الرأي

وصايةٌ أوروبية على الجزائريين!

حسين لقرع
  • 1147
  • 8
ح.م

ثمّة ملاحظاتٌ عديدة على لائحة البرلمان الأوروبي المتعلقة بالوضع في الجزائر، والتي تقف وراءها فرنسا بوضوح.

أولا: دعا البرلمان الأوربي السلطات الجزائرية إلى “إجراء تحقيق مستقلّ في جميع حالات الاستخدام المفرط للقوة من قِبل أفراد قوات الأمن ومحاسبة الجناة؟!”، وهذا الحُكم مثيرٌ للاستغراب فعلا وغير صحيح بالمرّة!

إذا كان هناك “استخدامٌ مفرط للقوّة” ضد المتظاهرين، فقد حدث في فرنسا ضد “السترات الصفراء”، إذ قتلت قوات الأمن 13 منهم وجرحت الآلاف، وحدث في العراق حيث قُتل 408 متظاهر وجُرح نحو 15 ألفاً بالرصاص الحي وقنابل الغاز الخارقة للجماجم في شهرين فقط، وحدث في مجزرة “رابعة العدوية” في 14 أوت 2013 التي قُتل فيها نحو 3 آلاف متظاهر بالرصاص الحيّ في يوم واحد.. في حين يسير المتظاهرون منذ تسعة أشهر في شوارع المدن الجزائرية الكبرى بسلمية تامة أبهرت العالم، ولم تُطلق عليهم رصاصةٌ حية واحدة ولم يُقتل متظاهرٌ واحد ولم تسِل قطرة دم واحدة، فعن أيّ “استخدام مفرط للقوة” يتحدث البرلمانُ الأوربي إذن؟!

ثانيا: تطرّق البرلمان الأوربي إلى “التضييق على الأقليات الدينية” و”الانتهاكات ضد حرية المعتقد” بالجزائر، في إشارةٍ إلى إغلاق مجموعةٍ مما يُسمّى “كنائس” بمنطقة القبائل، وذهب أحدُ البرلمانيين إلى حدّ الإشادة بالاستعمار الفرنسي، بزعم أنّه كفل الحريات الدينية في الجزائر، خلافا للنظام الذي يغلق “الكنائس”، ومثل هذا الاتهام الخطير ينبع من مشكاةٍ واحدة مع قانون تمجيد الاستعمار الصادر في 23 فبراير 2005، وهو مردودٌ على صاحبه الذي يبدو أنه يحنّ إلى “الفردوس المفقود”؛ فالاستعمارُ الفرنسي حارب الإسلام بالجزائر وحوّل مئات المساجد إلى كنائس طيلة قرن وثلث قرن وفي مقدّمتها مسجد كتشاوة الشهير، وسعى بلا هوادة إلى تنصير الجزائريين… فهل يُعدّ ذلك “كفالة للحريات الدينية” للجزائريين؟ أمَّا ما يتعلق بغلق “الكنائس” المزعومة، فالجميع يعرف أنها مجرّد مستودعات وبيوت فُتحت بلا رخص، وقد طالبت السلطاتُ مسيحيي منطقة القبائل باستخراج رخص لبناء كنائس في أماكن معلومة، وهذا الأمر ينطبق على كل الجزائريين بلا تمييز؛ إذ لا يستطيع سكان أيِّ بلديةٍ أو قرية بالوطن جمع التبرُّعات والشروع في بناء أيِّ مسجد قبل الحصول على رخصة رسمية.. السلطات لم تنتهك “الحرية الدينية” لأحد ولم تُجبِر أحداً على العودة إلى الإسلام، وفي أوروبا نفسها لا يمكن للمسلمين فتح مصليات سرِّية في مستودعات وبيوت وهم مطالَبون باستخراج رخص لبناء مساجد، فلماذا تكيل بمكيالين في هذه المسألة إذن؟!

ثالثا: أبدى البرلمان الأوروبي رفضا ضمنيا لرئاسيات 12 ديسمبر، ودعا السلطات الجزائرية إلى “حلٍّ على أساس عملية سياسية سلمية ومنفتحة، مبنية على أسس الديمقراطية والحوار”، وهذا الأمر يبتُّ فيه الشعبُ الجزائري وحده، وله أن يقرّر بشأن هذا الموعد الانتخابي ما يشاء يوم 12 ديسمبر؛ سواء بالمشاركة أو بالمقاطعة، وليس لأحدٍ آخر أن يقرِّر بدله ما ينبغي أن يكون، وقد رفع الحَراك في جمعته الـ41 لافتاتٍ عديدة تندِّد بالتدخل الأوروبي، بعد أن شعر بالحرج منه، وبأنه يسيء إليه أكثر ممّا يخدمه، وأكّد أنه “لا وصاية داخلية أو خارجية على خيار الشعب”.

مقالات ذات صلة