الرأي

“وطنية” بن حمو!

قادة بن عمار
  • 3465
  • 16

لم يجد رئيس حزب “الكرامة” والمعروف بولائه الشديد للسلطة محمد بن حمو سوى الصحفيين ليتهجم عليهم، مطالبا بأن يكونوا “وطنيين ومحبين للبلد”، و”الوطنية” في قاموس بن حمو لا تعني الانتماء للوطن وإنما الانتماء للسلطة التي تحكم الوطن!
هذا الكلام ذكرني بلافتة انتشرت بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتة تقول: “الوطن للأغنياء والوطنية للفقراء” كلام فيه كثير من الصحة، والمصداقية، خصوصا لمن تتبّع مسار هؤلاء السياسيين الذين تحوّلوا إلى رجال أعمال، أو العكس، أي رجال أعمال قرروا خوض السياسة وها هم اليوم يعطون دروسا في الوطنية لبقية الشعب بمن في ذلك الصحفيين، ليكونوا وطنيين على المقاس!
بن حمو ذاته، قال في لقاء تلفزيوني قبل أيام، إنه عندما قرر الترشح للرئاسيات ومساندة “الرئيس” لعهدة جديدة في الوقت نفسه، تعجب منه صحفي ألماني، فرد عليه المحامي الذي أقام لسنوات في فرنسا قائلا “إن مستوى الإدراك في ألمانيا لم يتطور بعد لفهم هذا السلوك”!
أكثر قيمة تم مصادرتها في الجزائر منذ الاستقلال حتى اليوم هي قيمة “العقل”، وأكثر قيمة تم السطو عليها هي قيمة الوطنية، وقد مارس هذا السطو وتلك المصادرة، العديد من المتحكمين في السلطة أو المشتغلين بالسياسة، باسم الشرعية الثورية، حينا أو بذريعة بيان أول نوفمبر أحيانا أخرى، رغم أننا كجزائريين نمتلك جميعا الحق في تلك الشرعية وفي ذلك البيان، ولكن عملية السطو كانت خطيرة وتاريخية، تماما مثلما قام البعض الآخر بالسطو على الإسلام، معتقدا أنه بتأسيس حزب يرفع شعار “الإسلام هو الحل”، قد بات محتكرا للدين وللمقدس، أو لمن يرفع شعار الديمقراطية فيعتقد نفسه الديمقراطي الوحيد في البلاد!
ثقافة الاحتكار هذه جعلتنا متأخرين ومتخاصمين ومنقسمين على طول الخط، لأنه لو تعاملنا بالمنطق الأعوج الذي يريده السيد بن حمو حين يطالبنا بأن نكون وطنيين على طريقته ووفقا لـ”عقليته” فلا غرابة حينها لو بعنا الوطن عند أول فرصة تتاح لنا من أجل زيادة رزقنا ومضاعفة أرباحنا الشخصية على غرار ما يفعلون، تلك هي الوطنية بأعينهم للأسف الشديد.. وبالمختصر المفيد: الحراقة أو أولئك الشباب الهاربين من الوطن على أمواج البحر القاتلة، أكثر وطنية منا ومنكم جميعا لو تعلمون!

مقالات ذات صلة