز النّسبي، لن يطول كثيرا، بعد النجاح في إدماج هاتين الحركتين في النظام السياسي ضمن استراتيجية احتوائهما بالطرق الناعمة، لتقوية الإجماع حول المكانة السياسية للنظام، وتجديد قواعد المنافسة السياسية طبقا لشروطه، وتقوية الاستقرار السياسي والاجتماعي أمام مرحلة سوسيو الاقتصادية واجتماعية صعبة.

كما يمكن أن تندرج عملية الإدماج هذه، ضمن تطعيم المشهد السياسي الإسلامي بروافد جديدة، تعيد توزيع حق الاستفراد بالشرعية السياسية الدينية، واحتكار تفسيرها وتأويلها على أكثر من مصدر وفاعل سياسي.

ونتوقع أن تبدأ عملية الإدماج، أو الإرجاع إلى الصف، بأبعادها التي تحدثنا عنها، مع التعديل الحكومي المرتقب، حيث من المحتمل أن تحصل الحركتان على بعض المناصب الوزارية المحدودة و”يتهنّى الفرطاس من حك الراس”، وكذلك الأمر بالنسبة لحزب العمال، كتجديد جزئي في آليات إنتاج النخبة السياسية، وخلق نوع من الدينامية السياسية.

 

هل توجد في الجزائر معارضة؟

أنا شخصا أشك أن في الجزائر معارضة سياسية بالمعني الحرفي للكلمة، إلا إذا استثنينا نموذج المعارضة العفوية التي يمارسها بحرية جيل شباب الانترنت، أو نموذج المعارضة الجذرية التي مازال الشيخ علي بلحاج متشبثا بها رغم عدم جدواها عمليا، أو نموذج المعارضة من الخارج التي مازال آيت أحمد يمارسها منذ الاستقلال دون تأثير كبير.

أما ماعدا هذا، فالنظام واحد، والحزب واحد، والرأي واحد، والحمد لله رب العالمين.

ولماذا نحتاج إلى معارضة؟ أليست المعارضة هي السلطة، والسلطة هي المعارضة؟

“قلبي رايح يتفلق يا جماعة!!”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبدالله

    المشكل في بلادنا هو مشكل هوية فلازلنا لانعرف من نحن أعرب أم أمازيغ ام مسلمين ام علمانيين فعندما يعرف الانسان نفسه يتحدث عن مطالبه وباسم من يتحدث أما ان نعارض من أجل المعارضة فقط، فاننا لازلنا لم نفهم معنى المعارضة.