-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وداعا أبو تريكة..

ياسين معلومي
  • 7425
  • 2
وداعا  أبو تريكة..

وجدت نفسي على غير العادة، أبحث عن حدث كروي أحتفظ به في ذاكرتي مع نهاية سنة 2013، فلم أجد سوى تأهل المنتخب الجزائري إلى مونديال البرازيل للمرة الثانية على التوالي، واعتزال النجم المصري محمد أبو تريكة… هذا الهرم الذي يحبه ويحترمه كل الرياضيين في شتى أنحاء المعمورة لأخلاقه العالية وإنجازاته الكبيرة وعروبته التي نفتخر بها.

قال لي أحد النقاد الرياضيين المصريين، بأن محمد أبو تريكة، إضافة إلى أخلاقه العالية التي لا مثيل لها، فهو يتصدق بنصف المبلغ المالي الذي يتحصل عليه من علاوة الإمضاء التي يتحصل عليها والمقدرة بـ”ستة ملايير سنتيم” بالعملة الجزائرية.. صفة لم ولن نجدها عند لاعبين كبار في العالم، فلم نسمع لا برونالدو ولا بميسي ولا بإبراهيموفيتش، يحذون حذو هذا النجم ويمنحون نصف ما يتقاضونه رغم أن أجرهم الشهري ودخلهم السنوي يفوق دخل أبو تريكة مرات ومرات.

أردت معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت به إلى الاعتزال رغم أن لاعبين كبارا يفوقونه سنا على غرار بيرلو، زانيتي، ريكيلمي، لامبارد، جيرارد ومنهم من تجاوز حتى سن الأربعين مثل لاعب مانشيستر يونايتد “غيغز” مازالوا قادرين على العطاء ويصنعون الفرحة لأنديتهم ومنتخباتهم.. لكن “ابن الأهلي”، والذي يتمنى الجميع في مصر وخارجها عودته اليوم قبل الغد إلى الميادين، فضل ترك مكانه نظيفا بعد أن تبدد حلم المشاركة في مونديال البرازيل، وإدراكه بأنه قدم ما في وسعه لناديه ومنتخبه القومي، ولأنصاره الأوفياء في داخل مصر وخارجها، ما يجعله يعتزل مرفوع الرأس، تاركا وراءه سجلا ثريا من الألقاب المحلية والقارية.

قرار أبو تريكة باعتزال كرة القدم نهائياً كان في صمت رهيب، وكأن الرجل لم يقدم شيئا لوطنه، ألا يستحق أن يقام له وعلى الفور مهرجان كبير يحضره عمالقة الكرة في العالم، تكريما له على ما قدمه في مشواره الكروي للفراعنة وللنادي الأهلي؟

أعذروني لأني لا أعرف إن كانت هذه الكلمات البسيطة من أرض الجزائر توفي الرجل حقه.. انتهت مسيرة أبو تريكة في الملاعب، نعم. هذه هي الحقيقة المُرة، لكن طيفه كلاعب يبقى  يصول ويجول في مخيلتي وأهدافه الكثيرة تعود إلى ذهني كلما تذكرته.

شاءت الأقدار أن أعيش تتويجين للمنتخب المصري، وأنا في الملعب، أولهما في نهائي بطولة الأمم الإفريقية 2006 أمام كوت ديفوار بملعب القاهرة، حين سجل أبو تريكة  ضربة جزاء حاسمة أمام الفيلة. والثاني في نهائي كأس الأمم الإفريقية عام 2008، حين هز شباك المنتخب الكاميروني القوي. وتابعت أيضا الأهداف الأخرى الحاسمة والمصيرية، التي صنع بها الأفراح.. ألا يحق لنا- نحن العرب- أن نصنع لهذا النجم العربي تمثالا، مثلما صنع نادي بورتو تمثالا للجزائري رابح ماجر بعد التتويج برابطة أبطال أوروبا.

لم نسمع، ولم نقرأ ولم نشاهد، النجم أبو تريكة ينتقد أو يشتم الجزائريين، مثلما فعل بعض النقاد- سامحهم الله- بعد تأهل الخضر إلى مونديال جنوب إفريقيا، وراح يؤكد بطريقة “مهذبة” أنه كان مناصرا للجزائر في مونديال جنوب إفريقيا، الذي حرم منه بعد هدف عنتر يحيى، وسيكون مشجعا للخضر في مونديال البرازيل.. نحن الجزائريين حبنا لـ “أبو تريكة” نابع من قناعاتنا بأن تاريخه لا بد أن يقرأ، وإذا قرئ فلا بد أن يفهم، وإذا فهم فلن ننساه أبدا، ولن يمحى من ذاكرتنا أبدا؟

نحن العرب لا نعطي الرجال حقهم إلا بعد انتقالهم إلى الدار الأخرى، ولا نمجدهم ولا نكرمهم إلا بعد زوالهم، ونمنح لهم “عرجونا من التمر” بعدما كانوا محتاجين في حياتهم إلى تمرة واحدة فقط.. أبو تريكة.. الجزائريون يحبونك. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • حبيبهرابعه في قلوب الجزايرين

    لا يكرمونه لانه مناصر الحق.

  • أحمد

    أيها الصحافي ياسين معلومي، ؟ كيف للعرب ان يكرموا هذا اللعب فلتكرمه الأهلي او بلده ، الجزائر تكرم أولاد بلادها ، هل كرموا ماجر أو بلومي يوما ، بالعكس ....