-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هنيئا للجزائر ولنُخَبها العلمية

هنيئا للجزائر ولنُخَبها العلمية

لا شك في أن التنافس في المجال العلمي أمر محمود لأنه يهدف إلى الحث بالدرجة الأولى على طلب العلم لدى التلاميذ والطلبة والتفوق فيه. ومن تلك المنافسات -التي صارت لدى البلاد المتقدمة مرجعا وتقليدا يُحتذى به “لوضع اليد” على النخب من الشباب ورجالات المستقبل- المنافسات الأولمبية العالمية في الرياضيات. تجرى هذه المنافسات خلال هذا الشهر من كل سنة في دولة من دول العالم التي تطلب استضافة المنافسات… ومن المعلوم أن الدولة المستضيفة هذه السنة هي تايلندة.

لقد رفع الستار على نتائج منافسات هذه السنة مساء الثلاثاء، ويتضح منها أن الجزائر وأبناءها المشاركين السّتة حققوا نتائج مشرّفة يستحقون عليها كل التشجيع والثناء.

ولعله من المفيد للقارئ غير المطلع أن نشير إلى أن الجزائر كانت تشارك منذ السبعينيات في منافسات الرياضيات، ثم انقطعت خلال التسعينيات لسبب تافه، وهو عدم دفع وزارة التربية مستحقات فريقها بعد مشاركته في التظاهرة. وهكذا مُنعت من المشاركة من قبل اللجنة الدولية خلال 11 سنة. ولم تعد إلى المنافسات إلا في عام 2009 عندما تبرع أحد الخيّرين من أبناء البلاد بالمبلغ المستحق الذي سدّد الديْن دون علم الوزارة!

وكانت وزارة التربية، رغم التحذيرات، تعتقد أن المشاركة في مثل هذه المنافساتفسحةيحصل فيها المتنافسون على نتائج مرموقة دون أن سابق تدريبات مضنيةفأرسلت بفريقها في تلك السنة إلى ألمانيا ورجع بخفي حنين: المرتبة الأخيرة في المنافسات (أي المرتبة 104 من بين 104 بلد مشارك)!! وبطبيعة الحال فهذه النتيجة كانت صادمة لجميع من تابعها، ولذا تكتم عليها المسؤولون.

وبدل أن تشمّر وزارة التربية آنذاك على السواعد، وتقوم على غرار ما تقوم به البلدان المشاركة، بتنظيم التداريب المكثفة لفئة النخبة، فضلت عدم المشاركة كي لا تنكشف العيوبحدث ذلك في الوقت الذي كان فيه المسؤولون يشيدون بالتقدم الملحوظ في المدرسة بفضل الإصلاح، ويتفاخرون بالنسب العالية في نجاحات البكالورياوظلت الوزارة على تلك الحال لا تشارك في هذه المنافسات حتى هذا العام 2015  .

وتشاء الصدف أن تهب للجزائر رجلا صالحا، في شخص الأستاذ مليك طالبي، الذي يعمل أستاذ رياضيات في جامعة سعودية، وهو الخبير في تدريب النخب من هذا المستوى. نقولرجلا صالحالأنه سعى بكل ما أوتي من قوة إلى أن يفيد بلده بخبرته، وعرض خدماته المجانية على وزارة التربية.

وتم الاتفاق معه على أن يأتي إلى العاصمة ويدرب نخبتنا في أربع دورات خلال السنة 2014-2015. وذاك ما تم فعلا في ثانوية الرياضيات بالقبة حيث كان المدرب الزائر يقيم في بيت أهله خلال تواجده بالعاصمة، ولم يطلب أي مقابل لقاء جهوده المكثفة. نحن نقدم هذه التفاصيل ليعلمها الزملاء والمسؤولونليقارنوا ما يكلف الدولة تدريب نخبنا في مختلف الرياضات البدنية وما يكلفه تدريب نخبة الرياضيات والعلوم التي من دونها تظل البلاد تقبع في مستنقع التخلف!!! ولذا لا يسعنا إلا أن نثمّن أداء الزميل مليك طالبي لـزكاة العلم، ونقدر جهوده وتفانيه في عمله التطوعي الشاق.

