-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هيئة الإقراء الجزائرية

هيئة الإقراء الجزائرية

منذ أن منَّ الله -عزّ وجل- على الجزائر بوصول الإسلام إليها، وبدخول الجزائريين فيه أفواجا، وأشْرِبوه في قلوبهم، منذ ذلك التاريخ البعيد أقبلوا على “الكتاب”، أو “كتاب الكُتب”، وهو هذا القرآن الذي “يهدي للتي هي أقوم”، وتوارثوا حفظَه، وترتيله، والتخلّق بأخلاقه، والتحاكم إليه عندما ينزغ الشيطانُ بينهم.

وتشهد كتبُ التاريخ، وكتب سيَر الرجال، ورحلات الرحّالين أن سهم الجزائريين في علوم القرآن كان كبيرا، وضربوا أكباد الإبل شرقا وغربا لجمع قراءات هذا الكتاب الكريم، الذي هو أشرف كتاب أنزِل، على أفضل رسول أرسِل، لأخير أمةٍ إن أخذته بقوّة، والتزمت بما فيه أمرا ونهيا، فإن أعرضت عنه، وهجرته، واتخذته وراءها ظِهريًّا عاشت معيشة ضنكًا، ولو ملكت ملء الأرض ذهبا، كما هي حالها في هذه الأحقاب الأخيرة، إذ صدق ما أوعدها به رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه المشهور تتداعى عليكم الأممُ كما تتداعى الأكلة إلى قصعة الطعام، ولو كنتم أكثر نفيرا.

وفي غفلة من أسلافنا الأقربين نزل على الجزائر بلاءٌ، لم يعرفوا منذ دخولهم التاريخ في فجره بلاءً أشد وأمرَّ منه، أعني هذا “الطاعون الفرنسي” الذي أهلك النسل والزرع والضرع؛ إذ كان مشحونا بـ”السموم الصليبية”، المتوارَثة بين الفرنسيين من عهد أوربان الثاني إلى لويس التاسع إلى آخر صليبي وهو المجرم دوغول، مرورا بصاحب الثوب الأبيض والقلب الأسود حقدا ومكرا، المسمى شارل لافيجري، الذي تخلّصنا من اسمه وجمعيته “الآباء البيض”، وإن كان ما يزال تمثالُه في أعالي بولوغين يشرف على المدينة المجاهِدة، مدينة الجزائر، فاللهم أرسل عليه طيرا أبابيل تنسفه في اليمّ نسفا…

كان الهدف الأول والآخر، والظاهر والباطن لفرنسا المجرمة من احتلالها الجزائر هو “القضاء على القرآن”، وابتكرت لذلك خططا وبرامجَ لم تخطر على بال إبليس، ألم يقُل الإمام الإبراهيمي: “إن احتلال الجزائر إنما هو قرنٌ من الصليبية نَجَم، لا جيش من الفرنسيين هجَم”. (آثار الإمام الإبراهيمي. ج3. ص 164).

لم تستطع فرنسا المجرمة القضاءَ على القرآن الكريم في الجزائر، وتعلّمناه في الأكواخ، والخيم، وتحت ظلال الأشجار، وفي الكهوف والمغارات، ولكن علوم القرآن الكريم ماتت أو كادت بسبب سياسة فرنسا المجرمة.

وبعد أن منَّ اللهُ على الجزائريين بنصر لهم على عدوِّهم الدائم فرنسا، نفرت طائفةٌ منهم إلى البلدان العربية فتعلموا هذه القراءات، ونالوا إجازاتها مع أسانيدها، ثم عادوا إلى الجزائر وأحيوا هذا العلم، ونبغ منهم علماءٌ وعالمات في هذا المجال، وصاروا محكمين في مسابقات عالمية، ثم وفقهم الله -عز وجل- إلى تأسيس “هيئة الإقراء الجزائرية” في 21 نوفمبر 2015. وفي يوم السبت 5/3/2022 جرى حفلٌ بقاعة الشيخ عبد الرحمان الجيلالي بمسجد الكوثر بمدينة البليدة احتفاءً بمن أجيزوا في هذا العلم، وهم متعددو الاختصاصات رجالا ونساء، ومقرُّ هذه الهيئة في مدينة البليدة، ويرأسها الدكتور عبد الكريم حمادوش، ولها فروعٌ في عدة ولايات وستعيد هذه الهيئة أمجادَ الجزائر في هذا الميدان الشريف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!