-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يكتب مثل ملاك يتحدث مثل "إله"..

عن ياسمينة خضرا الذي أيقظ الركود

زهية منصر
  • 2188
  • 0
عن ياسمينة خضرا الذي أيقظ الركود

صنع ياسمية خضرا الحدث في جولته الأخيرة للجزائر، ليس فقط بتصريحاته التي أثارت ضجة في الإعلام والمواقع، لكن أيضا بالأعداد الغفيرة التي حضرت محاضراته بوهران والعاصمة وتيزي وزو.

أعاد ياسمينة خضرا عددا من النقاشات والإشكالات الثقافية إلى الواجهة مثل الكتابة بالفرنسية وموقعها في الجزائر، المقروئية، نجومية الكتاب، علاقة الكاتب بالسلطة، الانتشار والترجمة وغيرها من القضايا الأدبية، فكان كمن ألقى حجرا ضخما في المياه الراكدة وإعادة الحيوية والنشاط لساحة ثقافية ثقيلة وكسولة في عز الصيف.

لا أحد ينكر أن ياسمينة خضرا كاتب كبير ومبدع وسارد رهيب بحيث يمنح لقارئه امتياز التجوال الأدبي والسفر عبر أسلوبه وحبكته الروائية وشخصياته التي يرسمها ببراعة، لكن الكثير من المتتبعين لا يخفون أيضا أنه كاتب عنجهي وربما مغرور بعض الشيء ذو أنا متضخمة.

البعض يربط بين الماضي العسكري لخضرا وبين انتشاره الأدبي، لكن المتتبع لمسار الرجل الأدبي يدرك انه كتب أعماله الأولى باسمه الحقيقي، لكنها لم تنجح ولم تلق الرواج، وكان عليه أن ينتظر كثيرا قبل أن يفرض نفسه ككاتب واسع الانتشار ليس في فرنسا فقط ولكن في أزيد من 55 بلدا في العالم مما يجعله من أكثر  كتاب الجزائر، إن لم يكن أكثرهم على الإطلاق، ترجمة وانتشارا.

وذهب البعض لحد الربط بين الانتشار المتزايد لخضرة بين القراء وبين سطوة الميديا الفرنسية والغربية في الترويج له، لكن خضرا يؤكد أن وسائل الإعلام الفرنسية أغلقت عليه الأبواب، خاصة بعد تصريحه الشهير في إحدى القنوات الفرنسية التي رد عبرها على الحملة التي كانت بعض الأوساط تقودها ضد الجيش الوطني الشعبي قائلا “أنا ابن الجيش الوطني الشعبي” فكان كلامه كافيا لإسقاط رهان من قرر اتخاذه رأس حرب ضد بلاده.

 نحج ياسمينة خضرا في إعادة الحيوية إلى الساحة الثقافية حتي وإن لم يكن إجماعا حول أدبه فقد أجمعت الساحة أنه كاتب مغرور ويحتاج دائما مدير أعمال ليرتب حواراته وتصريحاته، لكن ومن جهة أخرى فإن جولة خضرة في الجزائر كشفت أن الرجل أعاد الشك إلى بعض المقولات، خاصة تلك المتعلقة بالمقروئية، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الكثيرون عن انحصار المقروئية وخاصة باللغة الفرنسية فإن اللقاءات التي عقدها خضرة في جولته الأدبية الأخيرة بالجزائر أثبتت العكس، آلاف من القراء رجال نساء وشباب يتزاحمون على اقتناء كتبه وحضور لقاءاته، فالرجل تحول إلى ظاهرة أدبية تستدعى الانتباه والدراسة، خاصة وانه أعاد أو استعاد سؤال اللغة في الكتابة الأدبية، وهو السؤال المعلق منذ قرار مالك حداد اعتزال الإبداع بسبب المنفى اللغوي.

تصريحات خضرة دفعت بالساحة إلى النقاش وطرح الأسئلة وهذا في حد ذاته نجاح يحسب للكاتب. ولعل أكبر درس يمكن استخلاصه من جولته الأخيرة انه أماط اللثام عن غرور الكاتب، لأن كل فنان هو بالضرورة يسعى للانتشار مع فارق بسيط أن الكاتب المسلح بقرائه خارج الشلل الأدبية لا يخشى أبدا إعلان غروره أمام الملأ وعلنا ومن دون إحراج.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!