-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل ستبقى إسرائيل إلى عام 2048؟

هل ستبقى إسرائيل إلى عام 2048؟

عاشت بلدة برج زمورة بولاية برج بوعريريج “عرسا ثقافيا” طوال أيام 23 – 24 – 25 من هذا الشهر، ويعود الفضل في ذلك إلى شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي عقدت “الملتقى الثاني لأعلام زمورة”.

لقد نشط هذا الملتقى مجموعة من العلماء والأساتذة، أذكر منهم الدكتور عبد الرزاق ڤسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ونائبه الدكتور عمار طالبي، والأستاذ العربي كشاط، عميد مسجد الدعوة بباريس، والشيخ محمد المأمون القاسمي، شيخ زاوية الهامل، والأستاذ عبد الوهاب حمودة، الأمين العام الأسبق لوزارة الشؤون الدينية، والدكتور جلول الساسي، الإطار السابق في البنك الإسلامي للتنمية، والدكتور ياسين ابن عبيد..

لقد تميز الملتقى بثراء موضوعاته وتنوعها، وإن لم تبحث بشكل معمق، وهذه الموضوعات هي:

أعلام المنطقة وتاريخها قديما وحديثا، التربية والتعليم: واقع وآفاق، المعاملات المالية في الإسلام، أولويات الإنسان المسلم في ظل التحديات الراهنة، المخدرات التي وصفها المنظمون بالسرطان، وفلسطين.. قلبنا الجريح: تاريخا، وواقعا، ومستقبلا..

كما برمج المنظمون محاضرة خاصة للنساء، وأنشطة موازية (أمسية تجويد، أمسية إنشاد، نشاط ترفيهي أدبي، خط، عدو ريفي، معرض للكتاب…).

إن الملاحظة التي لفتت أنظار السادة المدعويين هي شدة إقبال الناس على هذا النشاط الثقافي، وصبرهم الجميل رغم الحرارة المرتفعة، ومشاركتهم الإيجابية بالأسئلة والتعليقات..

وأشهد أن هذا الإقبال هو ميزة يمتاز بها أهل برج زمورة، فقد زرتها قبل هذا الملتقى ثلاث مرات، وشاهدت في كل مرة الإقبال نفسه، وهذا دليل وعي لم نره في كثير من مدننا حتى الموصوفة بالكبيرة، والمتوفرة على جامعات ومعاهد.

لقد أثنيت – في كلمتي – على الشبان المنظمين لهذا الملتقى لإدراجهم القضية الفلسطينية فيه، مما يدل على وعيهم العميق بالقضايا المصيرية للأمة، وشعورهم بوحدة هذا المصير، وعلى رفضهم لسياسة السفهاء “منّا” التي تريد أن تجعلهم كالدّواب، يعيشون لبطونهم وشهواتهم، وأن تغرقهم في الفساد عبر تلك المهرجانات القذرة التي تقام في طول الجزائر وعرضها.

إن إدراج الشبان المنظمين لهذا الملتقى قضية فلسطين دليل على تأثرهم الكبير الواعي بفكر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي كانت منذ أسست على التقوى تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها، وجعلت الشعب الجزائري يهتم بها كاهتمامه بقضيته، فقد كتب عنها الإمام عبد الحميد ابن باديس ما يوضح للجزائريين أهميتها، وواجب المسلمين نحوها (1).. ودبّج الإمام الإبراهيمي عنها مقالات قال عنها الدكتور فايز الصايغ، الأستاذ بالجامعة الأمريكية ببيروت: “إنه لم يكتب مثلها من يوم جرت الأقلام في قضية فلسطين (2)“.. كما نُشر مؤخرا كتاب ضم مقالات الشيخ عبد الرحمن شيبان عن القضية الفلسطينية.

لقد فجأني الإخوة المنظمون إذ عهدوا إليّ أن أتحدث في “مستقبل القضية الفلسطينية”.. فالمستقبل غيب، ولا يعلم الغيب إلا علاّم الغيوب وإلاّ من ارتضاه من رسول، وقديما قال الشاعر الجاهلي الحكيم:

وأعلم علم اليوم والأمس قبله

.

