-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يتحّدون بأديان ولغات مختلفة ولا نتحّد بدين ولغة واحدة

يتحّدون بأديان ولغات مختلفة ولا نتحّد بدين ولغة واحدة

لا يمكن لعاقل، وهو يتابع الهبّة التضامنية الأوروبية والعالمية عموما، مع فرنسا، التي فقدت مئة وثلاثين شخصا في عملية إرهابية هزتها الجمعة قبل الماضي، إلا ويقف إعجابا لأمة غربية، صارت مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى عضو منها بالحمى، تداعى وسهر البقية ألما وبحثا عن الدواء. ولا يمكن لعاقل وهو يتابع ضياع بلاد إسلامية بالكامل، كانت معقلا للحضارات من بلاد جمال الدين الأفغاني إلى المعتصم بالله، من دون أن تذرف دمعة واحدة على المصاب الجلل، إلا ويتساءل عن الوهن المعنوي الذي بلغته هذه الأمة.

فقد تحوّلت كل ملاعب العالم التي هي مخصصة للهو وللعب كرة القدم، من اليونان، حيث يدين الشعب اليوناني بالمذهب الأرثودوكسي ويتكلمون اللغة الإغريقية، إلى سويسرا حيث يدين نصف شعبها بالمذهب البروتستانتي ويتكلمون اللغة الألمانية، إلى منابر لدعم الشعب الفرنسي الذي يدين بالمذهب الكاثوليكي ويتكلم اللغة الفرنسية، بينما عجز أهل الدين الواحد واللغة الواحدة أن يقفوا إلى جانب بعضهم البعض في هذه المحن الكبرى، التي حوّلت أرضهم إلى خراب، فوجدت باريس التي لا يزيد عمرها عن الخمسة عشر قرنا من يبكيها في كل بلاد العالم، ولم تجد لا بغداد ولا دمشق، وهما ما أوجدتا التاريخ نفسه، من يذرف على أطلالهما دمعة واحدة ليس في العالم، وإنما من الذين لا يكاد يُذكر عن مجدهما شيء لولا ما عاشته دمشق ذات عصر أموي من نهضة علمية كبيرة، وما عاشته بغداد ذات عصر عباسي من تطوّر في جميع المجالات.

وكما أجبرت أمريكا العالم على أن يبكي معها، وأن يكفكف دموعها ويتذكر ضحاياها في كل سنة ودقيقة، منذ سبتمبر من عام 2001، تسير فرنسا على خطى الولايات المتحدة الأمريكية، نحو تحويل الأزمة التي عاشتها في الثالث عشر من نوفمبر إلى همّة، تضعها، كبلد ضحية يمكنه أن يفعل ما فعلت أمريكا عندما غيّرت في جغرافية الكثير من البلاد، ومسحت من ذاكرة هاته البلاد تاريخها العريق.

منظر جماهير ملاعب الكرة في إيطاليا نهار أمس، منبولونياإلىتورينو، وهي تعزف نشيدلامارسييز، وتردّد كلماته التي كُتبت في الثورة الفرنسية، كشف حقيقة تلاحم الغرب في السرّاء والضراء، حيث تمكنوا من فتح حدودهم ووحّدوا عملتهم واقتصادهم، وعيّنوا عدوّهم وخططوا لأن يكونوا أشداء على الآخرين، رحماء بينهم، ليس بالكلام وإنما بالفعل، الذي صار يراه كل من يسافر إلى أوربا أو يتابع سياسات دولها وسلوكات شعوبها.

لقد قرأنا في مؤلفات عميد الأدب العربي، طه حسين، أن باريس التي درس فيها وأحبها ببصيرته من دون أن يراها ببصره، هي عاصمة للجن والملائكة، وواضح أن الأحداث الأخيرة، قد أبانت من المقصود، بالجن ومن المقصود بالملائكة؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    مقال و لا اروع خصنا نبكو على حالنا

  • بدون اسم

    بل وحدتهم "ثقافة الحضارة" ...هذه التي لا نملكها نحن

  • يوسف

    لم نتّحد لأن الحاكم لم يعلن نهاية المبارة بعد بين : ["علي" VS " معاوية" ] .و " الحسين مع يزيد "
    و موسى بن نصير مع طارق بن زياد " و " و مرسي مع السيسي " و " النهضة مع النداء " و "اللا ئيكوشيوعي مع الإسلاميين " و "البداوة مع الحضارة " و " الرّيفيون مع المتمدنون " و "المعربون مع المفرنسون " و " القبيلة مع الشعب " و " المدنيون مع العسكريون " و "الشباب مع الشيوخ " و " المشرق مع المغرب " و " الشّيعة مع السّنة " و " العرب مع الفرس " و " الترك مع الكرد " و "الجمهوريات مع المملكات " .... The end

