الرأي

هناك أمل.. لِمَن لم يُصدِّق بعد!

محمد سليم قلالة
  • 1170
  • 13

في عز الصيف، وعلى مقربةٍ من شاطئ عين الترك السياحي بوهران، وعلى حسابهم الخاص، التقى أكثر من 20 أستاذا جامعيا وطالب دراسات عليا وبعض المهتمين بالاستشراف ليزدادوا اطلاعا على هذا الحقل من الدراسات لعلهم يفيدون ذات يوم بلادهم التي تعيش ضغط ضعف التوقع والاستباق وسوء تقدير المواقف والقرارات الذي أثر في كافة مشاريعها وسياساتها وكلَّفها خسائر قد تصل إلى ملايير الدولارات، على أكثر من صعيد.
قليلٌ من يتوقع أن هناك مَن يهتم بمثل هذا الموضوع، وبِمَن لا يزال يهتم بمثل هذا التكوين، وبمن يُنفق على حسابه ويتحمَّل عناء السفر من أكثر من مدينة جزائرية شرقا وغربا وجنوبا، ليُعبِّر عن تعلقه بالبحث في مناهج وتقنيات يمكنها أن تساعد على فهم مستقبل بلاده القطاعي أو الشامل.
ومع ذلك، هناك من قَدِم، ومن قدِمَت أيضا، من ورقلة وباتنة، وبجاية، وغرداية، والعاصمة وقسنطينة وقصر البخاري… للمشاركة في مثل هذه الأيام، ليتناولوا بالبحث، مواضيع مثل “الأبعاد الحضارية للاستشراف من أجل دورة تاريخية جديدة” للبروفيسور جمال شعبان من جامعة بجاية، أو “مدخل للدراسات المستقبلية” للدكتور قاسم حجاج من جامعة ورقلة، أو “آليات صوغ وبناء السيناريوهات حسب المدرسة الكيفية الحدسية” للدكتور محمد خميس من جامعة ورقلة أيضا، أو “التحليل الهيكلي وتقنية MICMAC” للباحث عمر علوط من جامعة قسنطينة، وساهمتُ من جهتي في مجال التعريف بمجمل “التقنيات الكمِّية الاحتمالية في مجال الاستشراف” والبالغ عددها أكثر من 32 تقنية، ودورها في بناء السيناريوهات الشاملة والقطاعية في كافة المجالات.
هذه المساهمات النظرية والتطبيقية، وتلك النقاشات الواسعة التي جرت بين المشاركين طيلة ثلاثة أيام مغلَقة من التكوين في مقرات جمعية ابن باديس، في إطار أول عمل تقوم به “مؤسسة الاستشراف الشامل” غير الربحية، الناشئة منذ أشهر قليلة، إنما هي قبل أن تكون إشارة حاملة للمستقبل، هي رسالة أمل، أن بلادنا تزخر بالطاقات والكفاءات وخاصة بالشباب الذين يهمُّهم مستقبل هذا الوطن ويَسكُنهم حب تطوره وازدهاره، المستعدون للعمل في ظروف صعبة وبإمكانات متواضعة لأجل التعبير عن رفضهم الخضوع لضغوط الحاضر ولسياسات التيئييس والتهجير والتجهيل وإبعاد الناس عن الاهتمام بالقضايا الجادة والجوهرية التي تهمُّ هذا الوطن وأولها قضية مستقبله القريب والبعيد.
لقد عاد جميع المشاركين أول أمس إلى منازلهم بسلامة والحمد لله، بالحافلات أو عبر سياراتهم الخاصة، دون أن يلوموا أحدا على عدم الانشغال بهم، ذلك أن همَّهم الوحيد هو أن يؤدوا ما عليهم من واجب والباقي على الله، وتلك أقوى رسالة أمل لهذا البلد أنه سيأتي يومٌ ينتصر فيه على كافة الجبهات، وأوَّلها انتصار جبهة العلم على أوهام خطوط الجهل الواهية، المستقوية بكل ما هو فارغ وأجوف وكثير الصياح والعويل والتغني زيفا بحب خدمة هذا الوطن.

مقالات ذات صلة