الرأي

يا فرحة إسرائيل بنا!

محمد يعقوبي
  • 5370
  • 34

أكيد أن إسرائيل وشعبها أسعد الخلائق بتهاوي الجيش السوري والدمار الذي يتعرّض له يوميا سواء من خلال الجرائم التي يقترفها في حق المدنيين أو من خلال الانشقاقات أو من خلال الصراع النفسي الذي يسيطر حتما على جنوده المجبرين على تغيير عقيدتهم القتالية من مواجهة إسرائيل إلى إبادة الشعب السوري في القرى والمدن..

الذي يطالع ما تكتبه يوميا الصحافة الإسرائيلية يفهم جيدا الأبعاد المخفية لعملية الانهيار التي تتعرّض لها الدولة السورية شعبا وجيشا أمام تنامي الرغبة الإسرائيلية في استغلال مد الربيع العربي لتغيير المعادلة الإقليمية لصالح هذا الكيان الغاصب.

بعض الكتّاب الجزائريين والعرب، تُدمي قلوبهم كما تُدمي قلوبنا جميعا صور ومشاهد الإبادة الجماعية للمدنيين على يد الجيش السوري، وهي الصور التي لم نشاهدها فعلا لا في حرب تموز على لبنان ولا في الغزوات المتعاقبة على غزة ولا حتى في الحروب العربية الإسرائيلية على مرّ العقود..

لكن أحدا لم يكلف نفسه طرح السؤال التالي: ماهي مصلحة إسرائيل في ربيع سوريا أو لنقل ماذا تربح وماذا تخسر قضايانا العربية في مواجهة هذا الكيان الغاصب؟

الأكيد أن الشعب الإسرائيلي يعيش نشوة خاصة وهو يتابع يوميا هذا السقوط المدمر للدولة السورية شعبا وجيشا، فلا طالما ظل الجيش السوري كابوسا مفزعا للإسرائيليين ـ ولمن ذاكرته قصيرة ـ النظام السوري (المجرم) كان الوحيد قبل فجر الربيع العربي الذي تحسب له إسرائيل ألف حساب، فهو الذي يدعم حزب الله، هذا الحزب رغم نظرته الطائفية للربيع العربي إلا أنه أنقذ على مدار عقود الشرف العربي وقدم قوافل من الشهداء من أجل فلسطين.. كما آوت سوريا ولاتزال جميع الفصائل الفلسطينية المطاردة في العالم، وهذه وحدها كافية ليكون الشعب الإسرائيلي أسعد شعوب الأرض بالثورة السورية التي لسوء حظ ثوارها وافقت هوى القوى الكبرى التي ظلت لعقود تتحرّش بسوريا وجاءتها الفرصة اليوم على طبق من ذهب..

ماذا يضرّ إسرائيل في ثورة تقودها وتحميها أمريكا والسعودية والقطر، الأولى هي الحارس الأمين للأمن القومي الإسرائيلي والثانية مثال سيء للديمقراطية، والثالثة على علاقة حميمة مع أمريكا وإسرائيل معا. وهنا من حقّنا أن نتساءل: لماذا لم ينتفض هذا الحلف ضد إسرائيل خلال حرب تموز على لبنان أو خلال الحرب على غزة.

وهذا طبعا ليس ذنب ثوار سوريا المدافعين عن حقهم في الحرية والكرامة، بل كنا نتمنى أن يعي هؤلاء وهم يتظاهرون ويدفعون الشهداء تلو الشهداء، أن يعوا حجم الاستغلال الذي يتعرضون له من القوى الكبرى..

أصبت بالإحباط أمس وأنا أطالع بعض مقالات الكتّاب الإسرائيليين الذين أحست أنهم يحاولون إيقاد المزيد من النار في الشارع السوري، للإجهاز على كل نقاط قوة محور الممانعة الذي كانت تحتمي خلفه القضية الفلسطينية، وبسقوط هذا الجدار لن يجد الفلسطينيون مصدر أمان يشعرهم بحقهم في الأرض والمكان..

ولأشد ما أحبطني فرحة الإسرائيليين بالعزلة التي يتعرّض لها حزب الله، هذا المارد الذي طالما فككل خططهم وسفه أحلامهم وهو اليوم ينهار كما تنهار الدولة السورية..

نعم، للثورة والثوّار حق علينا، لكن أية قيمة لثورة تقام على ربوة في مرمى إسرائيل بل في حجرها، لأنه أينما تكون مصلحة أمريكا ثمّة مصلحة إسرائيل ولا نعتقد أن مصلحة هذا الكيان الغاصب تلتقي مع مصلحة الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج.

لسنا هنا لنثبط همم الثوّار في سوريا، بل لنقول لهم ـ انتبهوا  ـ فلعنة الله على ثورة تصب في إناء إسرائيل، ونحسبكم كلما رفضتم التدخل الأجنبي وغضبت منكم أمريكا نحسبكم على طريق الثورة الحق التي يعود خراجها على الشعب السوري وليس على إسرائيل كما تريدها  القوى الكبرى بما فيها روسيا والصين.

مقالات ذات صلة