-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

والكيد في تونس..

والكيد في تونس..

غطى النسيان وحوادث الزمان على كثير مما حفظته من أشعار، ولم يُبق منها إلا قليلا، ومن هذا القليل بيت استعصى على كرّ الجديدين، يقول فيه صاحبه:

لعمرك ما ألفيت تونس كآسمها               ولكنني ألفيتها وهي توحش

ولعل هذا البيت مما زهّدني في الإكثار من زيارة تونس، إذ لم أزرها إلا مرتين في عهد “المجاهد الأكبر” على كثرة الدواعي إلى زيارتها.. ولا شك في أن تزهيدي في زيارتها ما كنت أقرأه وأسمعه من تجاوزات بورقيبة و”عصابته” و”وسيلته”، ثم تجاوزات خليفته ابن علي و”عصابته” و”ليلاه”..

وبعدما ثار الشعب التونسي، وهرب كبير الفاسدين والمفسدين لم تتبدل كثيرا أحوال تونس، إذ كما يقال:

لا يقتضي تغيّر الأحوال              ذهاب وال ومجيء وال

وجاء “قيس”، ولم تسترح نفسي إليه، خاصة بعد “استنانه” بـ “سنّة بوتفليقة” في تقبيله الرئيس الفرنسي ما كرون.. لم يطل صبر “قيس” كثيرا فخرج علينا بـ”سنّته الفرعونية” وقال لقومه بلسان الحال: “أنا ربكم الأعلى”، و”ما أريكم إلا ما أرى”، ولئن اتخذتم رأيا غير رأيي لأعذبنكم عذابا نكرا.. وبـ”الدستور”.. وكم من جرائم ترتكب باسمك أيها الدستور لقد ذكرني ما وقع في تونس بمقال نشره الإمام محمد البشير الإبراهيمي منذ سبعين سنة، حلل فيه أوضاع العالم الإسلامي من “طنجة إلى جاكرتا”، وأكثر ما جاء فيه هو مما وقع آنذاك، أو مما يقع الآن تحت أسماعنا وأبصارنا.. قال الإمام، وقوله حق: “والكيد في تونس يسلط الأخ على أخيه، وينام ملء عينيه”. (البصائر في 2 جويلية 1951).

كانت تونس آنذاك تعيش معيشة ضنكا تحت سيطرة العدو الفرنسي اللعين، وكان الشعب التونسي يناضل للتحرر من هذا العدو الصليبي المتوحش، وجاء جهاد الشعب الجزائري ليجبر هذا العدو على “منح” تونس – مع جارنا الغربي- “استقلالا خديجا” ليتفرغ للقضاء على جهادنا المبارك، ثم يسترد ما “منحه” للشعبين الشقيقين والشعوب الإفريقية التي ابتليت بهذا العدو المتوحش، وما تزال مبتلات به.

ولأن هذا العدو المتوحش كل شيء عنده بحسبان فقد سلّم أمر تونس لأحد من أعدهم على عينيه، وهو من سمى نفسه “المجاهد الأكبر”، الذي واصل سياسة “الكيد” ضد أحرار تونس، وضد قيمها، ومبادئها، ولم ينج من هذا “الكيد” حتى أقرب الناس إليه، ثم شمله هو أيضا هذا “الكيد” من عضده، “زين الهاربين” الذي استمر في أسلوب “الكيد” إلى أن نجّى الله – عز وجل- تونس منه ومن عصابته..

ومنذ عشر سنوات وتونس تعيش في “كيد مستمر”، وهو في هذه المرة كيد مزدوج، نصفه تمثله فرنسا عن طريق “حزبها” هناك، ونحن نعرفهم كما نعرف “حزبها” عندنا، و”حزبها” عند جارنا الغربي..

ولأن فرنسا تخشى أن تصاب بـ “شلل نصفي” إن قضي على “أحزابها” في “حديقتها” الخلفية، فهي لا تنام، إمدادا لهم بـ “مشاريع الكيد”، أما النصف الآخر من “الكيد” فيتولاه “حزب الأعراب” في تونس الذين يضيقون بما يسمونه “الإسلام السياسي”، لأنهم يريدون “إسلاما” يحل لهم الخبائث، ويغمض عينيه عن جرائمهم ضد دينهم وقومهم. حفظ الله – عز وجل- تونس من كيد الكائدين، وتربص المتربصين، وردّ كيدهم في نحورهم.. ويا ويلهم من وعيد الله و”كيده” الذي لن يتأخر أجله وإن طال..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • عبد الله الجزائري

    انهم يكيدون كيدا و اكيد كيدا

  • المحلل الاسترتيجي--

    نحن الجزائريون نعلم ما يدبر في الخفاء--لماذا خلق الاضطربات في الدول المجاورة للجزائر فقط---مرة مالي---مرة النيجر --مرة ليبيا--والان تونس---انها حدود الجزائر وامنها القومي--انها فرنسا واسرائيل والمطبعون--يخافون من تحرك لعمامرة فما بالك بشعب جبار باكمله---اللهم اجعل كيدهم في نحورهم -وارين فيهم عجائب قدرتك

  • جزائري حر

    و ما الحال عندنا بأفضل مما هو هناك يا أستاذ

  • طارق الجزائري

    جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل فقد أصبت كبد الحقيقة ووفقت في تحليل الأزمة ومن وراءها.

  • خالد

    فرنسا ليست قوية لهذه الدرجة نحن ضعاف لهذه الدرجة.

  • حليم

    قيس لايحسن الكلام ولكنه يحسن الفعل فأخذ بالثاني وترك لنا الاول

  • مراد

    لا فض فوك ، سلمت شيخنا ، وصف مختصر دقيق .

  • mechichi

    تعلمت والى وقت قريب أن كل ما حدث وما يحدث في الجزائر من أزمات ومشاكل وتخلف وانحطاط وجهل ........... من صنع فرنسا واذا بي أكتشف اليوم أن تونس أيضا فريسة لفرنسا فهي سبب أزماتها وعدم استقرارها وتخلفها بل سبب انتشار وباء كورونا بها ... الخ فلمن الدور غدا ؟ أي من الدولة التي سوف تكون فريسة لهذا الغول المسمى فرنسا ؟

  • عبدين تبسة

    المشكل في تونس هو أن إسلامها السياسي لم يضبط ما ضبطه الإسلام و لم يغن من جوع و لا أمن من خوف. و كل ما برع فيه هو سجن وطن تحت قبة برلمان تحقيقا لديمقراطية هي بدورها وسعت قاعدة الفقراء و الفاسدين معا. مهما قيل عن سعيد فهو أنظف يد من كل من ناصبوه العداء

  • نحن هنا

    وأما مايكاد للنهظة في تونس فهو من ذاتها