وإذا ما عدنا إلى المنافسات من هذا المستوى، نقول إنها تستدعي تدريبا متواصلا، ليس خلال سنة دراسية واحدة بل خلال سنوات متعاقبة. والمهتمون بهذا الموضوع يستطيعون الاطلاع على مجريات هذه التداريب في البلاد المتقدمة وحتى في بعض بلدان العالم الثالث. ولذا فنحن ندعو وزارة التربية أن تسعى سعيا جادا ومتواصلا إلى تكوين المدربين، في صفوف أساتذتها ومفتشيها، وألا تُعوِّل دوما على تطوع هذا أو ذاك، وأن ترسم خطة تنفيذ ميدانية طويلة المدى. لماذا لا نبحث مثلا عن هذه النخب في كل الولايات؟ ونكتفي بثانوية الرياضيات وبعض ثانويات أشبال الأمة؟ لماذا نكتفي بهذا المستوى (المرحلة الثانوية) ولا يمتد إلى مراحل التعليم الأخرى؟

يُقدَّر عدد بلدان العالم بنحو 200 دولة، ولا تشارك من بين تلك البلدان إلا التي ترى نفسها قادرة على المنافسة، ولذا لم تشارك في هذه المنافسات سوى 104 دول هذه السنة، منها الجزائر. وقد رتبت الجزائر في المرتبة 62… بعد أن كانت عام 2009 في المرتبة 104! ولذا نقول إن هذه النتيجة مشرفة جدًا سُجِّلت بعد انقطاع دام 6 سنوات، وبعد تدريب لم يكن كافيا من حيث المدة للأسباب المبينة أعلاه.

ثم إن القارئ سيدرك أنها نتيجة مشرفة جدا إذا ما علم أن الجزائر تحتل بذلك المرتبة الأولى مغاربيا (قبل المغرب (المرتبة 80- وتونسالمرتبة 75) والمرتبة الثانية إفريقيا، والمرتبة الثالثة عربيا. وليس هذا فحسب بل احتلت الجزائر مرتبة تفوق دولا عريقة في العلوم مثل : النرويج والدنمارك وفنلندا وأيسلندا وكوبا والشيلي وإسبانيا ومليزيا واللكسمبورغ وفنزويلا وباكستانفهنيئا لتلاميذنا المشاركين الذين تحصلوا رغم الصعاب ونقص التجربة على ميداليات فضية وبرونزية وتقديرمشرففي هذه المنافسات الصعبة.

ونحن نأمل في أن نصل ذات يوم قريبإذا ما تكاتفت الجهودإلى ما بلغته في هذا المجال بلدان مثل السعودية (المرتبة 41) وتركيا (المرتبة 20) وإيران (المرتبة 7). كما أن الرياضيات ليست العلم الوحيد الذي تنظم فيه هذا النوع من المنافسات العالمية، إذ هناك مواد أخرى مثل الفيزياء، والكيمياء، والبيولوجيا، والمعلوماتية، وعلوم الأرضولا بد أن تتيح وزارة التربية لتلاميذنا دخول غمار هذه المنافسات.

لكننا نقول إن إستراتيجية تكوين النخب لا تقع على عاتق وزارة التربية وحدها حيث تتطلب إشراك العديد من الجهات، بما فيها الشركات العمومية والقطاع الخاص الذي ينبغي عليه التكفل بقسط من التمويل. وفي هذا السياق، كنا سمعنا منذ نحو سنتين مسؤولين وزملاء يتحدثون عن إنشاء وكالة، تابعة لوزارة التعليم العالي، الغرض منها الرقي بتكوين النخب ومتابعته، ووضع خطة وطنية بعيدة المدى لتنفيذ ذلك. فأين هي تلك الأفكار الجميلة؟ حبر على ورق؟ متى نراها في الميدان؟

عندما نسمع ونشاهد وسائل الإعلام، ونستطلع آراء الناس بمختلف فئاتهم، ونقرأ ما تكتبه الصحافة ندرك أن الجزائر لا تصدر إلا بترولها وعلماءها. والجميع يعرف أن البترول سينضب ذات يوم، ولذا نتساءل: ما الحل لتظل البلاد واقفة؟ ألا يكمن الحل في تكوين النخب من هذا القبيل والاستثمار فيهاوالسعي إلى عدم تصديرهالأن الخير فيها لا في غيرها؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • جمال

    السويد وليس الدنمارك

  • جمال

    إيران المرتبة السابعة !!!!!!!!!!!!! الآن فهمت لماذا يقف ستة من أكبر بلدان العالم للتفاوض مع إيران . نعم ستة وهي سابعتهم !

