الرأي

وزير ضدّ وزير!

جمال لعلامي
  • 2966
  • 2

وزارة البيئة تتهم وزارة الموارد المائية، بتلوث الشواطئ، وتقول أنه “خاطيها”، وغير مسؤولة عن السموم التي تهدد حياة المصطافين في البحار والمحيطات ولا عن وادي الحراش، وحتى إن كان الأمر واقعا وحقيقة، لماذا تجهر الوزارة الأولى ببراءتها و”تمسح الموس” في الوزارة الثانية، وكأنهما ليستا وزارتين في حكومة واحدة موحدة تلتقي في اجتماعات رسمية ومرسّمة!

حكاية إخراج “خلافات” الوزارات إلى العلن، هو في الشكل والمضمون ظاهرة مرضية، يجب مراجعة أصولها وفصولها، وابتعاد السادة الوزراء عن هكذا تصرفات لا يُمكنها إلاّ أن تفرمل التنسيق الحكومي وتضربه في مقتل، طالما أن الوزارات تحوّلت إلى بؤرة للتراشق بالتهم، بدل الاشتراك في حلّ المشاكل واختراع الحلول والبدائل ومخارج النجدة!

سواء كانت وزارة البيئة هي المسؤولة، أو وزارة الموارد المائية، أو حتى وزارة الفلاحة، فإن تلوث الشواطئ والوديان أصبح حقيقة لا يُمكن القفز عليها أو دسّ شمسها بغربال التزويق والتنميق، وبالتالي فإن “الخطر” الذي يُلاحق المواطنين بهذه المواقع “الملوثة”ّ، لا يتطلب “الهدرة” وتبادل التهم، وإنّما يستدعي حلولا عاجلة قبل أن تتحوّل الحكاية إلى كارثة!

منطق “خاطيني” وإلصاق التهمة بالآخرين، وعدم المشاركة في البحث عن الحلّ الغائب أو المغيّب، هو تصرّف كوميكي مضحك، محرج ومزعج، لأنه من المفروض أن تلتقي القطاعات المعنية لابتكار المفتاح وليس الغرق والإغراق والهروب إلى الأمام ومحاولة نفض الأيدي!

حكاية وزارتي البيئة والمياه، ليس سابقة ولن تكون الأخيرة، طالما لم تتبدّل الذهنيات، فقد سبقتها قصة وزارتي التجارة والفلاحة في موضوع الأسعار والمضاربة، ووزارتي التربية والتعليم العالي بشأن “المستوى” بعد التخرّج من الجامعات، ووزارتي التضامن والداخلية في تسيير قفة رمضان ووقف التلاعب والبزنسة بها، ووزارتي السياحة والخارجية في مهمة الترويج و”استيراد” سياح أجانب، ووزارتي السكن والمالية في تسديد ديون المقاولين!

لم يعد بالإمكان السماع أكثر عن مثل هذه “النزاعات” الوزارية، التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، لأنها في الغالب مبنية على أسس خاطئة ومتسرّعة، وأحيانا بهلوانية يتورط فيها نوع من “أصحاب المعالي” الذين يطلقون الرصاصة قبل أن يحسبونا لتداعياتها وآثارها!

الحكومة دون شكّ، هي المسؤولة عن كل الملفات، وعليها أن تضبط عقارب وزاراتها على ساعة الانضباط وحسن التسيير والتدبير، أمّا أن يقنبل كلّ وزير زميله الوزير في الطاقم الواحد، فهذا لن يحلّ المشكلة مهما كانت تافهة وبسيطة، وسيفتح المجال للركود والجمود وطبعا “ألـّي ضرباتو يدو ما يبكي”!

مقالات ذات صلة