-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يا قدسنا ! يا مدينة الإسراء !

يا قدسنا ! يا مدينة الإسراء !

تتعرض مدينة القدس المقدسة، لهجمة تغيير شرسة من هذا الوافد الجديد على البيت الأبيض الأمريكي. وسيقول الأغرار فينا، والطيبون منا، وحتى بعض الذين لا يكادون يفقهون للسياسة حديثا، متسائلين في حدة وانفعال، مرغدين ومزبدين: ما هذا الذي يحدث في الجانب الغربي من العالم؟ ما قصة هذا الوافد الجديد على العالم؟ ما حكاية هذا القادم الجديد على البيت الأمريكي، في عتوٍّ، واستكبار، متأبّطاً شرّاً، ومتوعّداً ضرّاً.

ماذا جرى لأمريكا، حتى تقدّم للعالم هذا الذي لا يعرف إلا لغة الحرب على الجميع، لغة التهديد والوعيد؟

ماذا أصاب أمريكا من سلطان العظمة، وأية حشرة سامة لدغتها فإذا هي تتخبط كالذي أصابه الشيطان من المس؟

وحق للجميع أن يتساءلوا، بعد هذا الوجه السياسي القبيح الذي خرج به على العالم الرئيس الجديد لأمريكا، والذي ما إن ظهر في حملته الانتخابية حتى صاحبتها مواقف غريبة، وتلبّسته فضائح مُريبة؟

فهل الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب يعكس حقا العمق الأمريكي، الذي يعكر صفو السطح المصطنع، والذي ظلّ الساسة الأمريكيون يحرصون على تمثيلهم له، وإخراجه في حبكة فنية قد تخدع الناظرين، فتسحر أعينهم، بسحرها العظيم؟

وما حقيقة الشعارات الأمريكية – إذن- التي رفعها إبراهام لينكولن ومن بعده روزفيلت وكيندي، وأوباما، وغيرهم؟

لقد بطُل السحر، والساحر عندما خرج هذا الجمهوري المتطرف، من رحم أمريكا، بالأصوات التي مكّنته من الفوز على منافسته الديمقراطية، وها هو يعيث في السياسة العالمية فساداً. فبعد سقوط جدار برلين، الذي كان وصمة للعار الإنساني بين الشعوب، ها هو حائط عار آخر، يُبنى مع المكسيك، لفرض العزلة على أمريكا، والحيلولة دون المهاجرين، من كل حدب وصوب، هؤلاء الذين يعود إليهم الفضل في بناء أمريكا نفسها.

وبعد أن ظلّت السياسة الأمريكية، لعقود من الزمن تخطب ودّ العالم، وتغازل الكفاءات بالدولار والمغريات، ها هو رئيسها الجديد يرفع لائحة الفيتو أمام منح التأشيرة لبلدان يعينها، وكلها بلدان إسلامية، لغلق أبواب أمريكا في وجهها. ومعنى هذا أنّ حربا دينية، لتجسيد مبدأ صدام الحضارات الذي نادى به صامويل هنتكتن، قد أعلنت من القادم الجديد على البيت الأبيض، ولم تقم للكونغرس الأمريكي، ولا للزعماء الأمريكيين، القابعين في دواوينهم، قائمة، فيقفوا في وجه هذا الطاغية المستبد، الذي يوشك أن يذكّر العالم بنماذج من المستبدين باسم النازية، أو الشيوعية الذين ظننّا أنّ الدهر قد أكل عليهم وشرب.

