الرأي

وعي الشعب ووعي بعض “النخب”

ح.م

سعدت في يوم الأربعاء (28-5-2009) بحضور جلسة طيبة مع الأستاذ المناضل عبد الحميد مهري (رحمه الله)، وذلك في بلدة الشبلي، بولاية البليدة، بمناسبة إحياء الذكرى الستين لتأسيس مدرسة الهلال التابعة لخير جمعية أخرجت للناس، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

إن الجلسة مع الأستاذ مهري وأمثاله من المناضلين الصادقين مليئة بالفوائد، فذاكرته تختزن كثيرا من المعلومات والتفاصيل عن حوادث عاصرها مساهما فيها أوراويا عن مساهمين غيره، وعن أشخاص عرف بعضهم، وعمل مع بعضهم، وسمع عن بعضهم متفقا معهم أو مختلفا في حركته الخاصة و في الحركة الوطنية عموما.

قال لنا سي عبد الحميد مهري أنه كان مع أحد المناضلين مكلفين بمهمة في مدينة سكيكدة وهي توعية الشعب الجزائري للمشاركة في انتخابات ما كان يسمة أيامئذ “الجمعية الجزائرية”، وكان المناضلون يتجنبون التنقل في وسائل النقل العامة (قطارات – حافلات) حذر عيون الإدارة الفرنسية وحواجز البوليسية، ويفضلون التنقل في السيارات الخاصة أو شاحنات الخضر والفواكه التي يفضل أصحابها أوقاتا معينة وطرقا غير عادية.

أشار الشاب مهري وصاحبه إلى سائق شاحنة صغيرة متجهة من قسنطينة إلى سكيكدة، فتوقف سائق الشاحنة واركب معه الشابين.

بعد السلام والسؤال عن الأحوال بدأ الشابان يخوضان في الشأن الوطني، ويجتهدان لإقناع هذا السائق – الذي كان يلف رأسه بعمامة “شاش” – بضرورة الاهتمام بالقضية الوطنية، ومؤازرة مناضليها، وضرورة المشاركة في انتخابات الجمعية الجزائرية، والتصويت لصالح المناضلين…

اختصر ذلك السائق الأمر، وقال لذانيك الشابين: “رانا نستنّاو فيكم تفّهمو يا صحاب الرّيوس العريانة، أما الشعب راهو فاهم مليح”.

وقد علق الأستاذ مهري بأن هذه القصة لم تبلها في ذاكرته الأيام، ولم تنسه فيها الأيام، وهي تؤكد أن “الوعي الشعبي” يكون أحيانا متقدما على وعي النخبة التي كثيرا ما تخلط بين القضايا الخاصة والعامة، وكثيرا ما تعمل بالمثل التونسي القائل: “إذا نصحك الجربي نص النصيحة ليه” (الجربي نسبة إلى جزيرة جربة).

تذكرت قصة سي عبد الحميد مهري يوم السبت (2019.7.6) عندما حضرت “المنتدى الوطني للحوار” لمناقشة الخروج من الأزمة السياسية التي أغرقنا فيها بوتفليقة وزمرته الأمارة بالمنكر، الناشرة للفساد، واستمعت إلى كلمات قادة بعض الأحزاب وبعض الجمعيات التي هي من صنع النظام الفاسد نفسه، فتأكدت أن كثيرا من أصحاب “الريوس العريانة” مازالوا متأخرين عن شعبهم، لأن أفكاره وآراءه ومواقفه أوضح، وأصرح، وأصلح،
أملح من أفكارهم.

مقالات ذات صلة