الجزائر
ساعات بعد لقاء الرئيسين تبون وماكرون ببرلين

وزير خارجية فرنسا في الجزائر

محمد مسلم
  • 3572
  • 13
ح.م

شكلت الزيارة التي قادت رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لألمانيا للمشاركة في مؤتمر برلين حول ليبيا، فرصة لتدشين أولى لقاءاته على مستوى الرؤساء لعدد من نظرائه، بصفته رئيس للجمهورية منذ انتخابه قبل أزيد من شهر.

الرئيس تبون كان التقى مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، على هامش القمة، كما التقى أيضا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فضلا عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي كانت قد وجهت له الدعوة لزيارة ألمانيا.

اللقاء بين تبون وأردوغان لم يسل الكثير من الحبر، كونه جاء متماشيا مع توجهات العلاقات الثنائية التي يطبعها الهدوء والاستقرار، فوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو كان زار الجزائر قبل نحو أسبوعين، وتسلم دعوة من الرئيس تبون لنظيره التركي لزيارة الجزائر، وهي الدعوة التي تم تلبيتها في حينها.

وقد بينت التطورات بعد ذلك، أن الطرفين الجزائري والتركي يتقاسمان الموقف ذاته بشأن الأزمة الليبية، فكلاهما يرفض بشدة سقوط العاصمة طرابلس، بأيدي قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، ودعوا إلى ضرورة وقف القتال والاحتكام إلى الحل السلمي، وهو عامل آخر عزز من هذا التقارب.

إلا أن المثير في المسألة هو اللقاء الذي جمع تبون بنظيره الفرنسي، والذي يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجزائر وباريس، حالة من الجمود، منذ ما يقارب السنة، بسبب الغضب الذي انتاب الطرف الفرنسي من التطورات التي عاشتها الجزائر، وأتت على نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، الذي ظل لسنوات حاميا لمصالح المستعمرة السابقة، وفق الكثير من المراقبين.

وما يقرأ في نظر مراقبين أن هناك تطورا في العلاقات بين البلدين من خلال زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، الثلاثاء إلى الجزائر، وهي الزيارة التي قد تكون “مبادرة فرنسية” سريعة بعد لقاء الرئيسين تبون وماكرون ببرلين، لتسوية “الخلافات” الظاهرة وغير الظاهرة.

ووصلت الخلافات بين الجزائر وباريس مستوى من التدهور إلى درجة أنها أعاقت حتى عمل السفير الفرنسي في الجزائر، كسافيي دريانكور، الذي أشيع أنه طلب من رئيس بلاده استبداله بدبلوماسي آخر، لعدم قدرته على القيام بواجباته الدبلوماسية كما يجب، جراء الرقابة التي سلطت على تحركاته، منذ “الاجتماع المشبوه”، الذي كشفت عنه وزارة الدفاع الوطني السنة المنصرمة، والذي قاد المشاركين فيه (السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق والجنرال طرطاق والجنرال خالد نزار ولويزة حنون..) إلى العدالة العسكرية، التي أدانتهم بعقوبات تراوحت ما بين 15 و20 سنة سجنا نافذا.

الجفاء بين السلطات الجزائرية ونظيرتها الفرنسية تواصل حتى بعد انتخاب الرئيس تبون، فعلى الرغم من مسارعة مختلف القوى العظمى والدول الشقيقة والصديقة إلى تهنئة الرئيس الجديد، إلا أن باريس استعملت لهجة دبلوماسية غير معهودة مباشرة بعد العملية الانتخابية، خلفت العديد من التساؤلات، قبل أن يبادر ماكرون بعد ذلك بنحو أسبوع بتهنئة نظيره الجزائري في مكالمة هاتفية.

المشكلة الأخرى التي ساهمت بدورها في تسميم العلاقات الثنائية، هي موقف باريس من الأزمة الليبية، بحيث اختارت الوقوف إلى جانب الطرف الذي يؤجج الأزمة في الجارة الشرقية، من خلال دعمها العسكري للجنرال المتمرد، خليفة حفتر، الذي كانت تنظر إليه الجزائر بعين الريبة، بسبب مغامراته وتحوله إلى دمية بين أيدي قوى خارجية استعملته لمحاولة تثبيت مصالحها على حساب آلام الشعب الليبي.

وفي غياب أية تسريبات عما دار بين الرجلين خلف الجدران المغلقة، يبقى السؤال الذي يمكن أن يطرحه أي متابع للعلاقات الجزائرية الفرنسية، هو إلى أي مدى يمكن أن يساهم لقاء تبون بنظيره ماكرون في العاصمة الألمانية، في تنفيس حالة الاحتقان التي تطبع العلاقات الثنائية؟

مقالات ذات صلة