منوعات
بحوث علمية وشواهد أثرية

4 دلائل تاريخية على أصول الملك شيشنق!

نادية شريف
  • 37173
  • 52
أرشيف

بالرغم من مرور أكثر من 30 قرنا على نهاية حكم الفراعنة في مصر، إلا أن تمثال الملك شيشنق الذي تم نصبه بولاية تيزي وزو، خلف جدلا كبيرا عبر 4 دول، كل منها تزعم انتماء الملك الفرعوني لها، وأن لديها دلائل قاطعة وشواهد تاريخية.

معركة التغريدات، لا تزال حامية الوطيس على توتير ونزاع المنشورات بلغ أشده في الفيسبوك، ومحل الخلاف هو جذور عائلة شيشنق، الذي حكم مصر، في الفترة الممتدة من 950 إلى 929 قبل الميلاد، هل هي ليبية أم جزائرية أم تونسية أم مصرية؟

4 دول و4 دلائل.. كل طرف يستشهد بلوحات وآثار ومخطوطات، فما هو أصل شيشنق؟

هكذا تعرّف العالم على شيشنق أو الفرعون الفضي!

تعرف العالم على الفرعون شيشنق بعد اكتشاف مقبرته من قبل الفرنسي البروفيسور مونيته في سنة 1940م والتي وجدت بكامل كنوزها ولم تتعرض للنهب، ولحجم الفضة التي عثر عليها بمقبرته سمي بالفرعون الفضي.

وبعد فحص الهيكل العظمي لشيشنق تم معرفة صفاته الجسدية منها أن طوله كان 1.66 سم وأنه كان قوي البنية ورأسه ضخم على جسده القصير وعينه اليمنى أعلى من عينه اليسرى وأنه توفي عن عمر 80 عاماً.

قائد أمازيغي أم ملك فرعوني؟

كثيرة هي الدراسات التي تحدثت عن القائد “شيشنق” الذي يعود نسبه إلى قبائل “المشواش” في مدينة “إهناسيا” الليبية، غير أن هذه الرواية في حد ذاتها نالت القسط الأكبر من الاختلاف بين الباحثين والمؤرخين.

هناك من يعتبره قائداً أمازيغياً، ومن يعتبره ملكاً فرعونياً، لكنها أجمعت على أن تاريخ 950 قبل الميلاد كان بمثابة “نقطة الصفر لبداية التقويم الأمازيغي”، الذي وصل هذا العام إلى عامه الـ2969.

ويعتبر الكاتب الجزائري الراحل عمار نقادي أول من وضع الرزنامة الأمازيغية الجديدة، التي اعتمدتها الجزائر لتحديد هذا اليوم عيدا وطنيا، وهو يوم 12 يناير الذي اعتبر بدء السنة الفلاحية لتزامنه مع اعتلاء الملك الأمازيغي “الليبي” شيشنق عرش الفرعونية المصرية عام 950 قبل الميلاد، بحسب بعض الروايات التاريخية.

شيشناق الليبي مذكور في التوراة!

شيشناق الليبي، من أبرز الأسماء الأمازيغية المشهورة في شمال أفريقيا، واعتبره مؤرخون أنه هزم الفرعون المصري، رمسيس الثالث، وأسس للأمازيغ تاريخا بأرض مصر.

وسمي حكمه بالأسرة الـ 22 التي تأسست في العام 945 قبل الميلاد على يد شيشناق (945 ق.م – 924 ق.م)، حيث قام بتوسيع حدود مصر الفرعونية لتشمل الشام، ليبيا، السودان في مملكة واحدة وفق بعض الأبحاث التاريخية.

ويؤكد مؤرخون أن شيشناق ذُكر اسمه في التوراة، تحديدا في سفر الملوك، بعدما قام بالاستيلاء على مدينة «أورشليم» القدس حاليا.

ولا تزال حتى هذه اللحظة آثار الملك شيشنق موجودة في متاحف متعددة، مثل متحف بروكلين في مدينة نيويورك الأمريكية، الذي يضم تمثال أبو الهول الخاص بالملك شيشنق، وهو في حالة جيدة.

شيشناق مصري ابن مصري!

استغرب الباحث المصري محمد الإدريسي، حسب منشور له تداوله ناشطون على فيسبوك من نصب تمثال شيشناق بالجزائر ووصفه بالمزيف.

وقال الإدريسي: “أمتلك الدليل القاطع أنه مصري ابن مصري، وأمتلك حتى ما دوّنه هو بخط يده على معابده وعن سيرته التي كتبها كفرعون مصري مبجل لأرض مقدسة”.

وأضاف: “ليس لدي أي نوايا سيئة ضد الأمازيغ بالعكس لهم كل الاحترام لكنني مجبر على الدفاع عن تاريخ بلادي وأجدادي”.

