الرأي

واجبنا نحو “قانون قيصر”

رشيد ولد بوسيافة
  • 1380
  • 6
ح.م

في غفلة من العالم المنشغل بمحاربة وباء كورونا، تخرج علينا الولايات المتحدة الأمريكية بقانون غريب أطلق عليه “قانون قيصر” نسبة إلى المصوِّر العامل في الجيش السوري الذي وثّـّق الفظائع التي ارتكبها هذا النظام في حق السوريين. هذا القانون، يعطي الرئيس الأمريكي “الحقّ” بفرض عقوبات على الأشخاص الأجانب والكيانات من شركات ودول، إذا قاموا بتوفير دعم مالي أو تقني للنظام، أو تعاقدوا معه أو مع الحكومة السورية أو أي من المؤسسات الرسمية أو الكيانات التي تسيطر عليها الحكومة.

بعد عشر سنوات كاملة من التقتيل والتنكيل والحرب المدمِّرة التي كان الأجانب هم الفاعلون الرئيسيون فيها، سواء من جانب النظام الذي استعان بإيران وروسيا لتثبيت أركانه وإخماد الثورة ضده، أو من جانب المعارضة التي سمحت لنفسها بأن تكون أدواتٍ طيِّعة للقوى الأجنبية لتنفذ أجنداتها.. بعد كل هذا يأتي هذا القانون بحجة حماية المدنيين من بطش النظام السوري!

تابعنا جميعا كيف انهارت الليرة السورية وفقد السوريون ثلث قدرتهم الشرائية خلال أيام فقط، بسبب هذا القانون الجائر، ومن الواضح أن الذي يدفع ثمن هذا القانون هو السوري البسيط في المدن والأرياف الذي لا يستطيع شراء رغيف الخبز وليس بشار الأسد ولا أركان نظامه، وهو بالذات ما حدث مع العقوبات الاقتصادية ضد النظام العراقي في عهد صدام حسين حين قضى مئاتُ الآلاف من الأطفال جوعا.

نص القانون الأمريكي الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب ودخل حيّز التنفيذ قبل أيام، يشير إلى أن الغاية منه هي تحقيق عدة أهداف من أبرزها “حماية المدنيين السوريين من ظلم حكومة الرئيس الأسد وقمعها لمواطنيها وتعديل النظام السياسي القائم حاليا”، لكن هذا التبرير مجرَّد تغطية على الهدف الحقيقي للقانون، وهو الضغط على النظام السوري من أجل التخلّي على روسيا وإيران وحزب الله والارتماء في الحضن الأمريكي ليحظى بالرعاية والحماية كما تفعل أمريكا مع ديكتاتوريات عربية في المنطقة، وهذا ما صرَّح به المبعوثُ الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري الذي قال إن “بلاده قدّمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة، وإنه إذا كان مهتمًّا بشعبه فسيقبل العرض”، مشيرا إلى أن انهيار اللّيرة السورية دليلٌ على أنَّ روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تدعيم النظام السوري.

لذلك، فقانون قيصر هو في الواقع مساومة للنّظام السوري للتخلي عن حلفائه والالتحاق بالأنظمة الراعية للمصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وليس رغبة في حماية المدنيين السوريين، وواجبنا نحوه هو رفض هذه المساومة ومساعدة السوريين على تخطي الأزمة بحل توافقي بعيدا عن الأجندات الأجنبية.

مقالات ذات صلة