وثالثة الأثافي، أننا، ونحن ننتظر، وعلى مضض ما يشربه أوباما، ومن قبله كلينتون، بحل الدولتين في فلسطين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، مثل عودة اللاجئين، وإيقاف المستوطنات، وجعل القدس بطابعها الديني المتنوع عاصمة لفلسطين المستقبل، والمفتوحة أمام المسلمين، والنصارى، وحتى اليهود إبرازاً لسماحة الإسلام المشعّ من بيت المقدس، وتحقيقاً للوجه الإنساني الذي يتحلى به الإنسان الفلسطيني، الذي طالما عانى من الميز العنصري باسم الدين، ومن القهر الإنساني باسم السياسة، ها هو دونالد ترامب – إذن- يخرج على الجميع بما يصدم قناعات المدافعين عن حقوق الإنسان، بتحدّيه لمشاعر المسلمين والمسيحيين، بنقل سفارة أمريكا إلى القدس، واعتبارها عاصمة الدولة المحتلة، المعتدية إسرائيل. كما عُزّز هذا الإجراء الاستفزازي، بالسماح ببناء الآلاف من المستوطنات الصهيونية الجائرة وفي القدس بالذات.

يحدث كل هذا التحدي الأمريكي، للعرب والمسلمين، على الخصوص، بضربهم في موطن الكرامة، والعزة، والسيادة، دون أن يحرّك هذا الموقف من القادة العرب والمسلمين، أدنى موقف لمواجهة الفعل برد فعل أقوى، وأقسى، كما يتصامم الفاتيكان، خصوصا بعد وفاة المناضل الفلسطيني المسيحي الأب كابوتشي وكأن حرمان الأقلية المسيحية في القدس، هو بمثابة “اللاحدث”.

وأين هي لوائح الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، أمام هذا العدوان على الضمير العالمي؟ لذلك يحق لنا، أمام كل هذا الاستفزاز الأمريكي، للعالم، أن نقول، بأنّ مواقف ترامب الاستفزازية هذه، إن هي إلا إبراز لما كان يتم من الساسة الأمريكيين في الخفاء، وأنّ دونالد ترامب في هذا،قد تحلى بالشجاعة التي تُظهر الموقف العميق، والدقيق لسياسة أمريكا، والغرب كله إزاء إسرائيل.

وإذن، وأمام كل هذا، ألا يعذر الإنسان الفلسطيني، الذي، انطفأ بصيص الأمل في عينيه، وضاع كل ما كان يحمل من رجاء لديه ليبقى لديه إلا حل اليأس وحل اليأس، هو العودة إلى سلاح الاستشهاد، وبعث المقاومة، وحمل القنبلة والبندقية وكل ما من شأنه أن يثبت به وجوده على الساحة الإعلامية، عملا بمبدأ “عليّ وعلى أعدائي” وقديما قال الشاعر العربي:

إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا      فلا يسع المضطر إلا ركوبا

على أننا، من منطلقنا لنبذ العنف، ورفض الدماء، نقول بأن حلولا أخرى لا تزال ممكنة لاستعادة الحق المسلوب، ويتمثل هذا الحق في أن يستخدم القادة العرب والمسلمين، الحق السياسي بقطع العلاقات مع أمريكا، وعدم منح التأشيرات والحق الاقتصادي، بسحب كل الأحوال المودعة في البنوك الأمريكية، والحق التجاري، بمقاطعة البضائع الأمريكية في جميع الأسواق العربية والإسلامية، وإلغاء عقود كل الشركات الأمريكية والعالمية في الأراضي العربية والإسلامية.

فهل يملك الحكام العرب شجاعة الأقدام، على مثل هذه المواقف، لإنقاذ ماء الوجه، وتبرير تخاذلهم أمام شعوبهم وأمام الرأي العام، فإن لم يفعلوا، ولن يفعلوا، فبشر العالم، بمزيد من الدماء والدموع، والمزيد من الدمار والانفجار، وليتحمل رئيس أمريكا الجديد، ما سيصيب العالم، وليحصد ما زرعت يداه، ومن يزرع الشوك يجنِ الجراح وبالرغم من كل هذا فلئن ظلت، إسرائيل، ولو لوقت معين ملكا للغرب ولأمريكا فإن القدس قدسنا وستظل لنا، بقانون الأرض وقانون السماء، وعلى الباغي تدور الدوائر.

فيا أهلنا، في قدسنا “اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ” (سورة الأعراف الآية 128).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • بدون اسم

    البن هو اللي دوخك.......الأخر ....رأى أنه سافر إليه ليلا....على حماره.....وأنت أراك...تتخيل أنك تملكه......هيا بركاك من اتمهبيل...واتمخجيف تربية فاسدة....وراسة خامجة......يفسر اتهتريف.....ويملك عقار الغير لنفسه....

