-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وقفات مع مذكرات العقيد الطاهر الزبيري (2)

وقفات مع مذكرات العقيد الطاهر الزبيري (2)

أسجل اليوم وقفة قصيرة أوضح فيها أنني لا أحاول الدفاع عن العقيد الطاهر الزبيري كما يدّعي البعض، فالرجل، كما سبق أن قلت، مجاهد عريق ووطني بارز وأخ عزيز، ومازلت إلى يومنا هذا أقف أمامه في وضعية »الانتباه« وأؤدي له التحية العسكرية، وهو لا يحتاج من يُدافع عنه لأنه، على أقل تقدير، حيُّ يُرزق ويناضل ويقول كلمته، لكنني أرى أن من يتطلبون الدفاع عنهم هم من انتقلوا إلى رحمة الله، وأيّا كانت الظروف التي لقوا فيها وجه الله، ومن يستحق أن نقول عنه كلمة الخير هو من أصبح ترابا ووضعت فوق رفاته عشرات الأطنان من الرخام، وكأن هناك من يخشى أن يعود الرجل إلى الحياة من جديد.

  •  وكل ما أحاول أن أقوله هو الزبيري تصرف كرجل يؤمن بأن شهادة الرجال ضرورة لكتابة التاريخ، وهو لم يخف عواطفه ولم ينافق ولم يداهن.
  •  وقبل أن أواصل حديثي ألاحظ أنني لم أقم باختيار الصورة المرفقة هنا عبثا، وهي صورة تاريخية لا توجد في ملف العقيد الزبيري المنشور في المذكرات، التقطت في 1964 خلال زيارة قام بها وزير الدفاع آنذاك، العقيد هواري بومدين، للقاعدة البحرية الرئيسية “الأميرالية”، التي أخطأ يومها أحد مذيعي التلفزة فقال إنها “الإمبريالية” البحرية (بالباء بدلا من الياء الأولى) وتظهر الصورة الوضعية المرموقة للعقيد الطاهر الزبيري آنذاك حيث أجْلِس على يمين الرئيس، الذي كانت الأوضاع البروتوكولية جزءا من اهتماماته، وهو ما يعني أن رئيس الأركان كان في الموقع البروتوكولي الأول.
  •   وتظهر الصورة أيضا موقع العقيد عبد القادر شابو، الأمين العام لوزارة الدفاع آنذاك، وهو الموقع الثالث بروتوكوليا، بعد قائد البحرية الرائد محمد بن موسى.
  •   وأعود لمذكرات العقيد الزبيري لأسجل مرة أخرى أنه تصرف مع الرئيس الراحل هواري بومدين في مذكراته كخصم شريف لا يخفي محاسن خصمه ولكنه يسجل نظرته إلى ما تصور أنه عيوب في مواقف الخصم وتصرفاته، ولقد قلت إن أيّ شهادة يجب أن تستكمل بشهادات أخرى، تعدل أو تصحح أو تؤكد أو تنفي، لأن هكذا يكتب التاريخ.
  •   ويستعرض الزبيري في مذكراته الكثير عن قضية المرحوم العقيد محمد شعباني، ويقول بأنه »كان يرفض حلّ الولايات التي كانت قائمة خلال الثورة التحريرية وتحويلها إلى نواحٍ عسكرية، بل أصرّ على بقائها على أن يتم تحويرها شيئا فشيئا، وأن تعطى لمسؤولي الولايات صلاحيات اختيار المسؤولين والإطارات (ص53، أي تكون لهم الوصاية على الدولة المركزية). وكان شعباني يأتي إلى العاصمة ويلاقي بن بلة وخيضر، لكنه كان يقاطع وزارة الدفاع، حيث أنه لا يحضر اجتماعات كبار الضباط (…) وكل هذا من أجل تفادي اللقاء ببومدين، حيث لم يكن التيار يمرّ بينهما (55). ويروي الزبيري أن شعباني استفز رئيس الجمهورية عندما قال له عبر الهاتف: بقيت تتصرف تصرف السياسيين »المتعفنين«، ويقول صاحب المذكرات إن »وصف شعباني لبن بلة بالسياسي المتعفّن جعلته يستشيط غيظا، واعتبر ذلك إهانة لشخصه، فأعطى الأوامر لبومدين (…) لإلقاء القبض على شعباني (ص58) وقاد الرائد عبد الله بلهوشات قوات عسكرية زحف بها باتجاه معقل العقيد شعباني ورجاله لمحاصرتهم في بسكرة، إلا أنه لم تقع مواجهات دامية بين الطرفين، إذ تخلّى معظم رجال شعباني عن ولائهم له، وانضمّوا بكامل عتادهم إلى الجيش الوطني الشعبي (ص59) واقتيد مع مرافقيه (…) للتحقيق معهم وإعداد ملفات محاكمتهم، وقد تولى هذه المهمة الأخيرة ضابط فارٌّ من الجيش الفرنسي يدعى محمد تواتي كان حينها برتبة ملازم في الدرك الوطني، وهو الذي أعد ملفات محاكمتي (ص60).
  • يتبع
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • عبد الله

    االله يطوت أعماركم لكتابة التاريخ بصدق

  • بدون اسم

    الله يطول أعماركم لكتابة مثل هده الأحداث بصدق

  • بدون اسم

    خالي يا قلبي يا خالي

  • ali

    ou est la photo?

  • rici

    بارك الله فيك و ربي يطول في عمرك نشاء الله