الرأي

هل يمكن نزع سلاح الإرادة؟

محمد سليم قلالة
  • 2218
  • 7

تتحدث بعض الأوساط العبرية والعربية عن نزع سلاح المقاومة وكأنه هو وحده الذي يحقق الصمود الفلسطيني اليوم، متناسية أن السلاح الحقيقي الذي يصنع هذا الصمود هو سلاح الإرادة في مقاومة الاحتلال والعيش بعزة وكرامة، وهذا النوع من السلاح لا يمكن أن ينزعه من قلوب الفلسطينيين لا العبرانيين ولا العربانيين، وهو أصل كافة الأسلحة الأخرى، بل بدونه لا وجود للأسلحة الأخرى وإن تكدست بالأطنان، بدليل أنه لا توجد منطقة في العالم أكثر تسليحا من منطقة الشرق الأوسط، ولا يوجد أكثر إنفاقا على الأسلحة من العرب في هذه المنطقة، ملايير الدولارات تذهب هباء في كل سنة لشراء أحدث الطائرات وأكثر الأسلحة فتكا، ولكنها من غير أي تأثير ولا ردع. فالكيان الإسرائيلي منذ عقود من الزمن وهو سيّد الأرض والسماء، يضرب حيث يريد ويعتدي على من يريد من غير ردة فعل، يزرع الخوف والهلع في كل المحيطين به من غير أن يتجرأ أي منهم على التلويح بحق الدفاع الشرعي، عكس ذلك تماما، كل التلويح كان بالراية البيضاء لعله يهدأ ويرضى، لأن كل هذه القوى في مستوى الدولة كانت ومازالت خائرة القوة فاقدة لسلاح الإرادة والعزم وإن امتلكت كافة أنواع الأسلحة الأخرى.

الفلسطينيون هم وحدهم اليوم الذين أثبتوا أن سلاح الإرادة هو الأقوى، وهو صانع كافة الأسلحة الأخرى، هم اليوم بلا ماء ولا خبز ولا مأوى ومع ذلك مازالوا الأقدر من غيرهم على ردع عدوهم الذي يعرف الجميع أنه الوحيد في المنطقة الذي يمتلك أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي، والوحيد الذي تُعلن الولايات المتحدة أكبر قوة عسكرية كونية أنه تحت حمايتها وأمنَه جزء من أمنها…  كل هذا انهار في لحظة انتصار إرادة المقاومة على حالة الوهن والخنوع، وانهار في لحظة أصبحت هذه الإرادة تبتكر أسلحتها من اللاشيء: أنفاق لا تحتاج إلا لأبسط أدوات الحفر، وأسلحة يمكن شراء مكوناتها الأساسية من الأسواق المفتوحة وتكنولوجيا يمكن استيعابها أيضا بإرادة البحث والتحصيل العلمي.

وهكذا انكشفت حقيقة أخرى أمامنا من خلال هذه الحرب الظالمة على غزة: أن المسألة ليست في من يملك السلاح أو من لا يملك، إنما في من يريد ومن لا يريد. وقد أراد الفلسطينيون اليوم أن يكونوا ولن يتمكن أي كان من نزع هذه الإرادة من قلوبهم وذلك أقوى سلاح… وذلك هو السلاح الذي لا يمكن أن يُنزع… وتلك هي مساحة الأمل.

مقالات ذات صلة