-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل يحتاج “الخُضر” إلى رُقية؟!

حسين لقرع
  • 2776
  • 5
هل يحتاج “الخُضر” إلى رُقية؟!

أخيرا تعرّض المنتخبُ الجزائري لكرة القدم لهزيمةٍ مُرّة بعد 35 مباراة كاملة بلا تعثّر، وهو أمرٌ كان منتظرا، لأنّ الأيام دولٌ بين الناس وليس هناك فريقٌ يحتكر الانتصارات والتتويجات إلى يوم يُبعثون.

في وضعياتٍ مثل هذه، ينبغي أن يُترَك المجالُ فقط للمحلّلين الرياضيين، من مدرِّبين ولاعبين قدامى وكلِّ من له علاقة بكُرة القدم، لتشريح أسباب هذا التراجع في النتائج، بعد ثلاث سنوات ونيّف من تحقيق الانتصارات وحتى التعادلات الإيجابية، هؤلاء فقط هم الذين يحقّ لهم الحديثُ عن أسباب هذه الإخفاقات المفاجئة، بحكم اختصاصهم، كما يخوض الأطباءُ وخبراء الصحة وعلماء الأوبئة في كورونا مثلا، ويتحدَّث الفلاحون عن شؤون الفلاحة، وهلمّ جرًّا…

من هذا الجانب، كان ينبغي أن لا يخوض في أسباب الإخفاق الرياضي لمنتخبنا سوى المحلّلين الرياضيين وحدهم، لكنّ الغريب في الأمر أنّ أحد الرقاة أقحم نفسه في ما لا يعنيه، وقدّم تفسيرا غريبا لهذا الإخفاق وزعم أنّ الأمر يتعلق بالسِّحر والعين، وعرض على السلطات مساعدته للسفر إلى الكاميرون ليرقي لاعبي المنتخب ويخلّصهم منهما، وتجاوب معه كثيرٌ من العامّة وطفقوا يتحدّثون عن السِّحر الإفريقي الذي منع منتخبَنا من التسجيل في مباراتين متتاليتين؟!

لو كان سحرُ الأفارقة يمنع تسجيل الأهداف ضدّ منتخباتهم، كما يعتقد بعض المستسلمين للوهم، لما تعرّضوا للهزائم قطّ عبر تاريخهم، ولكانوا قد فازوا بكأس العالم، بل لاحتكروها وتداولوها بينهم ولم يكن لغيرهم منها أيُّ نصيب، لكنّ الأفارقة لم يحصلوا عليها ولو مرة واحدة منذ 92 سنة كاملة، جرت خلالها 21 دورة، ولم تفُز بها سوى المنتخبات العملاقة المعروفة عالميا بقوّتها الكروية، وليس منتخبات البلدان التي يعشِّش فيها السِّحرُ والخرافات والجهل والتخلّف…

كرةُ القدم الآن تكاد تصبح علما، ودولُ العالم المتطوِّرة تدرِّسها، وتستثمر الملايير لبناء الملاعب والمنشآت ومراكز التكوين وجلب أحسن المدرِّبين في العالم وتجنيس أفضل اللاعبين، قصد حصد التتويجات والألقاب في آخر المطاف، ولم نسمع قطّ بلدا أوروبيا أو البرازيل والأرجنتين تنصّل من تحمُّل مسؤوليته عن أيِّ هزيمةٍ يُمنى بها منتخبُه وعلّقها على مشجب السِّحر، أو رمى بها مشعوذي البلدان الفائزة.

سمعنا الكثير عن تعرُّض منتخبنا لمؤامراتٍ عديدة تحيكها له اتحاداتُ دولٍ عربية وإفريقية، وعن أنه أضحى مستهدَفا بالتحكيم المتواطئ وغيرِه، والآن نسمع بأنّ سبب إخفاقيه أمام سيراليون وغينيا الاستوائية المتواضعين، يعود إلى السِّحر والعين ولا بدّ له من رقيةٍ في أدغال الكاميرون، بدل أن نتحدَّث فقط عن الأسباب الرِّياضية للإخفاقين. أإلى هذه الدرجة نحن مسكونون بنظرية المؤامرة؟!

هذا التفكيرُ السقيم يذكّرنا بما وقع عقب غزو العراق للكويت في أوت 1990؛ إذ كان الناسُ يردِّدون على نطاق واسع بأنّ صدام حسين –رحمه الله- سيدحر الجيوش الأمريكية في الخليج ويدخل الكعبة فاتحا ممتطيا حصانًا أبيض، والدليل هو وجود شعرةٍ في وسط سورة البقرة، وطفق الناس يقلّبون أوراق المصاحف بحثا عن الشَّعرة في وسط السورة المذكورة، في حين كانت الولاياتُ المتحدة تُنهي آخرَ تجاربها على طائرتها الجديدة “الشبح”، التي تعدُّ آخر ما توصّلت إليه تيكنولوجيتُها العسكرية آنذاك، قصد تدمير كتائب الجيش العراقي في الكويت، وتحقَّق لها ذلك في جانفي 1991.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • Moussa

    السحر موجود و ليس وهم واستعماله في تلك الأماكن ممكن بل أكيد وفي كل المجالات و الرقية واجبة ليحمي الإنسان نفسه من سحر وعين فلا ينكر وجودها ....إلا...من يدعي أن الجن و السحرة غير موجودين .....إذا الرقية واجبه وكل ذو نعمة محسود

  • amremmu

    كلنا نحتاج الى رقية بما أننا نعيش في عصر الأنترنيت والسياحة الفضائية وقطارات TGV ..... ورغم ذلك لا تزال عقولنا تحلم بعصور الكهوف والمغارات .

  • zakaria

    الله يعطيك الصحة سبب هزيمة المنتخب الجزائري الضغط الاعلامي والنفخ حتى اصبح المواطن يحلم بالفوز بكأس العالم ونسوا ان هناك توجد البرازيل والارجنتين والمانيا وايطاليا وفرنسا واسبانيا وبلجيكا والوغوي والمكسيك ,كلامك واقعي اما عن السحر فهذه مهزلة وخرافة لو رأى الاعبون اشياء غريبة ويصلهم انه سحر قد نقول انهم ابسيكولوجيا تاثروا ثم ان جل الاعبين محترفين ولا يهتمون لهذه الامور

  • amremmu

    زراعة الخرافات والجهل ...على مر العقود لا تنتج ورودا بل أشواكا ... فلمن تحكي زابورك يا داوود ؟

  • جمهورية الجهل المقدس

    ... أحد الرقاة أقحم نفسه في ما لا يعنيه ... وعرض على السلطات مساعدته للسفر إلى الكاميرون ليرقي لاعبي المنتخب ويخلّصهم منهما، وتجاوب معه كثيرٌ من العامّة ... الخ ليس الفريق الوطني من يحتاج الى رقية بل نحن الجزائريين من نحتاج الى تعيم ضد الجهل الذي ينخر عقولنا .