الجزائر
"أمين" السجين الذي فقد 5 أفراد من عائلته في حادث مرور يتحدث لـ"لشروق":

“والداي تعذبا لأجلي وزوجتي تزورني وهي مريضة”

سمير منصوري
  • 29948
  • 20
الشروق أونلاين

بلسان راض بقضاء الله وقدره، وبكلمات حزينة ومؤثرة، بدأها بالقول “قدر الله وما شاء فعل”، تحدث إلى ” الشروق” السجين المفرج عنه “أمين حجام” الذي فقد 5 من أفراد عائلته وهم في طريقهم لزيارته في مؤسسة إعادة التربية والتأهيل ببيلار ببلدية سطيف، بعد أن تعرضوا لحادث مرور مميت على مستوى الطريق السيار “شرق – غرب”، وتحديدا في منطقة عين زادة التابعة إقليميا لولاية برج بوعريريج، يوم الاثنين المنصرم، حيث اعتبر “أمين” أن ما حدث لعائلته هو قضاء وقدر، مضيفا، أنه بالرغم من أن الموت حق، لكنه، لا يزال مصدوما من هول الفاجعة التي ألمت بعائلته، كما كشف، أمين أن نزلاء سجن بيلار وحتى الحراس وأعوان إدارة السجن، وقفوا معه في محنته وصلوا صلاة الغائب على عائلته الهالكة داخل السجن، مشيرا، أنه اشتاق لرؤية كل أفراد عائلته وخاصة زوجته التي لم يرها منذ أكثر من شهر وهي التي كانت تأتي لزيارته من العاصمة إلى سطيف في الحافلة وهي مريضة، كل هذا الكلام المؤثر وكلام آخر تجدونه في هذا الحوار الحزين الذي أجرته “الشروق” مع “أمين حجام”.

أولا، عظم الله أجركم في فقدان أفراد عائلتك

الله يرحمهم وما حدث اعتبره قضاء وقدر والموت حق، أدعو الله أن يغفر لهم ويدخلهم في جناته.

أنت كنت في السجن عندما وقع الحادث الأليم، من أبلغك بوفاة أفراد عائلتك؟

يوم وقوع الحادث كنت في مجلس قضاء سطيف، لحضور جلسة محاكمة الاستئناف، ولم يتم إبلاغي بالحادث، لكني انتابني نوع من الشك، حيث بقيت متسائلا لِم لَم يحضر أفراد عائلتي لحضور الجلسة وهم الذين وعدوني بأن يكونوا معي.

إذن، كيف علمت بوقوع الحادث ووفاة زوجتك وأمك وأبيك وأخيك، وأختك تصارع الموت في المستشفى؟

الحادث وقع يوم الاثنين، وفي اليوم الموالي الثلاثاء زارتني المحامية، وكانت مرتبكة وتبدو لي غريبة الأطوار، على غير العادة، كانت تريد أن تقول لي شيئا، لكنها تتراجع في آخر لحظة، حيث تكلمت معي قليلا عن قضية المحاكمة، ثم غادرت السجن، وفي يوم الأربعاء، زارني خالي وأخي الصغير، وقال لي خالي بأن والديك وشقيقك وزوجتك الله يرحمهم الله وأختك في المستشفى، وهو الخبر الذي نزل علي كالصاعقة.

إذن بقيت 5 أيام وأنت في السجن وتعلم بأن 4 من أفراد عائلتك توفوا قبل أن يتم الإفراج عنك، كيف كانت تمر عليك تلك الأيام؟

أنت تقول 5 أيام، لكني أنا كنت أحس أنها مرت عليّ 5 سنوات، قلبي كان يحترق لفقدان أعز ما أملك في هذه الدنيا هم زوجتي ووالداي وشقيقي، قبل أن تلتحق بهم أختي آسيا الله يرحهم جميعا.

كيف تعامل معك النزلاء في السجن عندما علموا بوفاة أفراد عائلتك؟

والله أمر لا يمكن وصفه، كانوا مثل إخوتي، لا يفارقوني، وحتى الحراس ومدير السجن، هبوا إلي جميعا وعزوني، وكانوا يدعون لأهلي بالرحمة في صلواتهم، فعلا إنهم رائعون ولن أنسى وقفتهم معي ما حييت، وأريد أن أضيف لك شيئا؟

تفضل..
الضغط النفسي والحزن الذي كنت أعيشه في السجن بعد أن علمت بوفاة عائلتي لا يمكن وصفه، كانت نارا لاهبة تحرق قلبي وصدري ليل ونهار، وكنت اخشي أن يتوقف قلبي، لكن، وقفة السجناء معي، وتضامنهم ومساندتهم خففت نوعا ما من حدة الألم، وتقبلت الأمر، خاصة لما أدينا صلاة الغائب على أفراد عائلتي والتي حضرها تقريبا 90 سجينا.

أعلم أن كل المتوفين عائلتك وتحبهم جمعيا، لكن، من هو الشخص الذي كنت تتمنى رؤيته وتتحدث معه قبل وفاته؟

كنت أريد أن أراهم جميعا، أمي التي دائما كانت تدعو لي بالصحة والعافية وتسأل عن أحوالي وما أكل وما أشرب، وهل أبرد في الليل، وأبي الذي كان يقول لي يا أمين لا تخف، أنا معك وبإذن الله ستخرج من السجن وفي انتظار ذلك سأزورك كل أسبوع، وكذلك أخي، لكن، الشخص الذي أثر في نفسي وكنت أريد محادثته قبل وفاته هو زوجتي التي تعذبت معي. فزوجتي رحمها الله كانت نعم الزوجة، كانت تأتي لزيارتي من العاصمة إلى سطيف في الحافلة وهي مريضة، كانت تحرم نفسها من شراء الأكل والألبسة، من أجلي، تركت لها بعض الأموال في البيت، لكني، عندما عدت إلى المنزل وجدتها في محفظتها ولم ينقص منهم سنتيم، كانت تقول لي، عندما تخرج من السجن اشتغل بهم في تجارتك، كان عندي كلام كثير كنت أود أن تسمعه مني، والله بكل صراحة، اشتقت إليها، لأني لم أرها منذ أكثر من شهر تقريبا، لكن، ما عسانا أن نقول، إنا لله وإنا إليه راجعون.

كيف استقبلت قرار القاضي بالإفراج عنك؟

أود من منبر “الشروق اليومي”، أن أوجه عبارات الشكر والتقدير للعدالة الجزائرية عامة وخاصة في سطيف، أين تعاملوا معي بإنسانية، ولن أنىسى فضلهم أبدا، وهذا بتنزيل عقوبة السجن النافذ الصادرة في وقت سابق، عن القسم الجزائي لمحكمة العلمة، إلى ثمانية أشهر موقوفة النفاذ، وخاصة قاضي الجلسة التي عزاني يوم المحاكمة في وفاة أفراد عائلتي، لكن، عندي طلب للنائب العام لدى مجلس قضاء سطيف.

ما هو؟

بحكم أنني كنت اشتغل بسيارتي التجارية في نقل البضائع في العاصمة، لكنها، الآن محجوزة في العلمة، وهذا منذ يوم دخولي للسجن، ولهذا آمل من النائب العام لدى مجلس قضاء سطيف، أن يساعدني ويمنحني سيارتي المحجوزة، لأنها هي “خبزة” ابني الصغير وإخوتي الصغار.

مقالات ذات صلة