ولكنّني عن علم ما في غد عم.

إن ما أؤمن به إيماني بربي – عز وجل – هو زوال إسرائيل، لأنها ظلم، والظلم إلى زوال مهما يطل عمره، ذلك وعد الله، وهو وعد غير مكذوب. فإن سئلت: متى زوالها؟ قلت: علمه عند ربي، وأتفاءل فأقول: عسى أن يكون قريبا.

إن كثيرا من المحللين السياسيين، وعلماء الاجتماع، والمؤرخين، والخبراء العسكريين، ومن الصهاينة أنفسهم يؤكدون زوال اسرائيل وفي المدى المنظور، ومن هؤلاء الصياهنة أوري وزولي الذي عنونت كلمتي هذه بعنوان أحد كتبه. وسنة 2048 هي الذكرى المئوية لإنشاء إسرائيل، هذا السرطان الخبيث في أطهر بقعة مباركة.

وقد ذكرني هذا العنوان “هل ستبقى إسرائيل إلى سنة 2048؟” بعنوان كتاب ألفه موريس فيوليت، الحاكم العام الفرنسي في الجزائر عند اقتراب احتفال فرنسا بمرور قرن على احتلال الجزائر، وعنوان كتابه هو “هل ستعيش الجزائر؟” (l’Algérie vivrat-elle ?)، وطبعا فإن فيوليت يقصد الجزائر كما يريدها المغتصبون الفرنسيون، ولم يمض على تساؤله إلا ثلاثة عقود ونيّف حتى أحق الله الحق وأبطل الباطل، فتطهرت الجزائر من الرجس، وطُرد الفرنسيون بمن فيهم اليهود الصهاينة الذين تحيزوا للفرنسيين ضد الشعب الجزائري الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف..

لقد استند هؤلاء المحللون في تنبّئهم بزوال إسرائيل إلى عدة عناصر منها:

“إن هذا الكيان مختلق والتعبير هو للبروفيسور الصهيوني شلومو ساند عنون به كتابين من كتبه هما: “أرض إسرائيل.. اصطلاح مختلق ()، و”الشعب اليهودي شعب مختلق ()“… فهذا الكيان يتكون من أناس جاءوا من أماكن شتى، وهذا ما يدل عليه عنوان كتاب الكاتبتين الصهيونيتين الفرنسيتين دوريس بن سيمون، وإڤلال إرّير، وهو: “إسرائل وشعوبها”، فهذا الكيان يفتقد إلى أهم عنصرين يمسكان الشعوب، وهما “السّمك التاريخي”، و”الانسجام الاجتماعي”، وهذا ما يفسر العنصرية المتفشية في الكيان الصهيوني، وما يمنع ظهورها وانفجارها إلا حالة الحرب التي يعيشها هذا الكيان منذ اختلاقه، ولا يستطيع عليها صبرا.

وقد أدت هذه الحال إلى عسكرة هذا الكيان، ويخبرنا التاريخ أن الكيان المعسكر غير قابل للاستمرار مهما يطل عمره، وتمتد أيامه، وهاهو يورمي فنيري يؤكد “لابد أن تبقى إسرائيل دولة عسكرية من الألف إلى الياء، وأن تظل في حروب لا تهدأ، وفي حرب من هذه الحروب لابد أن تنهزم وتفقد كل شيء (3)“، ولا يمكن لإمكانات هذا الكيان الذاتية أن توفر له احتياجاته العسكرية.. وبالتالي فقد صار عبئا على الدول الغربية التي اختلقته لتتخلّص من يهودها.. وها هي أصوات في هذا الغرب ترتفع داعية إلى التخلص من هذا الكيان، فقد أكد العالم الأمريكي المختص في الدراسات التوراتية ميلر بوروز أن “إسرائيل جريمتنا (4)“، وصاحت العالمة الأمريكية إيلين پيتي “أزيلوا اسرائيل (5)“، مؤكدة أن “المشروع الرامي إلى خلق ملجإ آمن لليهود في فلسطين قد أخفق إخفاقا كاملا”. (ص9).