  • محمد

    لم يعد احد يصدقكم دعوتم للجهاد في ليبيا وسوريا واليمن والبحرين وبلاد الرافدين ولم تدعوهم لأاولى القبلتين وثالث الحرمين بيت المقدس خونتم كل من وقف في وجه الصهاينة وكفرتموه خدمة للأسيادكم بئس مافعلتم نحن الجزائريين نعرف القدس ونعرف كيف نميز بين الحق والباطل لانحتاجك لكي تعرفنا

  • صالح/الجزائر

    عبد الباري عطوان/ رأي اليوم : " لم نكن نتوقع ان تحظى قرارات دونالد ترامب العنصرية بمنع مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة بالتأييد والمساندة من دولتين عربيتين هما المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، في وقت تعم المظاهرات الاحتجاجية الولايات المتحدة، ومعظم الدولة الأوروبية، ويتحدى مشرعون وولايات أمريكية هذه القرارات، ويستقيل 90 موظفا في وزارة الخارجية الامريكية احتجاجا وغضبا " .
    لماذا تلوم الأعداء من أن يكونوا أعداء ولا تحاول ولو مرة تجريم " خادم ... " أمريكا .

  • Marjolaine

    إذا اشتد الحبل انقطع، وإذا أظلم الليل انقشع، وإذا ضاق الأمر اتسع ولن يغلب عسر يسرين وسنة الله في خلقه أن المتجبرين يقويهم الله قوة الجبال ثم يقطعهم قطع الحبال. أي إذا أراد الله أن يهلكهم يستدرجهم ليزدادوا في غيهم وطغيانهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر "قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا " وكل الجبابرة سحقهم الله وهم في شدة تجبرهم، كفرعون والنمرود وغيرهم...
    أما حال الو م أ فهو بداية الزوال: " وإذا أردانا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ".

  • بدون اسم

    اراك تخرف يا شيخ
    اول من باع القدس هو ملككم العربي *السعودي* الذي انت من اصله وعرقه ولغته وهويته وعاداته وقيمه و....
    و أعلم يا شيخ ان القدس منذ 1948 تعرضت للحملة المسعورة كما تقول
    و بريطانيا أين يعيش العرب هي من سلمت القدس لليهود
    السؤال
    عرب ش افريقيا المقيمون ببريطانيا السعداء بسياستها وحكوماتها التي ترفع شعار مع اسرائيل ظالمة او مظلومة هل تثق بهم

  • الياس

    (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) صدق الله العظيم
    من هؤلاء القوم يا رسول الله ( الحديث)

  • hocheimalhachemih

    " رب ضارة نافعة " وليعلم الغافلون أن الأسلام بعدله ومساواته وتسامحه # .. ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ،أو الوالدين والأقربين# ...؟ فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ..؟ !# كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ؟#هم من يجب أن يقود العالم وليس رعاة البقر ولا رعاة الخنازير ، صانعي أسلحة الدمار الشامل وافتعال المكائد والمؤامرات لأثارة الحروب والأرهاب بين الشعوب المسالمة والمغلوبة على أمرها سيما الأسلامية منها والعربية خصوصا!عسى أن يفيقوا من غفلتهم

  • بدون اسم

    القدس ستبقى في السبي والأسر مادام هؤلاء الحكام يستأسدون على الشعب العربي ويتبولون في ملابسهم الداخلية عند رؤيتهم لليهود والنصارى....كيف بهؤلاء الحكام العرب(يصبرون)على جمرات جهنم يوم الحساب عند الرب الكريم

  • بدون اسم

    ياقدسنا........حال العرب كحال الأرملة التي مات بعلها وتركها في غابة لانهاية لها..الله من فوق سبع سماوات فضل جنس(العرب المسلمين)عن كل كائناته..لكن حال العرب المسلمين اقرب الى المتسولين والجياع والفقراء الذي لايملكون مايسترون به عوراتهم..