  • أبو بكر خالد سعد الله

    تعقيب على ما جاء في التعليق 10 (باحث-الوادي) :
    كنا نود ألا نقرأ هذه التفاصيل احتراما لرغببة المتبرع الذي طلب حينها ألا يذكر اسمه.
    أما تسوية القضية فلم يشارك في حلها شخصان فحسب بل شاركت فيها مجموعة من الآساتذة الجامعيين خلال تنظيمهم لمدرسة تكوينية (تطوعية) في الرياضيات في مدينة الوادي لصالح الطلبة الجامعيين خلال صيف 2008... وذلك بعد أن اطلعوا على ملابسات القضية.
    وقد أخطأ "باحث-الوادي" في اسم البلد، وهو السويد وليس الدنمارك. كما أخطأ في قيمة المبلغ.

  • rida21

    يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
    الكل يعلم والكل يعرف ما يجري لكن لا أحد يهمه قيمة العلم في بلدنا
    لا أصدق أن الوزارة لا تعلم بهذه القضية ولا أستطيع أن أصدق بأنهم يريدون أن يبادروا إلى الخير .
    لا خير في مسؤولين ما زالوا يعتبرون قطاع التعليم قطاع غير منتج
    لا خير في أساتذة همهم الماله ولا شيء غير المال، لا أقول أن يطالبوا بحقوقهم، لكن أن يصبح همهم المال وفقط فتلك الطامة.
    لا خير في تلاميذ وأولياء همهم النجاح وفى ولو على حساب التحصيل العلمي.
    لا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيهم إن لم يسمعوها ويأخذوا

  • ابن المقايز

    من لم يفهم بعد لمادا اصبنا بعدوى ضد العلم ،فرنسا أولا،المسؤولون ثانبا،السوق الوازية ثالثا،الشكارة والبقارة والحقارة ممن يضعون صاحب العلامة16 مثل صاحب العلامة 10 ويقولون حتى هو عنده شهادة ادن تجتهد أو لا تجتهد كيف كيف وما عليك الا البحث على الخبز والتبزنيس واترك العلم لأبنائهم ومع الأسف حتى ابناؤهم خيبوهم في جامعات العالم .علينا بالأستثمار في الفرد لا بمحلات الرئيس ولا بالانساج و لا ولا ،ومن تفوق فاليتفضل وهومجاز ومشكور ومن رسب يتفضل وهو مشاكور على المجهود فقط

  • rbi

    سبحان الذي يخرج الحي من الميت.
    الجزائر مليئة بالخير وبطاقاتها وأدمغتها ولكن ينقصها فقط وزارة مهتمة بالتعليم والتربية ومناهج في المستوى ومتجددة يضعها علماء مختصون وأساتذة خريجو المدارس العليا وليس الذين غشوا في الباكلوريا ثم تحصلوا على الليسانس بالمقابل وأنا أعرف منهم الكثير. الله يصلح حالنا.
    أستاذ متقاعد

  • فتح الله

    يوم يصبح الصالحون من أبناء هذا البلد هم من يشغل مناصب المسؤولية، ستحصل الجزائر علي أحد مناصب الريادة لا المرتبة 52 فحسب

  • باحث

    الذي دفع المبلغ المستحق عن وزارة التربية للدانمارك هو النائب البرلماني و المستثمر لخضر رزاق بعرة من الوادي و كان المبلغ 3000 اورو وكان كاتب المقال ممن توسط في دفع المبلغ فجزاهما الله كل خير. الغريب أن وزارة بن بوزيد لم تسأل حتى كيف رُفِعت العقوبة عن الجزائر.

  • ليلى

    ياسين حمدي، فيصل سعدي، الياس حمدي، صهيب عبد الجليل علوط، عبد المقسط ساغني، حسام الدين بوخشم.

