الرأي

وجوه البخس!

جمال لعلامي
  • 1736
  • 1

عندما يقول رئيس المجلس الشعبي الوطني، أن ما يحدث ضده ببرّ-لمان هو “تبهديل وبخس”، فالأكيد أن ثمّة شيئا ليس على ما يرام، فمن المفروض أن واجب التحفظ، يمنع رئيس الغرفة السفلى -التي أصبحت في الدرك الأسفل، بسبب الصراع- من الإدلاء بهذا تصريح حتى وإن كان فعلا “تبهديل وبخس”!
نعم، “التبهديل” لم يبدأ اليوم، فهروب نواب الشعب من ولاياتهم ومداشرهم، وخيانة ثقة مواطنيهم، وتغيير أرقام هواتفهم وعناوينهم الشخصية والعائلية، هو أيضا “تبهديل”!
أليس من “البخس” أن يتغيّب النواب بالجملة والتجزئة، تحت رعاية رئيس المجلس، وأحيانا تحت حمايته، رغم أن هناك قانونا جديدا يمنعهم ويُجبرهم على الحضور وإلا تم تعريضهم لعقوبات؟
أليس من “التبهديل” أن يحارب السادة النواب من أجل الزيادة في أجورهم، ويستسلمون ويرمون سلاحهم أرضا ويستسلمون لمشاريع الحكومة، عندما يتعلق الأمر بمطلب مراجعة أجور العمال والموظفين، لمواجهة انهيار القدرة الشرائية وإشعال النار في الأسعار!
أليس من “البخس” أن يُطارد بعض النواب بعض الوزراء في أروقة ودهاليز البرلمان، ليس للدفاع عن المواطنين، ولكن لتسليمهم ملفات شخصية وعائلية وأحيانا استثمارية؟
أليس من “التبهديل” أن يختفي النواب عندما يتعلق الحال بأمّهات القضايا، والملفات الحساسة والشائكة والمصيرية، ولا يظهرون ويتدافعون ويتزاحمون في طابور المناقشة والمصادقة، إلاّ عندما يتعلق الأمر بقضية تهمهم شخصيا، من شاكلة مراجعة نظام التعويضات والمنح والسفريات إلى الخارج؟
من “البخس” أن يستقيل نواب من مهمة تمثيل المواطنين ويستبدلونها بالتمثيل عليهم، في الليل والنهار، في سبيل قضاء مصالحهم الضيقة، في انتظار تمثيلية جديدة خلال التشريعيات القادمة، إن رشحتهم أحزابهم أو منحتهم “الشكارة” الفرصة لشراء رؤوس القوائم مجددا!
من “التبهديل” ونشر الغسيل ومن “التمهبيل” أيضا، أن تعترف أحزاب ببيع الترشيحات قبيل الانتخابات البرلمانية لصاحب “الشكارة” الذي يدفع أكثر، ويصل بعدها مرشحوها إلى قبة البرلمان، ومن الطبيعي الآن أن ينتزعوا رئيس مجلسهم، ويدفعون إلى حلّه، ويعاقبون الزوالية بتشريع ما يضرّهم!
قبل الحديث عن جدلية البيضة والدجاجة، من طرف رئيس المجلس، أو النواب، وحقيقة تنابزهم بالألقاب، ومحاولة الطرفين إسقاط بعضهما البعض بعضّ الأصابع وليّ الذراع و”الكروشبيي”، يجب على هؤلاء وأولئك، أن يفسّروا أولا معنى “التبهديل”، حتى يستوعب الطرفان ما يقولونه لبعضهما البعض، وحتى لا يدوّخان معهما الرأي العام وحتى لا يتحوّل الجميع إلى “وجوه البخس”!

مقالات ذات صلة