-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“هَتْرَفَةٌ” فيبَرِيَّةٌ

“هَتْرَفَةٌ” فيبَرِيَّةٌ

ماكس فيبر ( Max Weber) (1864 – 1920) عالم اجتماع ألماني، له ما لمثله من “العلماء” آراء صائبة، و أفكار وجيهة ؛ وله أخرى نقيضة للأولى، ويطبعها التعصب الغربي / النصراني المَقيت، إلى درجة يصبح فيها صاحبها سخرية الساخرين، وهُزْءَ المستهزئين، وهي مما كان سلفنا يطلق عليه: “توضيح الواضحات من الفاضحات”..

وينظر المستَلَبُون من بني قومنا والإِمَّعيُّون من بني جلدتنا إلى هذا الـ”فيبر” وإلى أمثاله نظرة تقديس، ويرفعونه مكانا عَلِيًّا، ويَغْلُونَ فيه، ويُطلِقُون عليه ما قال العرب القُدامَى في إحدى نسائهم: إذا قال فيبر فصدِّقُوه، فإن القول ما قال فيبر.

ومن آرائه الخاطئة – جهْلاً أو تجاهلا – قوله في كتابه الذي قامت عليه شهرته، وبه ذاعت سمعته “الاقتصاد و المجتمع” (économie et société): “إن مِثَالَ الإسلام هو الإنسان المحارب، وليس الإنسان المثقف”. (ص 626. ط . باريس 1971).

لا ينكر ذُو حِجْرٍ أن الإسلام – قرآنا و سنة – ينزل المجاهد منزلة سامية ويرفعه مكانة عالية ويعطيه قيمة غالية، ويفضِّلهُ على الخَوَالِفِ، ويُعْلِيه على القاعدين درجات، ولكن ليس إلى درجة أن مِثَالَهُ هو الإنسان المحارب، وليس الإنسان المثقف كما “هَتْرَفَ” ماكس فيبر.

ألا يعلم هذا الـ”فيبر” أن الله – عز وجل – سمّى ووصف نفسه “العليم”، و لم يُسَمِّ ويَصِفْ نفسه “المجاهد”، وكذلك سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام – الذي قال عن وظيفته “إنّما بُعِثْتُ معلما”، وكانت أول آية أنزلها الله من كتابه هي أمْرُه لرسوله، ولكل مُتَّبِعٍ له مُقْتَدٍ به هي “اقرأ باسم ربّك…”، وهو ما أوحى للشاعر أحمد شوقي بهذا البيت الجميل:

ونُودِيَ “اقْرَأْ” تعالَى الله قائِلُها

          لم تتّصِلْ قبل مَنْ قِيلَتْ له بِفَمِ

ألا يعلم هذا الـ”فيبر” أن الإسلام يعتبر الأنبياء هم الأرفع مكانة ويجعل ورثتهم في هذه المكانة هم “العلماء”، الذين لا يخشى اللهَ أحدٌ غيرهم، وأن الإنسان إما معَلِمٌ أو مُتعلّمٌ ولا خير في سِوَاهُما..

ألم يعلم هذا الـ”فيبر” أن الله أمَرَ بـ”الجهاد العلمي” في المرحلة المكية في قوله من سورة الفرقان:

“وجاهِدْهُم به” – أي بالقرآن، وأنه لم يَأمُرْهُ بامْتِشَاق الحُسَام لمواجهة الظُلَّام إلا في السنة الثانية بعد الهجرة – ألم يعلم هذا الـ”فيبر” أنه سيُوزن – يوم القيامة – “مِدَادُ” العلماء و”دَمُ” الشهداء – وهم المحاربون – فيرْجَحُ أوَّلُهُما؟

لو استقصَيْتُ آيات التنويهِ بالعلم والعلماء في القرآن العظيم، وأقوال الرسول الكريم، وسلفنا من خير القرون والذين اتبعوهم بإحسان لما وَسِعَني كثير من الصفحات، أليس لو كان البحر ولو جيءَ بسبعة اَبْحُرٍ مثله مِدَادًا لكلمات ربّي، وأن يصير جميع الأشجار أقلاما لما نفدت كلمة الله؟

أفبعد هذا يزعُمُ هذا الزَّاعِمُ ومثله وأتباعُه أن مثال الإسلام هو المحارب و ليس المثقف؟

إن فُهُوم الناس درجات ودركات، وللقارئ أن يضع هذا الـ”فيبر” في محله من الإعراب..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • علي من الغرب

    لو ممكن يعطينا الأستاذ المرجع الذي أخذ من بالضبط: الاقتصاد و المجتمع” (économie et société): (ص 626. ط . باريس 1971). هل لهذا الكتاب مترجم من هو ؟ وإن أمكن درا النشر أو الرابط الالكتروني .. شكرا

  • عمار بن ياسر

    الاسلام اعظم من كل الدنيا وما فيها ومن كل المخلوقات لم يفهم الاسلام احد الي يومنا هذا فالكل يخوض ويطذب وينافق علي حسب عقله الابتدائي الضيق الافق المريض . من فهم معني الاسلام الحقيقي هم الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وصحابة رسولنا الاعظم وعلمائنا القدامي الاجلاء لكن هناك من المعاصرين الذين حاولوا فهمهم لكننهم لم يصلوا بعد