  • العــيـــد العــــادي

    ياأمّة 16 أفريل ( يوم العلم ) هل تقبلين التحدي وتـناوشين الكبار للوصول
    إلى القِمَم؟؟ ذلك ما نبغي ..
    أما عبادة الــدّابــخ والرياضـَـــــــــات وهَــجْــر المُــخّ والرياضِـــــــــــــيات فتلك هي
    سياسة الاستحمار والدوران في فلك الاستعمار !!

  • باحث

    الذي دفع المبلغ المستحق عن وزارة التربية للدانمارك هو النائب البرلماني و المستثمر لخضر رزاق بعرة من الوادي و كان المبلغ 3000 اورو وكان كاتب المقال ممن توسط في دفع المبلغ فجزاهما الله كل خير. الغريب أن وزارة بن بوزيد لم تسأل حتى كيف رُفِعت العقوبة عن الجزائر.

  • أبو بكر خالد سعد الله

    تعقيب عما جاء في بعض التعاليق : الواقع أننا لم نلمس كملاحظين اهتماما في المستوى المطلوب من قبل الواقفين على هذه التداريب التي لو كانت سيرت بطريقة أفضل لتحصل تلاميذنا على نتائج أحسن. نشير بهذا الخصوص إلى نقطتين :
    1. وضعت خطة محكمة ومفصلة أوكلت إلى مفتش، ذي خبرة في الميدان، من شأنها بداية التداريب من سن مبكرة في كافة الولايات في عهد الوزير بابا أحمد، لكن مجيئ الوزيرة أبطل المشروع.
    2. المفتشون الذين حضروا تداريب الزميل مليك طالبي لم يواصلوا تلك التداريب في غيابه ... أو واصلوه بطريقة فيها ما يقال.

  • أبو بكر خالد سعد الله

    الفرسان الستة هم
    1. عبد المقسط صاغيني (19 سنة)
    2. سهيب عبد الجليل علوط (17 سنة)
    3. فيصل سعدي (18 سنة)
    4. حسام الدين بوخشم (19 سنة)
    5. إلياس حمدي (16 سنة)
    6. ياسين حمدي (18 سنة)
    الأربعة الأوائل يدرسون في ثانوية الرياضيات بالقبة (الجزائر)
    أما الأخوان إلياس وياسين حمدي فالأول يدرس في قطر حيث يعمل والداه والثاني في ليون (فرنسا).
    للمزيد حول التلاميذ والزميل مليك طالبي
    http://www.imo-official.org/year_reg_team.aspx?year=2015&code=ALG
    http://faculty.ksu.edu.sa/mtalbi/Pages/Arabic_cv.aspx

  • خالد

    السلام عليكم
    تحية تقدير للأستاذ خالد أبو بكر سعد الله ، وللأستاذ مليك طالبي
    وهنيئا للجزائر ولنُخَبها العلمية.

  • جزائري

    عفواً ...الاستاذ طالبي وليس مالكي!

  • Farid

    first thanks to the participants and specially Mr Malik.Thank you on my behalf wa hamart wjouhna thanksagain and again ela youm al din./wa anta too Mr brother the journalist may the great ALLAH yahfdak m

  • فرحان

    شكرا لهذه الأخبار، و الله لم أكن على علم لا بالمشاركة و لا بالنتائج، غريب أمرالبلد, شكرا للستاذ مليك طالبي الذي أسمع عنه و عن عمله لأول مرة و شكرا لأبطالنا الذين لم نتشرف بعد بمعرفة أسمائهم,

  • جزائري

    * هنيئاً للفرسان الستة على هذه النتيجة المشجعة جداً والتي نالت بها الجزائر الرتبة 62 من ضمن 104 بلد مشارك!
    * كل الشكر و التقدير للاستاذ مالكي ولكافة ةالمؤطرين.

    مايُستخلص من مقال الاستاذ سعد الله هو ان جزائر اليوم أدارت ظهرها للعلم، كيف لا وهي أُصيبت
    بحالة ادمان متقدمة بالبترول وهي اليوم في نوبة حادة جراء انخفاض سعره !

    تأتي هذه النتيجة، للشبان الستة، كومضة تضيئ سماء الجزائر لتقول لكل ذي لُب ان مستقبل الجزائر ليس في براميل البترول وانابيب الغاز ولكنه...في عقول شبابها !

  • بدون اسم

    فعلا موضوع قيم ومهم جدا.لكن اهتمامات الدولة او بالاحرى السلطة