الرأي

يوم العلم .. من منظور مختلف

حسن خليفة
  • 4236
  • 2
ح.م

ستحتفل بلادنا، بعد أسابيع قليلة، كعادتها كل عام بما يُسمى “يوم العلم” وهو شيء جميل، وإن كان العلم لا يمكن أن يُقتصر فيه على يوم أو حتى شهر أو سنة، بل كل الحياة يجب أن تكون للعلم…إن أردنا ـ بالفعل ـ أن نرتقي ونزدهر ونصعد.. كشأن الأمم الحية جميعا. غير أنني ومن باب التذكير، أسجل جملة ملاحظات:

1 – لماذا لا يكون لوزارة الثقافة كوزارة ذات صلةـ  برنامج في هذه المناسبة الطيبة ـ يوم العلم أو شهر العلم ـ تظهر فيه  الاهتمام اللازم بشخصية ثقافية رائدة هي شخصية الإمام عبد الحميد ابن باديس ـ ومجموع العلماء والمثقفين الذين كان لهم دور في حياة وطننا، وهو مما لا ينكره إلا جاحد؟

2 – لماذا يفتقد الشيخ الإمام ـ إلى حد الساعة ـ لأي فضاء “خاص ـ ومتخصص” كمتحف خاص به، أو فضاء علمي فكري ثقافي ، يشتمل على كل ما له علاقة بعمله الثقافي الكبير، مع بعض من خصوصياته: مكاتب، كتب، كرسي التدريس، ألبسة الخ كما هو الشأن في مجتمعات كثيرة تحتفظ بخصوصياته روادها ومثقفيها، وتصطنع لهم متاحف وفضاءات ثقافية.

3 – لماذا تستأثر عائلة ابن باديس الصغيرة بكثير من أشياء وخصوصيات ولوازم الشيخ الإمام كحاجاته وكراساته وكتبه ومجلاته، وما خطّهُ بيده، وكتبه وملبوساته وأشيائه الخاصة ومكتبه…وهي شأن عام وحق لكل الجزائريين؟

4 – لماذا هذا الإهمال الآثم لمتعلقات الشيخ العلامة وبعض معالم جهاده الديني والفكري الكبير: الجامع الأخضر الذي فسّر فيه القرآن الكريم وهو في حالة يُرثى لها، وقد نشرت صور وفيديوهات عنه.وعن معالم أخرى كالمطبعة الجزائرية الإسلامية، ومنزل ابن باديس نفسه. لماذا هذا الإهمال وهذا الإصرار على الإهمال؟ وما تفسير ذلك؟

5 – حاجة الكثير من الأجيال الجديدة كبيرة إلى التعرّف على ابن باديس وكل أعلام الوطن..فمتى يأخذون حقهم من الاهتمام المعرفي الجاد وليس الاهتمام المناسباتي الفلكلوري؟

6 – لمَ لا تكون هناك أنشطة من مثل المسابقات الثقافية (في التلخيص والقراءة ـ مثلا) مع جوائز تشجيعية كبرى، تدفع الشباب إلى قراءة تراث الأعلام الكبار الذين لم يوفّوا حقهم بعدُ، مع ما قدموه للوطن، في دينه وقيمه وترابه وثقافته؟.

7 – هل يعجز المجتمع الجزائري، بكل مكوّناته، عن تقديم عربون الوفاء للرجال الكبار الذين حافظوا على هُويته وصانوا مقدساته، ورسّخوا مبادئه واجتهدوا وحافظوا على “بيضة الوطن ” بثوابته ومبادئه؟

8 – إلى متى ونحن نكتفي بـ”التمسّح” بابن باديس وما يمثله من دين وبطولة وتضحية ولا نقدم ما ينبغي تقديمه في مجال الانتساب والانتماء الحقيقي لما عاش من أجله.. وكيف نسكت سلالات الخيانة التي تناسلت وامتد حبلُها، فهي تشتم وتضلل وتهدم .

9 – وأخيرا وليس آخرا…ألم ينجح ابن باديس في إخراج المجتمع الجزائري من أوضار التخلف والتأخر ومظاهر البؤس الديني والدنيوي.

ألم يسهم هذا الرجل وكتائب الخير التي خرّجها في تحقيق النهضتين العلمية (التربوية) والدينية الثقافية…فلمَ لا يُهتم بمنهجه الذي أنقذ الأمة ووضعها على طريق الانعتاق والتحرر؟. لا يحتاج المجتمع إلى شعارات تُرفع.. إنما يحتاج إلى منهج يُطبق ليعطي الثمرات الطيبات ويسمو بمجتمعنا إلى أفق التنوير والازدهار والسموّ.

مقالات ذات صلة