الرأي

‬القتل الخطأ‮!

جمال لعلامي
  • 1607
  • 2

حوادث المرور لم تعد أفعالا فردية أو معزولة،‮ ‬وإنـّما أصبحت‮ “‬صناعة‮” ‬للقتل والتقتيل عبر الطرقات،‮ ‬وعندما تلجأ وزارة الداخلية إلى تشكيل لجنة تحقيق في‮ ‬أسباب تنامي‮ “‬إرهاب‮” ‬الطرقات،‮ ‬فالمهمّ‮ ‬في‮ ‬هذا القرار،‮ ‬ليس اللجنة،‮ ‬ولكن التأشير على أن الظاهرة أصبحت لا تطاق‮!‬

‭ ‬الحصائل والأرقام المرعبة التي‮ ‬تـُعلنها مصالح الشرطة والدرك والحماية المدنية،‮ ‬لا تستدعي‮ ‬فقط دقّ‮ ‬ناقوس الخطر،‮ ‬وإنـّما تتطلب أيضا،‮ ‬تحركا عاجلا ومدروسا،‮ ‬لوقف هذا‮ “‬الموت‮”‬،‮ ‬الذي‮ ‬حصد ويحصد مئات الأرواح،‮ ‬في‮ ‬فترات متقاربة،‮ ‬وبأعداد تنافس ضحايا الحروب‮!‬

الأسباب مختلفة ومشتركة،‮ ‬يتحملها الكثير من الساقين،‮ ‬وطبيعة الطرق،‮ ‬وتتحمّلها نوعية بعض السيارات والمركبات،‮ ‬وتتحمّلها أيضا بعض مدارس السياقة التي‮ “‬تبيع‮” ‬الرخص،‮ ‬وتتحمّلها‮ “‬المعريفة‮” ‬التي‮ ‬تتدخـّل لإنقاذ وإعفاء المتورّطين في‮ ‬المخالفات‮ “‬القاتلة‮” ‬من العقاب‮!‬

لم‮ ‬ينفع التحسيس،‮ ‬ولا سحب رخص السياقة،‮ ‬ولا تشديد العقوبات،‮ ‬ولم تنفع لجان الدوائر،‮ ‬مثلما لم‮ ‬ينجح‮ “‬الموت‮” ‬في‮ ‬نقل الرعب إلى الناجين‮ “‬مؤقتا‮” ‬من حوادث الانتحار بالعربات الصناعية،‮ ‬ولهذا وجب‮ “‬الانتفاضة‮” ‬لوقف النزيف وإنهاء هذه المأساة التي‮ ‬تضرب عُمق المجتمع الجزائري‮!‬

المصيبة،‮ ‬أن كلّ‮ ‬عابر على حادث مميت،‮ ‬يكاد‮ ‬يتوقف قلبه،‮ ‬ويُسارع إلى إعلان توبته من الإفراط في‮ ‬السرعة وارتكاب حماقات قاتلة،‮ ‬ويلجأ راضيا مرضيا إلى قراءة الفاتحة على أرواح الضحايا،‮ ‬ويهزّ‮ ‬رأسه،‮ ‬ويُخاطب دواخله،‮ ‬وينصح نفسه الأمارة بالسّوء،‮ ‬لكنه بمجرّد المرور‮ ‬يعود إلى محاولات الانتحار بهذه السيارة الملعونة‮!‬

نعم،‮ “‬الموس وصل إلى العظم‮”‬،‮ ‬ولذلك لا‮ ‬غرابة في‮ ‬هذه الآهات والأنين الذي‮ ‬نسمعه‮ ‬يوميا تقريبا،‮ ‬على أفواه معطوبين وضحايا وعائلات قتلى وجرحى هذا‮ “‬الإرهاب الجديد‮”‬،‮ ‬الذي‮ ‬يستبيح دماء الجزائريين عبر الطرقات،‮ ‬ويقتلهم بـ‮ “‬حديدهم‮” ‬كسلاح دفعوا لشراء بريستيجه وخدماته الملايين‮!‬

ليس تطاولا أو تحاملا،‮ ‬لو قال قائل بأننا جميعا متورطون أو متواطئون في‮ ‬هذه‮ “‬الجريمة‮ ‬غير المقصودة‮” ‬أو‮ “‬القتل الخطإ‮”‬،‮ ‬فالوزارات الوصيّة والمسجد والصحافة ومصالح الأمن والقضاء والمجتمع المدني‮ ‬والحماية المدنية،‮ ‬وغيرهم من الأجهزة،‮ ‬عليهم أن‮ ‬يُغيّروا‮ “‬خطة المعركة‮” ‬حتى إن خسرناها لن تستمرّ‮ ‬الهزائم بخسران الحرب‮!‬

مقالات ذات صلة