الرأي

هل سحب خاشقجي حبل المشنقة

صالح عوض
  • 3756
  • 5
أ ف ب
الصحفي السعودي جمال خاشقجي

ما نتابعه من مسلسل تركي أمريكي سعودي يثير القلق على مستقبل أمتنا.. فالموضوع لا يقف عند حدود اغتيال صحفي ورجل سياسي، فكثيرا ما يحصل هذا في العالم وليس فقط في بلداننا المتخلفة.. لكن المقلق حقا كيف أن الغرب والأمريكان بالذات أصبحوا هم سادة العالم وقضاته الذين يهرع إليهم المظلومون في بلداننا ويتقيهم الظالمون وتصبح قراراتهم وهمساتهم عبارة عن مادة الفعل الأساسية في قراراتنا ومصائرنا.
كشفت عملية اغتيال خاشقجي عن عوار رئيسي في النظام العربي، حيث لم يتفطن هذا النظام إلى تطورات السياسة الدولية إقليميا وعلى المستوى العالمي، ولم يعرف ماذا ينتظر منه على صعيد إيقاعات التحولات الدراماتيكية في المنطقة.. ولم يدرك النظام العربي ان علاقته بالأمريكان لا تسير على وتيرة واحدة حتى لو انفق ما في الأرض جميعا.. فالأمريكان يخضعون لحسابات إستراتيجية لا توضع فيها مشاعر النظام العربي ولا مصالحه على الأجندة إنما هي المصالح الأساسية للولايات المتحدة وللشركات العملاقة وسوق العقار والبنوك ومجمع الصناعات الحربية.. وهنا تكفي الإشارة إلى ما حصل مع صدام حسين بعد حرب ثماني سنوات ضد إيران أيدها الأمريكان والخليجيون بكل قوة.. الا ان هذا كله لم يشفع لصدام فلقد جروا رجله إلى الفخ في الكويت ومن ثم وجهوا ضرباتهم القاصمة لجيش العراقي والدولة العراقية، وما حصل بعد ذلك يعرفه الجميع، حيث عادت العراق دولة طائفية مشتتة موزعة تمعن في التيه.
ان ثروات المملكة العربية السعودية تسيل لعاب الأمريكان علنا ودون مواربة، والمملكة في موقع استنفار حربي في اليمن وأمام إيران وفيها اختلافات لم تحسم بعد بين أجنحة العائلة وهي تواجه جشع ترامب الجنوني وتصريحاته المهينة فأصبحت التحديات الخارجية والداخلية تفرض نهجا جديدا ينقذ ما يمكن إنقاذه من مملكة طال الأمد عليها ولم تستطع الخروج من تنازع أقطاب القوى الإقليمية بموقع مهم لها واستراتيجي رغم كل ما أنفقته من أموال وسمعة.
لقد كانت عملية اغتيال خاشقجي بمثابة سحب حبل المشنقة على سلوك ونهج مضت سنته عشرات السنين في التعامل مع المعارضة والمخالفين، والخشية الآن ان يكون الحبل يستهدف كياننا سياسيا بكامله وبعثرة المملكة إلى ممالك يسهل في ضوئها إغراق الجزيرة في فوضى خلاقة تكون سوقا للسلاح وكل الموبقات.. وهذا الكلام ليس من باب التشاؤم او التهيؤ إنما هو مدرج في خزائن البنتاغون ويتم دراسته على أعلى مستوى..
إن ما بعد خاشقجي ليس كما قبله، فليتحسس الجميع رأسه في أي حبل سيعلق.. تولانا الله برحمته.

مقالات ذات صلة