الرأي

وكيليكس ياكل رمضان!

جمال لعلامي
  • 6103
  • 22

حكاية الوكيليكس، تحوّلت إلى جزء من حكايات شهريار في ألف ليلة وليلة، فقد عاد هذا الوكيليكس إلى نشر الخبايا والخفايا التي يأتي بها للناس، وهذه المرة برقيات تتحدث عن مقتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، والرئيس السوري الحالي بشار الأسد، بالرغم من أن الوكيليكس كان قد أعلن بأن الأسرار تعني الفترة التي سبقت العام 2010

لقد تساءل المتسائلون عن علاقة نشر برقيات الوكيليكس قبيل أو موازاة مع اندلاع ما يسمّى بـ”الربيع العربي”، وانطلاق هبوب رياح التغيير من تونس بـ”ثورة الياسمين”، ثم مصر من ميدان التحرير، لكن الغريب الآن بعد استيقاظ الوكيليكس، هو نشر برقيات تخصّ مرحلة جديدة من المفروض أن الوكيليكس يواجه متاعب قضائية ومصائب في السجن!

هل يُمكن أن يكون الوكيليكس قد نسج وأنتج البرقيات الجديدة وهو في زنزانة من خمس نجوم، أو في “إقامة جبرية” محروسة بالبوليس السياسي؟، وهل بقي لوكيليكس مبررا لنشر البرقيات بعدما “خرب البيوت” في تونس ومصر وليبيا وسوريا؟

الأكيد، أن وكيليكس لا يصوم، ولذلك فهو مستمرّ في إنتاج التقارير وصناعة القوارير، والعجيب أن هذه المعلومات المثيرة والخطيرة لا تخصّ سوى البلدان “المغلوبة على أمرها”، أو تلك التي هي “حشيشة طالبة معيشة”، أو الدول التي تعيش بـ”النيف والخسارة” وتتبنى التغنانت!

لقد أعطى الوكيليكس الانطباع، بأن العرب والمسلمين هم رعاة الفضائح والأخبار السيّئة، وحتى إن كان ذلك جزءا من الحقيقة، أو هو الجزء الفارغ من الكأس المملوءة، فإن مهمة الوكيليكس لعبت دورا كبيرا في تقديم البلدان الأوروبية والغربية كنموذج للدول المثالية القادرة على تصدير تجاربها وخبراتها في التسيير والحكم، وتوزيع الثروات والمسؤوليات لفائدة “جمهوريات الموز!”

لعدة أشهر لم يجد الوكيليكس ما يفعله سوى انشغاله بالبحث عن “القمل في راس الفرطاس”، وحتى إن كانت بعض البرقيات المتعلقة ببعض الشخصيات والمسؤولين العرب، “فضيحة بجلاجل”، إلاّ أنه كان بإمكان الوكيليكس أن ينقل فضائح شخصيات غربية عاثت في الأرض والعلاقات الدولية والإنسانية فسادا!

ليسا سرّا إذا قال قائل بأن برقيات الوكيليكس هي سمّ مدسوس في عسل، وقد يأتي يوم وينشر فيه الوكيليكس برقية سرية عن حقيقة الوكيليكس ودوافع “كشف البازڤا” وروابطه بمخابر الاستخبارات الأجنبية، وخلفيات نشر الكوطة الأولى من “الأسرار الخطيرة” تزامنا مع “الربيع العربي” أو قبله؟

الأكيد أن هناك للوكيليكس ما ينشره عن الأسرار في فرنسا وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل، والأكيد أن له ما ينشره أيضا عن حرب الخليج الأولى والثانية وعن غزو العراق، وعن احتلال جنوب لبنان والجولان، والجرائم الإسرائيلية وقصف غزة وبيروت وترويع الفلسطينيين وغلق المعابر، ومخطط تفتيت السودان وتجويع الصومال ومسح أفغانستان وتصفية البوسنة!

لكن الوكيليكس لم يشمّ إلاّ الروائح المنبعثة من تحت “شطايط” بعض “العربان”، خاصة أولئك الذين يتنفسون الفضائح والخنوع والانبطاح والاستسلام، ولذلك “راح المحرم في المجرم”، علما أن سفراء بلدان غربية معتمدين في دول عربية، صرّحوا جهارا نهارا واعترفوا بأن من بين مهامهم إعداد التقارير وإرسالها إلى بلدانهم.. وهذا هو الفرق بين ديبلوماسية الاستخبار وديبلوماسية التحواس والتشماس.. فاللهمّ لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء بنا!

مقالات ذات صلة