الرأي

‬الجهل‮ ‬لا‮ ‬يُسيّر‮ ‬العلم

محمد سليم قلالة
  • 3690
  • 22

الكل يعلم أن من يُسيّر السياسة في بلادنا ليسوا أكفأ السياسيين، ومن يُسيّر الأحزاب ليسوا أكفأ المناضلين، بل ومن يُسيّر قطاع البناء ليسوا أفضل المهندسين، ومن يُسيّر قطاع المحروقات ليسوا أفضل الخبراء في الطاقة، وهكذا في جميع المستويات… مما يعني أن مبدأ الأفضل يقود ويوجه الأقل كفاءة، غير مُحترم في معادلة البناء في بلادنا، وهو ما يتجلى لنا في الغالب في شكل شعور بعدم القدرة على النهوض والتطور، تعبّر عليها حالة اليأس والتشاؤم والنقد من أجل النقد التي أصبحت تغلف معظم خطابنا السياسي والإعلامي وحتى الشخصي والعائلي أحيانا‮.‬

والواقع‮ ‬أن‮ ‬هذا‮ ‬الشعور‮ ‬الذي‮ ‬يقدمه‮ ‬البعض‮ ‬على‮ ‬أنه‮ ‬أصبح‮ ‬مرضا‮ ‬مُستعصي‮ ‬العلاج،‮ ‬هو‮ ‬في‮ ‬الواقع‮ ‬ظاهرة‮ ‬مرتبطة‮ ‬مؤقتا‮ ‬بطبيعة‮ ‬القيمة‮ ‬المعطاة‮ ‬لشعاع‮ ‬التأثير‮ ‬والتأثر‮ ‬الذي‮ ‬يربط‮ ‬بين‮  ‬مكونات‮ ‬المجتمع‮ ‬الجزائري‮. ‬

يكفي‮ ‬أن‮ ‬نصحح‮ ‬هذه‮ ‬القيمة‮ ‬لتُصبح‮ ‬موجبة‮ ‬صعودا‮ ‬في‮ ‬اتجاه‮ ‬القمّة،‮ ‬ليتم‮ ‬تعديل‮ ‬الوضع‮ ‬باتجاه‮ ‬الأفضل‮.‬

بمعنى أن تعترف القيادات المفروضة على المجتمع اليوم، بأن إشاراتها في أغلب الأحيان سالبة لعدم الكفاءة، وتقبل بتلك الموجبة القادمة من مكونات المجتمع الأخرى الأكثر فهما للمشكلات التي تعيشها، وإدراكا للحلول التي ينبغي أن تتم. إلى حين يتم تصحيح الوضع وتتحول القيادة‮ ‬إلى‮ ‬الأكفأ‮ ‬والأقدر‮ ‬على‮ ‬إعادة‮ ‬الأمل‮ ‬للناس‮. ‬

وهو ما نعبّر عنه في كثير من الأحيان بعبارات مثل (إعطاء الفرصة للشباب، أو للطاقات الشابة، أو للكفاءات الجديدة، أو للجيل الجديد)، وهو ما لا يريد أن يسمعه الكثير ممن مازالوا يعتقدون أنه لم يحن الوقت بعد للتغيير، وأن الساعة لم تحن بعد، دون أن يُدركوا  كما يقول‮ ‬ألفين‮ ‬توفلر‮ “‬أن‮ ‬الذين‮ ‬يرفضون‮ ‬التغيير‮ ‬اليوم‮ ‬إنما‮ ‬سيقبلونه‮ ‬غدا‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬يفرض‮ ‬نفسه‮ ‬عليهم‮”‬،‮ ‬أي‮ ‬أنه‮ ‬آتٍ‮ ‬آتٍ،‮ ‬والأفضل‮ ‬الاستعداد‮ ‬له‮ ‬والتكيّف‮ ‬معه‮ ‬على‮ ‬انتظار‮ ‬أن‮ ‬يحدث‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬نريد‮.‬

واليوم أمامنا فرصة أمل لكي نمنع حدوث ذلك من خلال تغيير قيمة واتجاه الشعاع القادم من عمق الجزائر من السالب إلى الموجب. ومن الأسفل إلى الأعلى بعيدا عن تلك المنهجية التقليدية القائمة على مبدإ: توجيهات القيادة الرشيدة، التي تحتاج إلى حملة شرح وتحليل…

لقد ولى ذلك الزمن الذي كان يُنظر فيه إلى أن الأفضل هو الأعلى، بعد أن أكدت الوقائع  والتجارب، ومستوى الكثير من  المسؤولين أنهم في كثير من الأحيان أقل بكثير ممن يسمونهم بالمرؤوسين.. ولعل ذلك الجيل الذي كان يقبل على مضض بالرداءة تُسيره من أجل الصالح العام وخوفا من الانهيار، قد بدأ في الانقراض اليوم، وليس أمامنا سوى تصحيح  إشارة شعاع التأثير لتصبح موجبة، وهي قادمة من القاعدة ليحدث التفاعل، أفضل من أن تتحول إلى السلب هي الأخرى، ويحدث التنافر الذي لا تحمد عقباه.

مقالات ذات صلة