وأما قاصمة الظهر بالنسبة إلى هذا الكيان فهو ما سماه أحد الزعماء الصهاينة “الشيطان الديمغرافي”، حيث قدرت بعض الدراسات أن نسب الصهاينة في فلسطين المحتلة ستكون في حدود 30٪ في المدى المنظور، ولهذا كان الصهيوني الأكبر بن غوريون يقول إن معركتنا الحقيقية هي في عيادات الولادة، وأن اليهودية الحقيقية هي التي تعطي “اسرائيل” أربعة أطفال على الأقل.. وهذا ما جعل شلومو غازيت – الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الاسرائيلية يقول: “إن الزمن يسير لصالح الفلسطينيين (6)“، أليس محقا الكاتب الصهيوني افراييم سيپيليا في عنونة أحد كتبه بـ”وداعا إسرائيل”. وأختم هذه التنبؤات بما أوردته جريدة الشروق اليومي من أن تقريرا لوكالة الاستخبارات الأمريكية “يؤكد زوال الكيان الصهيوني خلال العقدين القادمين (7)“.

ومن قبل هؤلاء جميعا كتب إمامنا محمد البشير الإبراهيمي يقول: “إن غرس صهيون في فلسطين لا ينبت، وإذا نبت فإنه لا يثبت (8)“.

إنني لا أحلم، ولا أتمنى على الله الأماني، وإنما ذلك سيتحقق عندما نعدّ ونستعدّ، ونضحي ونستشهد.. وها هي المنطقة تعرف تغيرات عميقة هي ليست في صالح هذا الكيان الذي اقتربت ساعته، وأزفت آزفته، ولو كانت أمريكا له ظهيرا، لأنه باطل، و”إن الباطل كان زهوقا”.

.

هوامش:

1) انظر مجلس الشهاب، أوت 1930 و أوت 1938.

2) جريدة البصائر في 11 / 10 / 1948، وقد نشرت هذه المقالات التسع منفردة في دمشق، وفي الجزائر، وقد شرحها مؤخرا الأستاذ عبد الحميد بن بشير دمان في كتاب سماه “بذل الوسع في شرح مقالات فلسطين التّسع”، ونشرته “دار الإمام مالك”.

) جريدة الشروق اليومي في 26 / 6 / 2012 ص9.

3) عبد الله اليحي: المتدينون اليهود في فلسطين. ص 141.

4-5) عنوانان لكتابين، أولهما لميلر بوروز، وثانيهما لإيلين پيتي.

6) السيد ولد أباه، ومنير شفيق: مستقبل إسرائيل. ص 220،

7) الشروق اليومي. في 6 / 10 / 2010 ص 13.

8) جريدة البصائر في 9 / 2 / 1948، والآثار: 3 ص444.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • بدون اسم

    هذا وهم عاشه الكاتب ، زوال اسرائيل عندما تنضب آخر بئر نفظ في المنطقة ، لأن هذا الكيان يعيش بالصدقات الأمريكية، التي هي عوائد البترول أو شركات البترول العالمية.

  • Mouad sociologue

    لكن لما لم يستند الكاتب الى بعض الحقائق من كتاب الله و الاحاديث النبوية الشريفة التي تشهد باليهود و بني اسرائيل ???

  • عمر

    مادام هناك عملاء أمريكا و إسرائيل و رؤوس الفتنة و هذا الجيل الصاعد الذي همه الوحيد اللهو و تقليد كل ماهو غربي

    ستبقى حتى سنة 4048

  • بدون اسم

    هل ستبقى إسرائيل إلى عام 2048؟)هنا دخلت عالم الغيب

  • أبو العباس برحايبل

    لقد كان اليهود في القرن الماضي في حاجة إلى مكان ليحقوا فيه هويتهم ..
    لكن القرن الواحد والعشرين وفر لهم اللقاء والتواصل الفعال وهم منتشرون في العالم بأسره كما أراد الله من خلال الوسائط المختلفة الحديثة .
    لذا سوف يعودون إلى الانتشار في أجل قريب تاركين فلسطين لأهلها.. نرجو ان يتم ذلك في أقريب أجل ومن غير حرب..