  • احمد ع الق

    مشكور أيها الأستاذ...أن المشاهد المرعبة التي يقوم بها التحاف الغربي زائد روسيا وأيران.لهي جهنم حقيقة أحرقوا بها المسلمين وأطفالهم ونسائهم ودمروا أرضهم ..أنهم اتحدوا لأن العدو في نظرهم واحد وهو الأسلام.....أن روسيا تضرب بعنف لامثيل له وأمريكا لم تنه بعد حقدها منذ25سنة ..فالكلاب عندهم أغلي دما من المسلمين أما لماذا لم نتحد نحن فهذ يرجع لأن عملاء الغرب وأذنابه هم من يحكمون المسلمين شر قا وغربا.ويملكون القوة والمال,,لكن للظلم ساعة وسينقشع الغمام وسينتصر الحق والعدل..وهذا لايعني تأييد الدواعش ..

  • جمال

    المصالح هي التي توحد الشعوب ليس الدين واللغة.

  • عبدالحق

    بكائيات ......
    ماالسبب في كل هذا .
    في رأيي لا ينقصنا دين ان لم يكن هو السبب بما نحمله عنه من افكار متناقضة وظلامية وهدامة
    ما ينقصنا أن نتعلم أ ب إنسانية لأننا متوحشون بأسماء مختلفة

  • عبدالقادر

    لاجنون ولا ملائكة كل مافي الامر ان العربان ذلوا انفسهم الى درجةالهوان لحبهم للزعامةوالعروش والكراسي وباعوا دينهم بدنياهم وانبطحوا من اجل التمكين لسلطهم وانظمتهم الفاسدة لاعداءالامة والدين.اماعن المعارضين لهم فهم اكثر فسادا من الانظمةالظالة التي يريدون تغييرها حيث اتخذواسبيل الشيطان للاطاحةبعروش اللاميروالسلطان بدل النضال الشريف كماعلمنا دينناالاسلام دين الرحمةوالحريةوالامن والامان والسلم والسلام.العيب فينا صدقت هم لهم اديان ولغات واعراق مختلفة وموحدون ونحن ديننا يحثناان نكون جسداواحداالاحالنا...

  • بدون اسم

    ومن قال لك اننا اهل دين واحد...؟..وهل دينك مثلا اقرب الى دين ابوجرة..او دين بوكروح..او دين وزيرالدين..او دين نزار..او دين خليدة..او دين غول..او دين غناي الملاهي خالد..او دين بيونة....أنضـــــــــــــــر الى الواقع فستبصر أكثر من دين ...الغرب الاوروبي والامريكي لهما دينين(اليهودية والمسيحية اوالنصرية)يكملان بعضهمابعضامنذ الازل..عكس العرب.لكل حاكم او قائد او رب بيت له دين...نحن من نعيش تعدد الاديان..لاالغرب ...؟

  • Peu importe

    ما تفرقه الأديان و الطوائف و المذاهب يجمعه الانتماء للانسانية و الواقع خير برهان...
    لاحظوا الدول العلمانية في أوروبا كيف يعيشون بأمان في ظل التعايش السلمي رغم اختلاف أديان و أعراق شعوبها ، بينما الدول الاسلامية تعيش معيشة ضنكى في ظل التناحرات الطائفية و المذهبية و سفك أنهار من الدماء و الخراب الذي يعم كل مكان .

  • حاج براهيم

    الحمد لله قدم واعطى ع الناصر*كاتب المقال* فكرة كنا نتمى ان لا ينطقها لا شعوريا
    شفت الان يا ع الناصر الانسان يمكن ان يتلاحم ويتعاون بدون ديانة او لغة تجمعه مع انسان آخر ****الانسانية***
    و ليس من الضروري ان يكون الانسان مسلم ليتلاحم مع انسان اخر
    قديما و مازال بعضكم لليوم صورتم لنا التلاحم والتقدم والاخوة وحب الوطن وووو يكون الا بديانة او بلغة