يا جماعة نهضة بركان.. مشكلتكم مع القوانين لا مع الجزائريين!

المسرحية التي قام بها فريق نهضة بركان وبِعثتُه كانت متوقعة جدا بالنظر لعدة معطيات ومعلومات، لكن “بيناتنا” لم أكن أتصوَّر أن كاتب هذه المسرحية ومخرجها وصولًا إلى من نفذها سيكونون بمثل هذا الغباء وبمثل هذا الجهل المفرط بالقوانين!

مسرحية غير مضحِكة تماما وغير هزلية.. لكنها هزيلة.

هزيلة بسبب الهُزال الذي وصل إليه المغاربة والمستوى الذي انحدر إليه عقل “المخازنية” في البحث عن مشكلة من فراغ وإثارة أزمة من عدم، أو مثلما هو عنوان الفيلم المصري الشهير (البحث عن فضيحة).. لكنها هنا فضيحة مغربية بكل المقاييس.

هل هو جهلٌ بالقانون؟ أم سذاجة في الاعتقاد أن الجزائريين لا يعرفون القانون!؟

إن كانت الأولى فمقدورٌ عليها.. دورة تدريبية وهي “فْرات”، أما إن كانت الثانية فمصيبة، لأن حالة الجار الغربي باتت مزمنة وتتضاعف.. من سياسة داخلية فاشلة إلى دبلوماسية تطبيعية فضائحية، وصولا لـ”خرطي” كروي فظيع كالذي عشناه اليوم!

أولا، نهضة بركان (الذي لديه مباريات بلا القميص المشبوه) صحيحٌ أنه لعب كل مواجهاته في كأس الكنفدرالية بقميص يحمل خارطة بلاده مضافا لها الصحراء الغربية زورا وبهتانا وظلما وعدوانا، لكن ذلك “نجح” لسبب بسيط، وهو أنّ لا أحد من منافسيه اهتمَّ بالأمر سابقا أو احتجَّ عليه واعترض، أما لو حدث العكس، لكانوا وببساطة تامة ووفقا للقانون سينزعون الخارطة برغم أنف لقجع وأعوانه!

ولنا في هذا مثالٌ قريب، نادي ساباهان الإيراني وتمثال قاسم سليماني في ملعبه بدوري أبطال آسيا حين احتجّ نادي الاتحاد السعودي وانسحب، فمنحته القوانين ثلاث نقاط “وفوقهم بوسة” على التمسُّك بالقانون، لأن الفيفا تمنع استعمال رموز سياسية.

أكثر من هذا، فريقُنا العريق شبيبة القبائل اضطرّ في منافسة كأس الكنفدرالية في جويلية 2021، وفي مباراته ضد الرجاء المغربي، إلى إخفاء الرمز الأمازيغي من قميصه بسبب احتجاج الرجاء على استعمال رموز سياسية أو ثقافية.. واستنادا لقوانين الفيفا، رغم أن الأمازيغية لغة وطنية ومدسترة في الجزائر، لكن لا فائدة: لا تناقش ولا تجادل، فقوانين الفيفا هي الصح!

نزيدكم من الشعر بيتا: الفصل السادس الخاص بأقمصة اللاعبين في الفقرة السادسة ينص على “ضرورة ارتداء قميص مسموح به من قبل الدولة المضيفة” والجزائر “يا جماعة الخير” دولة قانون وتحترم كل الخرائط المعتمدَة في الأمم المتحدة، ومن ثمّة لن تسمح بالقفز على القرارات الدولية.

إليكم معلومة أخرى با جماعة “نهضة بلا عرضة”: المحور السابق ذاته في الفقرة السابعة يشدّد على أن يسافر كل فريق بنوعين من الأطقم بحيث لا يحتوي الطقم الثاني على أي دعاية.

الفيفا واضحة تماما لاسيما المادة 4 “الفقرة الأولى والثانية” التي تمنع منعا باتا استعمال أي رموز سياسية أو دينية أو ما يميز بين أي بلد أو شخص أو مجموعة بسبب العرق والدين والسياسة.

ومن ثمّة، فإنّ مشكلة نهضة بركان مع القوانين وليس مع الجزائريين!

مشكلة نهضة بركان في الجهل أو تعمُّد الجهل أو في استغباء الناس باللعب على وتر حسَّاس عزفه شيطانٌ دسَّاس وبإيعاز من جماعة لقجع الوسواس الخناس.. أما في حالة “تخشان الراس”؛ فإن الفيفا ستعاقب هؤلاء وفقا للمادة 4 مثلما حدث مع الاتحاد الصربي حين استعمل خارطة بلاده وأضاف لها كوسوفو، أو مع برشلونة بسبب رفع جمهورها لعلم إقليم كتالونيا.

هذا عن مضمون المشكلة المفبركة والفضيحة البَركانية الفارغة.. أما عن مشاهد الغضب المفتعَل والتحرش بالأمن الجزائري والبحث عن ثغرة في طريقة الاستقبال في المطار، فلا نملك أمامها سوى ترديد قول الشاعر:

وتعرفُ وُدَّ المرء في لحظ عينهِ    وتعرفُ عقلَ المرء حينَ تُخاطبه

مع التحسُّر على هذا المستوى وتذكير جماعة نهضة بركان ومن معهم بقيمة أن تكون خير سفير لبلادك في بلاد الناس. ونصيحة لوجه الله: خليكم من الوسواس الخناس.. وكونوا رجالا وفوزوا في الميدان بلا مسرحيات وبلا تدخُّلات.. وبلا تلفونات!