  • الأخلاق

    بدايةبارك الله فيكم إخوتنا المنظمون شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ببلدة برج زمورة غلى تنظيمكم لهذا الملتقى
    لقد كنتم محظوظون برجال جمعية العلماء
    للأسف لم أكن على علم بهذا الملتقى
    لذا قد فاتني وتمنيت لو كنت من بين الحضور على الأقل للإفادة والاستفادة
    لست محظوظة
    المهم
    لقد فرحت كثيرا لأنكم تطرقتم لموضوع المخذرات الذي جلب لنا فساد العباد وهذه الاعتداءات الخطيرة وسياسة العفو الرئاسي غير حكيمة
    قأين المفر؟
    والجميع متأكد بأن المفر إلى الله إلى دين الإسلام
    نسأل الله تغيير مابأنفسنا
    أختكم نون

  • البشير بوكثير

    جرحك الغائر في الفؤاد...
    يازهرة المدائن كوى الأكباد...
    فأضناني الشوق وأرّقني السهاد...
    وآلم قلبي طول البعاد...
    يا قدس يا قطر الندى...
    يا ربيع العمر طول المدى...
    أنتِ دائي وشفائي ، أنتِ بلّ الصدى...
    بقلم : البشير بوكثير رأس الوادي (الجزائر).

  • البشير بوكثير

    ين أشجار الأرز وحبّات الحنطة والينسون...
    هناك احتلّ الغريب الدخيل...
    المسجد الأقصى والبيت الأصيل...
    وشرّد المسلم الفلسطيني النبيل...
    فصارت الغربة المأوى الجميل...
    والجرح الغائر بلسم العليل الكليل ...
    حنانيك فلسطين الحبيبة...
    ياجنتي على الأرض السليبة...
    ويا حلّتي المزدانة القشيبة...
    صاحب الدار يوما سيعود...
    ولراية الحقّ مرفرفة بها سيقود...
    أليس الصبح بقريب يا يهود...؟

  • البشير بوكثير

    لوعة الغربة والاغتراب يا فلسطين...
    بواسطة البشير بوكثير بتاريخ 2012-05-13 19:41:53

    هي ثنائية الغربة والاغتراب ، التي عزف على وترهما الفنّانون ...
    وغرف من معينهما الشعراء والمبدعون ...
    وتلظّى بنارهما العاشقون المتيّمون...
    واستمطر سحائبهما القانطون اليائسون...
    وتدثّر بردائهما الوجلون الخائفون...
    وأمّل على آهاتهما النازحون المبعدون...
    في مخيّمات المبعدين اللاجئين...
    في دمشق الفيحاء...
    وفي عمّان البتراء...
    وفي بيروت الغنّاء...
    هنالك بكت هند وخولة وميسون...
    على ضياع الأرض والعرض المصون...
    بين أش

  • سعد

    شكرا لاستاذنا الهادي الحسني علي نشاطه التنويري والمستمر لكن الا تري يا استاذ ان المهم ليس متي ستزول اسرائيل بل الاهم هو متي سيستفيق المسلمين من تخلفهم الذي نراه كل يوم حتي في اقدس الاماكن وهي اماكن العبادة تخلف يغذيه حكام لا يهمهم الا البقاء علي الكراسي لقد زالت الشيوعية والتي كان المسلمون يرون انها سبب في الكثير من ماسيهم فماذا تغير في المسلمين

  • رمضان

    جزاك الله ألف خير على مقالاتك الماتعة ، وجعل قلمك صارما مسلولا على أعدائه ،سلاما على أوليائه .