لوحة باسن حور وأصول الملك الأمازيغي

يعود الفضل في معرفة أصول شيشنق الأول والأسرة الـ22، حسب بعض المؤرخين إلى علم الأنساب أو لوحة باسن حور.

وتطرقت هذه اللوحة ونقوش مصرية عديدة لنفوذ هذه العائلة في البلاد، لاسيما على الصعيدين العسكري والديني، حيث تربط لوحة باسنهور أصل شيشناق الأول مباشرة بقبائل “المشواش” أو”مشونش” البربرية الليبية التي استقرت بأطراف دلتا وادي النيل، حول بوباستيس بداية من الأسرة الـ20.

ونجح أفراد عائلة شيشناق في التدرج في الأسرة الحاكمة، إلى غاية تمكن شيشناق الأول بصفته الرئيس الأعلى للجيش من اعتلاء سدة الحكم إثر وفاة أب زوجته بسوسنس الثاني من تانيس، ليؤسس بذلك للعائلة الفرعونية الـ22.

وتميز حكم شيشنق الأول بأحداث سياسية وعسكرية هامة، من بينها توحيد مصر الذي سمح له بضمان استقرار المملكة، إلى جانب توسيع أراضيه إلى فلسطين ولبنان شرقا والصحراء الليبية غربا، حسب المؤرخين.

وحسب مؤرخين مصريين فإن لوحة باسن حور المحفوظة الآن بمتحف اللوفر بباريس ذكرت أجداد شيشناق ونسب جده الثامن الفرعون شيشنق هو: شيشنق بن نمرود بن شيشنق بن باثوت بن نبنشي بن ماواساتا بن بويو واوا.

وهذه الدلائل، حسبهم، تؤكد أن الفرعون المصري شيشنق هو ابن الأرض المصرية، حسبهم، وحاولت بعض المؤلفات الليبية في عصر القذافي نسبه لليبيا باعتبار أن صحراء مصر الغربية تابعة لليبيا حسب القذافي!

الروايات عديدة والخلاف واحد!

اختلفت الروايات حول أصول القائد “شيشنق” بين من تقول إنه أمازيغي من جنوب ليبيا، واشتُهر بالعدالة وأخذ حق المستضعفين عندما كان ملكاً على قبيلته، ونجح في توحيد مصر وضم فلسطين إليها.

ومنها من تحدثت عن أصوله المصرية الفرعونية، وأنه لا علاقة له بالأمازيغية “إلا بوصف جده الخامس، وبأنه فرعوني بلغته ومصاهراته ولباسه ورموزه وعاداته وملامحه”، كما ذكر الباحث المغربي الدكتور رشيد الإدريسي في دراسته البحثية.

اختلفت الروايات أيضا حول معركته مع رمسيس الثالث أين وقعت، فالرواية الأولى تحدثت عن منطقة “بني سنوس”، الواقعة بالقرب من محافظة تلمسان بغرب الجزائر، والرواية الثانية، تشير إلى مدينة الأقصر المصرية.

ويستدل على ذلك الباحث التونسي أحمد الولهازي، في دراسته البحثية بالنقوش التاريخية المحفورة على أعمدة معبد الكرنك بمدينة الأقصر، التي توثق لهذا النصر العسكري، وكانت بداية لحكم شيشنق لمصر وتأسيسه الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، كما جاء في الدراسة، وهي الأسرة التي امتد حكمها من 950 قبل الميلاد إلى 817 قبل الميلاد.

ويرى الباحث المغربي، أحمد عصيد، أن المؤرخين اتفقوا على أن وثيقة وصول شيشنق الأول إلى عرش مصر، تمثل أقدم حدث تاريخي أمازيغي، وكان ذلك في عهد الملك سليمان، مشيرًا إلى أن شيشناق الأول لم يستولِ على العرش إثر معارك أو حروب، بل وصل إليه إثر ترقية متواصلة لعدة عناصر أمازيغية قدمت من ليبيا داخل جيش فرعون.

من الصعوبة تحديد جنسيته!

بحسب متابعين، للسجال الحاصل حول جنسية الفرعون الأمازيغي شيشناق، فإن من الصعوبة تحديده بجنسية وجغرافيا في يومنا هذا، كون المنطقة الجغرافية التي قدم منها شيشناق، وهي موطن الأمازيغ المعروف بليبيا كانت حدوده تشمل جميع دول المغرب اليوم، وكون شيشناق من أسر ومجتمع واسع الانتشار في ذلك النطاق الذي كان مسرحًا للأمازيغ.

وحسب المؤرخين؛ فإن المجال الجغرافي لموطن الأمازيغ الذي ينتمي له شيشناق، يبدأ من واحات غرب مصر شرقًا، وينتهي بسواحل الأطلسي غربًا، وتحده الصحراء الكبرى جنوبًا، مما يجعل من الصعوبة القول بتحديد جنسية وموطن محدد للقبائل التي سرحت في ذلك المجال الواسع حينها.

مقالات ذات صلة